رسالة بندكتس السادس عشر ليوم الأغذية العالمي

Share this Entry

“الحصول على الغذاء حق أساسي للأفراد والأمم”

حاضرة الفاتيكان، الثلاثاء 20 أكتوبر 2009 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الرسالة التي بعثها بندكتس السادس عشر إلى جاك ضيوف، مدير عام منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة التي تتخذ من روما مقراً لها، بمناسبة يوم الأغذية العالمي.

هذا اليوم الذي يوافق في 16 أكتوبر من كل سنة يحيي ذكرى تأسيس الفاو سنة 1945، ويحمل هذه السنة شعار: “تحقيق الأمن الغذائي في زمن الأزمات”.

***

إلى السيد جاك ضيوف

مدير عام منظمة الفاو

إن كان الاحتفال بيوم الأغذية العالمي يلفت إلى ذكرى تأسيس منظمة الفاو وعملها في مكافحة الجوع وسوء التغذية، فإنه يشدد أولاً على ضرورة التدخل الفوري لصالح كل المحرومين من الخبز اليومي في العديد من البلدان، بسبب انعدام الظروف الملائمة للأمن الغذائي.

هذه الأزمة الراهنة التي ضربت كل قطاعات الاقتصاد من دون استثناء، تؤثر بشكل خطير على العالم الزراعي الذي يشهد وضعاً مأساوياً. إنها تدعو الحكومات والمجتمع الدولي إلى اتخاذ خيارات حاسمة وفعالة.

إن ضمان حصول الأفراد والأمم على إمكانية التغلب على آفة الجوع يعني ضمان حصولهم الفعلي على تغذية صحية ومناسبة. إنه في الواقع تعبير ملموس عن الحق في الحياة الذي غالباً ما لا يمنح بالكامل على الرغم من إعلانه رسمياً.

إن شعار يوم الأغذية العالمي الذي اختارته منظمة الفاو لهذه السنة هو “تحقيق الأمن الغذائي في زمن الأزمات”. هذا ما يدعونا إلى اعتبار العمل الزراعي عنصراً أساسياً في الأمن الغذائي وجزءاً لا يتجزأ من النشاط الاقتصادي. لذلك، يجب أن تكون الزراعة قادرة على الحصول على مستوى كافٍ من الاستثمارات والموارد. هذا الشعار يذكرنا ويجعلنا نفهم أن خيرات الأرض محدودة وأنها تتطلب سلوكاً مسؤولاً وقادراً على تعزيز الأمن الغذائي والتفكير بالأجيال المستقبلية. لذلك فإن التضامن العميق والأخوة الطويلة الأمد أساسيان.

يتطلب بلوغ هذه الأهداف تعديلاً ضرورياً في أساليب العيش وطرق التفكير. ويجبر الأسرة الدولية ومؤسساتها على التدخل المناسب والحاسم. أرجو أن يؤدي هذا التدخل إلى تعزيز تعاون يحمي طرق الزراعة الخاصة بكل منطقة ويتجنب الاستخدام غير المدروس للموارد الطبيعية. كذلك أرجو أن يحافظ هذا التعاون على القيم الخاصة بالعالم الريفي والحقوق الأساسية لعمال الأرض. ومن خلال طرح الامتيازات والمكاسب والرفاهية جانباً، ستتحقق هذه الأهداف لمصلحة الرجال والنساء والعائلات والجماعات التي تعيش في أفقر مناطق المسكونة والتي تعتبر الأكثر ضعفاً. كما أن التجربة تثبت أن الحلول التقنية منها المتقدمة أيضاً تفتقر إلى الفعالية في حال عدم ارتباطها بالإنسان العامل الأساسي الذي يشكل في بعده الروحي والمادي أساس كل نشاط وغايته.

ليس الحصول على الغذاء مجرد ضرورة أساسية، لا بل حقاً أساسياً للأفراد والأمم. قد يصبح واقعاً مؤدياً إلى الأمن في حال ضمان تنمية ملائمة في مختلف المناطق. وسيصبح التغلب على مأساة الجوع ممكناً فقط من خلال “اجتثاث أسبابها الهيكلية وتعزيز التنمية الزراعية في البلدان الأكثر فقراً من خلال الاستثمارات في البنى التحتية الريفية وأنظمة الري والنقل وتنظيم الأسواق وتشكيل ونشر تقنيات زراعية مناسبة قادرة على استخدام الموارد الإنسانية والطبيعية والاجتماعية والاقتصادية المتوفرة بشكل رئيسي على الصعيد المحلي على أفضل نحو ممكن” (المحبة في الحقيقة، رقم 27).

إن الكنيسة الكاثوليكية الأمينة لدعوتها التي تقتضي بقاءها على مقربة من الفقراء، تقدم تعزيزها ودعمها ومشاركتها للجهود المبذولة في سبيل السماح لكل الأمم والجماعات بالحصول على الوسائل اللازمة لضمان مستوى مناسب من الأمن الغذائي.

حضرة المدير العام، إنني مع هذه التمنيات أجدد التعبير عن فائق الاحترام وأبتهل أن تحل البركات السماوية الوافرة على منظمة الفاو والدول الأعضاء وجميع موظفيها.

في الفاتيكان، 8 أكتوبر 2009

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية

ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير