المَسيحُ حَرَّرَنا لِنكونَ أحرارًا

Share this Entry

بقلم الخوري نسيم قسطون

القبيات، الجمعة 4 ديسمبر 2009 (Zenit.org) . – نقدم نص رسالة  قداس الأحد بحسب الطقس الأنطاكي السرياني الماروني مع تعليق مقتبس من “نشرة الأحد” – موقع القبيات الإلكتروني.

* * *

مدخل

 

–             أحد مولد يوحنا المعمدان هو الأحد الرابع من زمن الميلاد وتدعونا الكنيسة فيه، من خلال نصّين من الرسالة إلى أهل غلاطية ومن إنجيل لوقا، إلى تأمّل تحقّق وعد الله في حياة كل من يعمل بمشيئة الله التي تحرّره من إسار التقاليد والأعراف البالية!

–             ففي الرسالة إلى أهل غلاطية نتأمّل في دعوة مار بولس إلينا ﻟ”نكون أحراراً” فلا نعود إلى “نير العبوديّة”! والمقصود طبعاً “حرف الشريعة لا روحها!

–             أمّا في إنجيل لوقا فنجد نموذجاً صارخاً للحريّة في شخص كاهن هو زكريا وامرأة تقليديّة هي أليصابات! حيث أطاحا بكلّ الأعراف في سبيل تحقيق مشيئة وكلام الله!

–             ففي هذا الأحد، تدعونا الكنيسة، لنكون في عداد “الأحرار” الّذين يختبرون الحريّة الناجمة عن بنوّتهم لّله، فهل نحن منهم؟!

 

صلاة

 

نَشكُرُكَ أيّها الآب السماوي، يا من “تحنّنت” فأرسلت إلينا ابنك يسوع المسيح ليحرّرنا بموته وقيامته والروح القدس ليستكمل فينا تحقيق الفداء.

نَشكُرُكَ أيّها الابن المسيح، يا من “حَرَّرَنا لِنكونَ أحرارًا”، بقولنا وأفعالنا وشهادتنا.

نَشكُرُكَ أيها الرّوح القدس، يا من تمنحنا موهبة التمييز لنعمل بمشيئة الله في كلّ لحظة من حياتنا.

هب لنا، أيها الثالوث الأقدس، أن نسارع إلى تنفيذ وصاياك على مثال  زكريا وأليصابات فنمهّد بذلك سبيل الإيمان أمام إخوتنا البشر، على مثال يوحنّا الّذي هيّأ الطريق أمامك، فيتمجّد بنا وبكلّ شيء اسمك المبارك في كلّ آنٍ وأوانٍ وإلى دهر الداهرين، آمين.

 

الرسالة

 

21قولوا لي، أنتُمُ الذينَ يُريدونَ أنْ يكونوا في حُكمِ الشَّريعَةِ أما تَسمَعونَ الشَّريعَة

22يقولُ الكِتابُ كانَ لإبراهيمَ ا‏بنانِ، أحَدُهُما مِنَ الجارِيَةِ والآخرُ مِنَ الحُرَّةِ.

23أمَّا الذي مِنَ الجارِيَةِ فوُلِدَ حسَبَ الجسَدِ، وأمَّا الذي مِنَ الحُرَّةِ فوُلِدَ بِفَضلِ وَعدِ اللهِ.

24وفي ذلِكَ رَمزٌ، لأنَّ هاتَينِ المَرأتَينِ تُمَثِّلانِ العَهدَينِ. فإحداهُما هاجَرُ مِنْ جبَلِ سيناءَ تلِدُ لِلعُبودِيَّةِ،

25وجبَلُ سيناءَ في بِلادِ العَرَبِ، وهاجَرُ تَعني أُورُشليمَ الحاضِرةَ التي هِيَ وبَنوها في العُبودِيَّةِ.

26أمَّا أُورُشليمُ السَّماوِيَّةُ فَحُرَّةٌ وهِـيَ أُمُّنا،

27فالكِتابُ يَقولُ إفرَحي أيَّتُها العاقِرُ التي لا وَلَدَ لَها. إهتِفي وتَهَلَّلي أيَّتُها التي ما عَرَفَت آلامَ الوِلادَةِ فأبناءُ المَهجورَةِ أكثرُ عَدَدًا مِنْ أبناءِ التي لها زَوجٌ.

28فأنتُم، يا إخوَتي، أبناءُ الوَعدِ مِثلُ إسحقَ.

29وكما كانَ المَولودُ بِحُكمِ الجسَدِ يَضطَهِدُ المَولودَ بِحُكُمِ الرُّوحِ، فكذلِكَ هيَ الحالُ اليومَ.

30ولكِنْ ماذا يَقولُ الكِتابُ يَقولُ ا‏طرُدِ الجارِيَةَ وا‏بنَها، لأنَّ ا‏بنَ الجارِيَةِ لنْ يَرِثَ معَ ا‏بنِ الحُرَّةِ.

31فما نَحنُ إذًا، يا إخوَتي، أبناءُ الجارِيَةِ، بَلْ أبناءُ الحُرَّةِ.

1فالمَسيحُ حَرَّرَنا لِنكونَ أحرارًا. فا‏ثبُـتوا، إذًا، ولا تَعودوا إلى نِـيرِ العُبودِيَّةِ.

