بقلم روبير شعيب
روما، الثلاثاء 13 أكتوبر 2009 (Zenit.org). – من أراد أن يتعلم قيادة الدراجة الهوائية يحتاج إلى بعض التعليمات الأساسية والأولية التي تساعده على البدء في مغامرة القيادة. هذا لا يعني أنه يجب عليه في كل مرة أن يكرر هذه التعليمات بحزافيرها وبطريقة ميكانيكية. فالتعليمات الأولية تهدف إلى مساعدة المبتدئ على اكتشاف أسلوبه، فهي حافز لا حاجز.
من هذا المنطلق نود في هذه المقالة التي تتألف من ثلاثة أقسام أن ننظر في محركات ثلاثة ضرورية لكل صلاة حقيقية. نرتكز في مقالتنا هذه بشكل خاص على تعليم ملفان كبير للصلاة هو الأب أندريا غاسبارينو. الأب غاسبارينو هو مؤسس "حركة الأب دو فوكو التأملية الإرسالية"، وهو يشكل مرجعًا هامًا للشباب المسيحي في إيطاليا من خلال مدارس الصلاة التي أطلقها في مختلف أنحاء شبه الجزيرة والتي تتوجه بشكل خاص إلى الشبيبة.
يتعبر الأب غاسبارينو أن الصلاة الحقة تتضمن بالضرورة محركات ثلاثة هي التواضع، اختبار الحب، عيش المحبة. ويشرح معلم الصلاة أن "من يتعلم إدارة هذه المحركات الثلاثة يتعلم أن يصلي".
أولاً: التواضع
محرك الصلاة الأول هو التواضع. ولكنا بما أننا غالبًا ما نخلط بين التواضع الحقيقي وتحقير الذات الكاريكاتوري والسطحي، لا بد لنا أن نصحح مفهومنا. تعتبر القديسة تريزا الأفيلية أن التواضع هو اسم آخر للحقيقة. التواضع هو وقفة حقيقة أمام الواقع وأمام ذواتنا. وأسوة بها تقول القديسة تريز الطفل يسوع أن التواضع هو إقرار بالواقع: "يبدو لي أنه لو تسنى لزهرة صغيرة أن تتكلم، لأعربت ببساطة عما صنع إليها الله، دون أن تحاول إخفاء إحساناته، ولما قالت، بتواضع مزيف، إنها قبيحة المنظر لا عطر لها، وإن الشمس قد سلبتها تألقها، وإن العواصف قد كسرت ساقها، بينما تقر في داخلها بأنها على عكس ذلك" (القديسة تريز الطفل يسوع، قصة نفس، مخطوط أ، 3 ش).
ولذا عندما نقول أن أول التواضع هو محرك الصلاة الأول فإنما نقول أن "عمل الصلاة هو أن نكون صادقين وحقيقيين مع أنفسنا، أي أن نضع أنفسنا أمام الله كما نحن، لا كما نريد أن نكون. عندما أقوم للصلاة يجب على أن أقوم أمام الله بصدق وواقعية وسلامة نية، حتى لو كانت الحقيقة قاسية وفظة.
التواضع أمام الله هو مرادف لنزع الأقنعة التي غالبًا ما نلبسها في علاقاتنا مع الآخرين. ولعل ما يميز مسيرة التقدم الروحي هو الانتقال الصعب والمتطلب من حالة الرياء إلى حالة الحقيقة. فلنذكر أن يسوع يصف الشيطان منذ البدء بأنه كذاب وأبو الكذب حيث يقول: "لم يثبت على الحق لأنه ليس فيه شيء من الحق. فإذا تكلم بالكذب تكلم بما عنده لأنه كذاب وأبو الكذب" (يو 8، 44). أما في حديثه عن ذاته فيقول: "أنا أتكلم بالحق" (يو 8، 45)، بل يصرح في جوابه إلى توما "أنا الحق" (راجع يو 14،6).
والحقيقة ليست مسألة كلام فقط بل هي مسألة وجود، وجود بحسب الحق، بحسب حقيقة الله.
لكي نفهم بشكل أفضل أهمية هذا "المحرك" نذكر مثل الفريسي والعشار الذي ضربه يسوع لقوم كانوا يظنون أنهم أبرار، ويحتقرون سائر الناس: "صعد رجلان إلى الهيكل ليصليا، أحدهما فريسي والآخر عشار. فانتصب الفريسي قائما يصلي فيقول في نفسه: اللهم، شكرا لك لأني لست كسائر الناس السراقين الظالمين الفاسقين، ولا مثل هذا العشار. إني أصوم مرتين في الأسبوع، وأؤدي عشر كل ما أقتني. أما العشار فوقف بعيدا لا يريد ولا أن يرفع عينيه نحو السماء، بل كان يقرع صدره ويقول: اللهم ارحمني أنا الخاطئ !. أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبرورا وأما ذاك فلا. فكل من رفع نفسه وضع، ومن وضع نفسه رفع" (لو 18، 9 – 14).