رسالة بندكتس السادس عشر لبرتلماوس الأول

بمناسبة عيد القديس أندراوس

روما، الأربعاء 02 ديسمبر 2009 (Zenit.org) – بمناسبة عيد القديس أندراوس، أخ القديس بطرس وحامي البطريركية المسكونية، وجه بندكتس السادس عشر رسالة إلى البطريرك المسكوني برتلماوس الأول.

في ختام الاحتفال الذي أقيم صباح الاثنين في الفنار، تسلم البطريرك المسكوني الرسالة التي وقعها البابا من الكاردينال كاسبر. ننشر في ما يلي نص الرسالة.

***

إلى قداسة البطريرك المسكوني برتلماوس الأول

رئيس أساقفة القسطنطينية،

يسرني أن أتوجه إلى قداستكم بمناسبة زيارة الوفد الذي يرأسه أخي الحبيب الكاردينال والتر كاسبر، رئيس المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين، الذي أوكلت إليه مهمة إبلاغكم تحياتي الأخوية الحارة بمناسبة عيد القديس أندراوس، أخ القديس بطرس وحامي البطريركية المسكونية. في هذه المناسبة السعيدة التي تحيي ذكرى ولادة الرسول أندراوس في الحياة الأبدية، الرسول الذي توج إيمانه بالرب بالشهادة، أعبر أيضاً عن ذكري الموقر للسينودس المقدس، والإكليروس وجميع المؤمنين الذين يستمرون بفضل اهتمامكم الرعوي وإرشاداتكم بالشهادة لإنجيل يسوع المسيح، حتى في ظل ظروف صعبة.

إن ذكر القديسين الشهداء يدفع جميع المسيحيين إلى الشهادة لإيمانهم أمام العالم. هذه الدعوة ملحة بخاصة في أيامنا هذه حيث تواجه المسيحية تحديات أكثر تعقيداً. فشهادة المسيحيين تصبح أكثر مصداقية إن كان المؤمنون بالمسيح “قلباً واحداً ونفساً واحدة” (أع 4، 32).

لقد التزمت كنائسنا بصدق خلال العقود الأخيرة بالمضي قدماً على درب إصلاح الشركة التامة. وعلى الرغم من أننا لم نبلغ هدفنا بعد، إلا أن هناك العديد من الخطوات المتخذة التي تسمح لنا بترسيخ علاقاتنا. إن صداقتنا واحترامنا المتبادل، وإرادتنا على التلاقي والاعتراف ببعضنا البعض كإخوة في المسيح يجب ألا يعوقها الأشخاص الذين ما يزالون مرتبطين بذكرى الاختلافات التاريخية التي تمنعهم من الانفتاح على الروح القدس المرشد للكنيسة والقادر على تحويل كل الإخفاقات البشرية إلى فرص للنجاح.

لقد أرشد هذا الانفتاح عمل اللجنة الثنائية الدولية للحوار اللاهوتي التي عقدت جلستها العامة الأخيرة في قبرص خلال الشهر الماضي. واتسم اللقاء بروح من النوايا الحسنة والشعور بالقرب. أجدد خالص امتناني لكنيسة قبرص على استقبالها السخي واستضافتها. ومن المشجع جداً أن جميع الكنائس الملتزمة باللجنة الدولية عبرت عن نيتها باستكمال الحوار على الرغم من بعض المصاعب وسوء الفهم.

من المؤكد أن شعار الجلسة العامة – دور أسقف روما بالاتحاد مع كنيسة الألفية الأولى – معقد، ولكنه يتطلب دراسة كاملة وحواراً صبوراً إن كنا نطمح إلى انسجام مشترك بين تقاليد الشرق والغرب. تفهم الكنيسة الكاثوليكية الخدمة البطرسية كهبة من الرب لكنيسته. ويجب ألا تترجم هذه الخدمة من منظور السلطة، وإنما ضمن روح شركة كنسية وخدمة الوحدة في الحقيقة والمحبة. يعتبر أسقف كنيسة روما الذي يسهر على المحبة (القديس اغناطيوس الأنطاكي) ككبير خدام الله (القديس غريغوريوس العظيم). هكذا، تقوم المسألة كما كتب سلفي الحبيب خادم الله يوحنا بولس الثاني، وكما قلت بمناسبة زيارتي إلى الفنار في نوفمبر 2006، على البحث معاً، من خلال الاستلهام من مثال الألفية الأولى، عن أشكال تنجز من خلالها خدمة أسقف روما خدمة محبة يعترف بها الجميع (ليكون الجميع واحداً، 95). فلنسأل الله إذاً أن يباركنا، والروح القدس أن يرشدنا على هذه الدرب الصعبة وإنما الواعدة.

مع ذلك، وحتى خلال هذه الرحلة نحو الشركة التامة، يجب أن نقدم شهادة مشتركة بالعمل معاً في خدمة البشرية، وبخاصة بالدفاع عن كرامة الإنسان، والتأكيد على القيم الأخلاقية الأساسية، وتعزيز العدالة والسلام، والاستجابة للمعاناة التي ما تزال تفتك بعالمنا، منها بخاصة الجوع والفقر والأمية والتوزيع المجحف للموارد.

أكثر من ذلك، تستطيع كنائسنا أن تعمل على لفت انتباه البشرية إلى حماية الخليقة. في هذا الصدد، أعبر مجدداً عن تقديري لقيمة المبادرات العديدة التي دعمتموها وشجعتموها والتي شهدت لهبة الخلق. فقد ظهر التزامكم من خلال المؤتمر الأخير حول “الديانة والعلم والبيئة” المكرس لنهر الميسيسيبي، ولقاءاتكم في الولايات المتحدة مع ممثلين بارزين عن الأوساط السياسية والثقافية والدينية.

في عيد الرسول أندراوس، أعبر لقداستكم وللبطريركية المسكونية عن تقديري وقربي الروحي، وأسأل الله الثالوث أن يمنح بركات وافرة من النعمة والمعرفة لخدمتكم الرفيعة، ولخير الكنيسة.

بهذه المشاعر، أعانقكم أخوياً باسم ربنا الواحد يسوع المسيح، وأجدد صلاتي ليكون سلام ربنا ونعمته مع قداستكم ومع جميع الموكلين إلى قيادتكم الرعوية السامية.

من الفاتيكان، في 25 نوفمبر 2009

البابا بندكتس السادس عشر

ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

Share this Entry

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2009

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير