“كثيرون من الأطفال محرومون من الحق في الحياة”
نيويورك، الثلاثاء 20 أكتوبر 2009 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي البيان الذي أدلى به يوم الخميس الفائت رئيس الأساقفة تشيلستينو ميليوري، مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة، حول تعزيز حقوق الطفل وحمايتها خلال الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
***
سيدي الرئيس،
فيما ننظر في تعزيز حقوق الطفل وحمايتها، نحيي أيضاً ذكرى اعتماد اتفاقية حقوق الطفل، الوثيقة المهمة التي ترمي إلى حماية حقوق الطفل ومصالحه.
على مر السنوات العشرين الماضية، حظيت هذه الاتفاقية بمصادقة أو انضمام حوالي مئتي دولة، وحظي البروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة بمصادقة حوالي 130 بلداً، والبروتوكول الاختياري حول بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية بمصادقة أكثر من 130 بلداً. تزايد الإجماع الدولي مع تنامي إدراك الحكومات للحاجة إلى حماية جميع الأطفال. في هذا الصدد، يشجع وفدي جميع الدول التي لم تقم بذلك على المشاركة في تعزيز الحماية القانونية للأطفال من خلال الانضمام إلى الاتفاقية والبروتوكولات أو المصادقة عليها. كما يدعو إلى التطبيق الصحيح لهذه الوثائق القانونية الذي يستلزم احترام الحق في الحياة الملازم لكل طفل.
يحمل تقرير حديث لليونيسيف أنباءً سارة: سجل المعدل العالمي لوفيات الأطفال دون الخامسة انخفاضاً مطّرداً خلال العقدين الأخيرين. مع ذلك، تظهر الإحصائيات مقتل أكثر من مليوني طفل في العقد الأخير في سياق النزاعات المسلحة، وإصابة 6 ملايين بإعاقات، وعشرات الآلاف بعاهات جراء الألغام المضادة للأفراد، وتجنيد أكثر من 300000 طفل.
في مناقشاتنا حول إنهاء العنف المرتكب ضد الأطفال، لا يسعنا إلا أن نذكر أن العديد من الأطفال محرومون من الحق في الحياة؛ وأن الانتقاء ما قبل الولادة يقضي على الأطفال المشتبه بإصابتهم بإعاقة وعلى الإناث فقط بسبب جنسهم؛ وأن الأطفال غالباً ما يصبحون الضحايا الأوائل للمجاعات والحروب؛ ويتشوهون جراء الذخائر غير المنفجرة، ويفتقرون إلى ما يكفي من غذاء ومسكن، ويُحرمون من التعليم، ويصابون بالإيدز والملاريا والسل من دون الحصول على أدوية، ويتم بيعهم إلى تجار البشر واستغلالهم جنسياً وتوظيفهم في مجموعات غير نظامية، وينزحون بسبب التهجير أو يجبرون على القيام بعمل منهك.
يتطلب القضاء على العنف المرتكب ضد الأطفال عمل الدولة والمجتمع على دعم العائلة ومنحها القدرة على الاضطلاع بمسؤوليتها. لا بد من أن تقوم الحكومات بدورها الشرعي في حماية حياة العائلة وتعزيزها نظراً إلى وجود روابط حيوية وأساسية تجمع بين العائلة والمجتمع. كذلك يجب أن يؤدي المجتمع المدني دوراً مهماً في دعم العائلة وإنهاء كافة أشكال العنف المرتكب ضد الأطفال. بدورها تعمل يومياً المؤسسات الاجتماعية والتربوية التابعة للكنيسة الكاثوليكية والتي يفوق عددها الـ 300000 على ضمان التربية للأطفال وتأمين إعادة دمج الأطفال ضحايا الإساءة والإهمال في عائلاتهم وفي المجتمع.
في التشاورات حول تعزيز حقوق الطفل وحمايتها، قد تحدث مع الأسف نزعة إلى التحدث عن العلاقة بين الطفل والدولة فيما يتم تقليص دور الأهل عن غير قصد. في هذا الصدد يشدد وفدي على أهمية العائلة في حياة كل طفل وعلى أنه يجب على كل تشريع حول الطفل أن يأخذ بالاعتبار دور الأهل الأساسي لأن الأطفال يولدون من أب وأم ضمن الجماعة الأساسية أي العائلة. ليس من المستغرب أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكد على أن “العائلة هي الوحدة الطبيعية والأساسية في المجتمع وهي تستحق الحماية من قبل المجتمع والدولة” (المادة 16، 3)، وأن “الأمومة والطفولة تستحقان رعاية خاصة” و”جميع الأطفال المولودين ضمن إطار الزواج أو خارجه يستحقون الحماية الاجتماعية عينها” (المادة 25، 2). هذه التأكيدات ليست مفاهيم مفروضة من الخارج وإنما مبادئ تكاملية مستمدة من طبيعة الإنسان.
هذه السنة، تستمر الجمعية العامة في النظر في حق الطفل في التعبير عن وجهة نظره بحرية في كل المسائل المؤثرة فيه، وتركز على أهمية الإصغاء إليه. يحتاج جميع الأطفال إلى أن تحظى كرامتهم بالاحترام الكامل لأنهم بشر. إن الاتفاقية حول حقوق الطفل لا تشتمل بوضوح على مادة حول الحق في المشاركة. مع ذلك، تشتمل الاتفاقية على مواد تأخذ بالاعتبار مشاركة الأطفال مثلاً في التعبير عن وجهة نظرهم فتكون مسموعة (المادة 12). من خلال النظر في التطبيق الفعلي لمشاركة الأطفال، يجب أن نتذكر دوماً، بحسب نص الاتفاقية، أن الدول الأطراف مدعوة إلى “احترام مسؤوليات الأهل وحقوقهم وواجباتهم… وتوفير توجيه وإرشاد مناسبين في تطبيق الطفل لحقوقه المعلن عنها في الاتفاقية، وذلك وبطريقة متناغمة مع قدرات الطفل المتطورة” (المادة 5).
في هذه المناسبة، يعيد الكرسي الرسولي التأكيد على قلقه الدائم حيال مصلحة وحماية كل الأطفال وعائلاتهم، ويستمر في دعوة كل الدول إلى التصرف بالمثل باندفاع متجدد لأن كل الاطفال يستحقون أن يكبروا في بيئة مستقرة وصحية انسجاماً مع كرامتهم.
شكراً سيدي الرئيس
ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)