 (غل 421 – 51)

 

تأمّل من وحي الرسالة

في رسالة اليوم، أحد زيارة العذراء لأليصابات، يدعو مار بولس المؤمنين، بشخص أهل غلاطية، ليكونوا “أحرارا” ويحذّرهم من العودة إلى “نير العبوديّة”.

سنستعيد في هذا الإطار ما كتبناه في نشرة نفس الأحد في السنة المنصرمة، لما حمله من واقعية وأسئلة برسم الإجابة، ما فتئت مواضيعها آنيّة وملزمة لفحص الضمير!

“… يعلّمنا المجتمع الحديث أن الحريّة هي مسألةٌ شخصيّة تضبطها قوانينٌ وأنظمّةٌ تنشؤها أو تسقطها إرادة الناس، في النظام الديموقراطيّ، أو إرادة الحاكم في الأنظمة الديكتاتوريّة:

·       في النظام الديكتاتوريّ، يبدو جلياً أن الحريّة تعاني من الحدود التي يقرّرها مزاج أو طبع أو ميل الحاكم، بحيث لا يشكّ عاقلٌ بأنّ أنواعاً كثيرة منها تختفي أو تعاش بحدّها الأدنى كحريّة الدين أو المعتقد أو الرأي …

·       أما في النظام الديموقراطيّ، حيث تخضع الأقليّة إجمالاً لحكم الأكثريّة، تصبح مسألة الحريّة أكثر نسبيّة فالنظام العام يؤمّن الحريات الأساسيّة كحريّة الدين أو المعتقد أو الرأي ويبقى للقانون أن يحدّد أشكال ممارستها بشكلٍ لا تتضارب هذه الحريات ببعضها ببعض.

مع تفضيلنا طبعاً للنوع الثاني على الأوّل، نجد أن جملة شوائب تنشأ في هذه الحالة ومنها:

·       تناقض القانون مع القيم الدينيّة كمثل حالة تشريع الإجهاض أو زواج المثليين أو إباحة القتل الرحيم.

·       تناقض القانون مع القيم الاجتماعيّة كمثل التشريع للإنجاب خارج الزواج والعائلة أو التشريع لصالح تمرّد الأولاد على والديهم بمجرّد بلوغهم ال18.

·       تناقض القانون مع ذاته حين يدافع المشرّع عن حياة البعض عن طري
ق قتل البعض الآخر كمسألة تشريع الإعدام.

·       تناقض القانون مع حقّ الأضعف بالحياة كمثل حرمان من لا يعمل من التغطية الاجتماعية (تخيّلوا أين؟ … الولايات المتّحدة الأميريكيّة)!

هل يكفي إذاً اتّفاق مجموعةٍ من الناس حول مسألة ما لتبريررها قانونياً أو أخلاقياً خاصّةً أنّه، في مرّاتٍ عديدة، يتناقض القانون أو رأي الناس أو منطق الناس مع معطيات الإيمان مما يسبّب للمؤمن الحيرة والقلق.

ما هو الحلّ هنا؟

يجيب مار بولس، في هذه الرسالة: “فالمَسيحُ حَرَّرَنا لِنكونَ أحرارًا. فا‏ثبُـتوا، إذًا، ولا تَعودوا إلى نِـيرِ العُبودِيَّةِ”.

الجواب إذاً جليّ فإذا كان المسيح هو الّذي حرّرنا بموته وقيامته فكلّ ما يتناقض مع تعاليمه يردّنا إلى مصاف العبوديّة:

·       فكيف أكون حراً إذا ارتكبت جريمةً موصوفة ولو كان اسمها ملطّفاً كالإجهاض أو القتل الرحيم (!!!) وفي الكتاب المقدّس وصيّة واضحة: “لا تقتل” (تكوين 2013).

·       كيف أكون حراً إذا كان المال همّي الأول والأخير في حين أن يسوع أوصانا ألّا نعبد ربّين: الله والمال (متى 624)؟

·       كيف أكون حرّاً إذا ما استعبدتني الشهوة ولو اعتبر الناس ممارسة الجنس خارج الزواج حريّة (!!!) في حين أن مار بولس واضح بالقول:” أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُم هيَ أَعْضَاءٌ لِلمَسِيح؟ فَهَل أَنْزِعُ أَعْضَاءَ الـمَسِيحِ وأَجْعَلُهَا أَعْضَاءً لِزَانِيَة؟ حَاشَا!” (1 كور 615)؟

·       كيف أكون حرّاً خارج كنيسة المسيح  الّذي نبّهنا: “أَنَّ الغُصْنَ لا يَقْدِرُ أَنْ يَحْمِلَ ثَمَرًا مِنْ تِلْقَاءِ ذَاتِهِ، إِنْ لَمْ يَثْبُتْ في الكَرْمَة، كَذـلِكَ أَنْتُم أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ.” (يو 154)؟

·       كيف أكون حرّاً حين أعرف الحقّ وأبتعد عنه علماً أن المسيح قال: ” وتَعْرِفُوا الـحَقَّ، والـحَقُّ يُحَرِّرُكُم” (يو 832)؟

بمختصر مفيد، يأتي الجواب حول موضوع الحريّة لابساً ثوب سؤالٍ هو : هل أستطيع أن أكون حرّاً إذا كنت بعيداً عن الله؟!”

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير