بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الأحد 25 أكتوبر 2009 (Zenit.org). – احتفل البابا بندكتس السادس عشر اليوم الأحد بقداس إلهي ختم فيه الجمعية الثانية الخاصة بإفريقيا لسينودس الأساقفة، والتي استمرت اجتماعاتها لمدة ثلاثة أسابيع في الفاتيكان.

انطلق البابا في عظته من رسالة الرجاء التي يوجهها سفر الخروج "لقد نظرت إلى بؤس شعبي... سمعت صراخه... أعرف آلامه. وأتيت لأحرره، لأخرجه نحو أرض جميلة وشاسعة، نحو أرض تدر لبنًا وعسلاً" (خر 3، 7 – 8)، مشيرًا إلى أن هذه الكلمات تتوجه اليوم إلى الكنيسة في إفريقيا.

وقال أسقف روما: "إن مشروع الله لا يتبدل. عبر العصور وعبر تحولات التاريخ، يشير مشروع الله دومًا إلى الهدف عينه: إلى ملكوت الحرية والسلام للجميع"، شارحًا أن هذا يعني "الخيار التفضيلي لمن هو محروم من الحرية ومن السلام، لمن انتُهكت كرامته البشرية" مشيرًا إلى الإخوة والأخوات في إفريقيا الذين يعانون من الفقر، والأمراض، والظلم، والحروب، والعنف، والهجرة المفروضة فرضًا.

ثم انتقل إلى التعليق على إنجيل اليوم الذي يتحدث عن أعمى أريحا فقال: "إن برطيماوس الذي نال الشفاء فتبع يسوع في الطريق، هو صورة البشرية المستنيرة بالإيمان والتي تسير نحو أرض الميعاد. يضحي برطيماوس بدوره شاهدًا للنور، ويخبر مبينًا أنه شفي، وتجدد، وولد من جديد".

وبالتعليق على مجريات السينودس، صرح البابا أن الخبرة السينودسية تحمل إلى التعمق بالقناعة بأنه لا بد من عيش تعليم الكنيسة الاجتماعي في حقل العولمة، هذا التعليم الذي يشدد على مبدأ التعاضد، والمساواة في استخدام خيرات الأرض.

وقال الأب الأقدس في هذا الصدد: "إن النظرة التي تبنتها الكنيسة دومًا في عقيدتها الاجتماعية بشأن الإنسان والمجتمع باتت الآن أمرًا تتطلبه العولمة أيضًا" وأضاف: "هذه الأخيرة، لا يجب فهمها كواقع حتمي كما ولو كانت دينامياتها وليدة عوامل مجهولة غير شخصانية ومستقلة عن الإرادة البشرية".

ثم تابع الحديث عن العولمة فقال: "العولمة هي واقع بشري، ومن هذا المنطلق يمكن تغيرها بحسب التركيبة الثقافية المحلية. والكنيسة تعمل انطلاقًا من مفهومها الشخصاني والجماعي لكي توجه ظاهرة العولمة من منطلق علائقي، ومنطلق أخوة وشركة".

وبالعودة إلى الإنجيل علق البابا على هذه الكلمات –  "تشجع، وانهض!..." – فقال: "بهذا الشكل يتوجه رب الحياة والرجاء اليوم إلى الكنيسة وإلى الشعوب الإفريقية، في ختام هذه الأسابيع من التفكير السينودسي. انهضي، أيتها الكنيسة في إفريقيا، يا عائلة الله، وأصغي لدعوة الآب السماوي الذي كان أسلافك يدعونه كالخالق، قبل أن يتعرفوا على قربه الرحيم، الذي ظهر في ابنه الوحيد، يسوع المسيح. التزمي مسيرة تبشير جديد يتحلى بالشجاعة الآتية من الروح القدس".

وأشار إلى أن العمل التبشيري الطارئ الذي جرى الكلام عنه خلال السينودس "يتطلب دعوة ملحة للمصالحة، كشرط لا بد منه لإعادة العلاقات العادلة بين البشر في إفريقيا ولبناء سلام عادل ودائم يحترم كل شخص وكل الشعوب"، وأوضح أن هذا السلام يحتاج "لكل ذوي الإرادة الصالحة ولإسهامهم بغض النظر عن انتمائهم الديني، العرقي، اللغوي، الثقافي والاجتماعي".

وفي الختام دعا البابا الآباء السينودسيين إلى حمل نداء السينودس إلى شعوبهم بالقول: "بعودتكم إلى بيوتكم، يا رعاة كنيسة إفريقيا، احملوا بركتي إلى جماعاتكم. احملوا إلى الجميع النداء الذي تردد صداه غالبًا في السينودس: نداء المصالحة، العدالة والسلام".