كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في الأحد الثاني من زمن المجيء

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

“الإنجيل ليس أسطورة”

روما، الاثنين 07 ديسمبر 2009 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي التأمل الذي تلاه البارحة بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي، من نافذة مكتبه المطلة على ساحة القديس بطرس، وبحضور آلاف الزوار.

***

إخوتي وأخواتي الأعزاء،

في هذا الأحد الثاني من زمن المجيء، تقترح الليتورجيا مقطعاً إنجيلياً يحضر فيه القديس لوقا المشهد الذي سيظهر فيه يسوع ويبدأ مهمته العامة (لو 3: 1، 6). يسلط الإنجيلي الضوء على القديس يوحنا المعمدان المبشر بالمسيح، ويصف بدقة كبيرة الإحداثيات المكانية والزمنية لتبشيره.

ويكتب لوقا: “وفي السنة الخامسة عشرة من ملك القيصر طيباريوس؛ حين كان بيلاطس البنطي حاكماً على منطقة اليهودية، وهيرودس حاكم ربع على الجليل وأخوه على فيلبس حاكم ربع على إيطورية وإقليم تراخونيتس، وليسانيوس حاكم ربع على الأبلية؛ في زمان رئاسة حنانيا وقيافا للكهنة؛ كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا وهو في البرية” (لوقا 3: 1، 2). هناك أمران يلفتان انتباهنا. يتمثل الأول في وفرة الإشارات إلى كافة السلطات السياسية والدينية في فلسطين خلال سنتي 27 و28 م. فمن المؤكد أن الإنجيلي يرغب في إعلام القارئ والمستمع أن الإنجيل ليس أسطورة وإنما قصة حقيقية وأن يسوع الناصري شخصية تاريخية مدرجة في سياق محدد. أما العنصر الثاني الذي لا بد من ذكره فهو أن الفاعل يصبح، بعد هذا التمهيد التاريخي، “كلمة الله” الموصوف كقوة تنحدر من العلى وتحل على يوحنا المعمدان.

تصادف غداً الذكرى الليتورجية للقديس أمبروسيوس، أسقف ميلان العظيم. هنا أقتبس عنه تعليقاً على هذا النص الإنجيلي: “قبل جمع الكنيسة، يعمل ابن الله أولاً في خادمه المتواضع. لذلك يقول القديس لوقا أن كلمة الله حلت على يوحنا بن زكريا في البرية لأن الكنيسة لم تكن بداياتها على أيدي البشر، بل بفعل الكلمة” (حول إنجيل لوقا 2، 67). إن معنى ذلك هو التالي:  كلمة الله هو الذي يدفع التاريخ قدماً، ويلهم الأنبياء، ويعد الطريق للمسيح، ويدعو الكنيسة. يسوع هو الكلمة الإلهية الذي تجسد في أحشاء مريم البتول: فيه ظهر الله وكلمنا ومنحنا كل شيء فاتحاً لنا كنوز حقيقته ورحمته. يتابع القديس أمبروسيوس تعليقه قائلاً: “لقد انحدر الكلمة لكي تنتج الأرض ثماراً لنا بعد أن كانت قاحلة في السابق” (المرجع عينه).

أيها الأحباء، إن أجمل زهرة نشأت عن كلمة الله هي مريم العذراء. إنها بداية الكنيسة وحديقة الله على الأرض. ولكن، في حين أن مريم حبل بها بلا دنس – نحتفل بهذا العيد بعد غد – تحتاج الكنيسة دوماً إلى التطهر لأن الخطيئة تتربص بأفرادها.

تشهد الكنسة صراعاً دائماً بين الصحراء والحديقة، بين الخطيئة التي تجعل الأرض قاحلة والنعمة التي ترويها لتنتج ثمار القداسة الوافرة. فلنرفع صلواتنا إذاً لأم الرب لكيما تساعدنا في زمن المجيء على تقويم دروبنا والسير بهدي كلمة الله.

 

ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2009

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير