البابا يستقبل السفير الإيراني الجديد لدى الكرسي الرسولي

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

حاضرة الفاتيكان، الجمعة 30 أكتوبر 2009 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي وجهها البابا للسفير الإيراني الجديد لدى الكرسي الرسولي، السيد علي أكبر ناصري لدى استقباله صباح البارحة بمناسبة تسليم أوراق اعتماده:

***

سعادة السفير،

يسعدني أن أستقبلكم في هذا اليوم الذي تقدمون فيه الأوراق التي تفوضكم سفيراً استثنائياً ومطلق الصلاحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الكرسي الرسولي. أعبر لكم عن شكري على الكلمات الطيبة التي وجهتموها لي والتنميات التي نقلتموها إلي باسم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمود أحمدي نجاد. سأكون في غاية الامتنان لكم لو شكرتموه بالنيابة عني وأكدتم له على تمنياتي القلبية للأمة جمعاء.

إن حضوركم هنا في هذا الصباح يعكس اهتمام بلادكم بتطوير العلاقات الجيدة مع الكرسي الرسولي. سعادة السفير، إنكم تعلمون أن الكرسي الرسولي يرغب من خلال حضوره في الهيئات الدولية وعلاقاته الثنائية مع العديد من البلدان، في الدفاع عن كرامة الإنسان وحمايتها. كذلك يرغب في أن يكون في خدمة مصلحة الأسرة البشرية مع الاهتمام بخاصة بالجوانب الأخلاقية والإنسانية للعلاقات بين الشعوب. من هنا، يود الكرسي الرسولي ترسيخ علاقاته مع الجمورية الإسلامية الإيرانية وتعزيز التفاهم المتبادل والتعاون معها من أجل الخير العام.

إن إيران أمة كبيرة تشتمل على تقاليد روحية بارزة ويتمتع شعبها بحس ديني مرهف وعميق. هذا ما يشكل ربما أملاً في انفتاح متنامٍ وتعاون قائم على الثقة مع الأسرة الدولية. من جهته، يعبر الكرسي الرسولي عن استعداده الدائم للعمل بوفاق مع جميع الأشخاص الذين يخدمون قضية السلام ويعززون الكرامة التي منحها الخالق لكل إنسان. اليوم، لا بد لنا جميعاً من توقع ودعم مرحلة جديدة من التعاون الدولي المبني بصورة أوسع على مبادئ إنسانية وعلى مساعدة المتألمين بشكل فعال، من غير الاعتماد على الحسابات الباردة للتبادلات والمكاسب التقنية والاقتصادية.

يجب أن يقرب الإيمان بالله الواحد جميع المؤمنين من بعضهم البعض ويحثهم على العمل معاً من أجل الدفاع عن القيم البشرية الأساسية وتعزيزها. من بين الحقوق العالمية، تشغل الحرية الدينية وحرية الضمير مركزاً أساسياً لأنهما أساس الحريات الأخرى. أما الدفاع عن الحقوق الأخرى الناشئة عن كرامة الأفراد والشعوب، منها بخاصة تعزيز حماية الحياة والعدالة والتضامن، فإنه يجب أن يكون موضوع تعاون حقيقي. إضافة إلى ذلك، وكما سبق لي أن ذكرت في عدة مناسبات سابقة، تعتبر إقامة العلاقات الودية بين المؤمنين من مختلف الديانات ضرورة ملحة في زماننا من أجل بناء عالم أكثر إنسانية وأكثر تطابقاً مع مخطط الله للخلق. لذا يسرني وجود لقاءات تعقد بانتظام منذ سنوات عديدة بين المجلس الحبري للحوار بين الأديان ومنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية حول مواضيع متعلقة بالمصلحة العامة. فمن خلال الإسهام في البحث عن الأمور الصحيحة والفعلية، تسمح لقاءات مماثلة للجميع بالتقدم في المعرفة المتبادلة وبالتعاون في التأمل في المسائل الهامة المؤثرة على حياة البشرية.

من جهة أخرى، يتواجد المسيحيون في إيران منذ أوائل قرون المسيحية ولطالما شكلوا جزءاً أساسياً في حياة الأمة وثقافتها. هذه الجماعة هي حقاً إيرانية تخدم تجربتها العلمانية القائمة على التعايش مع المؤمنين المسلمين في تعزيز التفاهم والتعاون. إن الكرسي الرسولي يثق بأن السلطات الإيرانية قادرة على منح المسيحيين حرية المجاهرة بإيمانهم وضمان شروط الوجود الأساسية للجماعة الكاثوليكية، منها بخاصة إمكانية حصولها على مجموعة كافية من رجال الدين وتسهيلات التنقل في البلاد لضمان تقديم الخدمة الدينية للمؤمنين. من هنا أتمنى أن يتطور حوار واثق وصادق مع مؤسسات البلاد في سبيل تحسين ظروف الجماعات المسيحية ونشاطاتها ضمن المجتمع المدني وتنمية حس انتمائها إلى الحياة الوطنية. من جهته يتمنى الكرسي الرسولي الذي يعنى مباشرة بطبيعته ورسالته بحياة الكنائس المحلية أن يقوم بالجهود اللازمة لمساعدة الجماعة الكاثوليكية في إيران على الحفاظ على رموز الوجود المسيحي، بروح من التفاهم مع الجميع.

سعادة السفير، أود في الختام أن أنتهز هذه الفرصة السعيدة لتوجيه التحيات الحارة إلى الجماعات الكاثوليكية المقيمة في إيران وإلى رعاتهم. يبقى البابا قريباً من جميع المؤمنين ويصلي من أجلهم لكيما يتعاونوا بسخاء مع جميع شركائهم في الوطن من أجل تنمية الأمة، من خلال الحفاظ على هويتهم الخاصة والتشبث بأرضهم.

سعادة السفير، فيما تستهلون مهمتكم لدى الكرسي الرسولي، أوجه لكم أطيب التمنيات بالنجاح. كما أؤكد لكم أنكم ستجدون لدى معاونيّ التفاهم والدعم الضروريين لإنجاز هذه المهمة.

أبتهل من كل قلبي حلول وفرة بركات العلي عليكم، وعلى عائلاتكم ومعاونيكم وجميع الإيرانيين.

ترجمة وكالة زينيت العالمية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير