الكرسي الرسولي حول الأطفال والوفيات

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

“يجب أن تستمر الحكومات في تلبية احتياجات الأطفال الصحية الطارئة”

نيويورك، الخميس 15 أبريل 2010 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها رئيس الأساقفة تشيليستينو ميليوري، مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة، أمام لجنة السكان والتنمية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وذلك نهار الاثنين الفائت.

***

سيدي الرئيس،

فيما تلتئم لجنة السكان والتنمية وسط أزمة اقتصادية ومالية مستمرة، لا بد لنا من الإصغاء إلى رأي علماء الاقتصاد القائل بأن التغيرات الديموغرافية تشكل جزءاً من المشكلة ولا يمكن التغاضي عن كونها جزءاً مهماً من الحل. هذه الأزمة الديموغرافية التي أدت إلى خفض معدلات النمو السكاني السنوي خلال عقود قليلة من 7% إلى أقل من 1% في العديد من أنحاء العالم، بالتزامن مع شيخوخة السكان، خلفت تبعات مدمرة في الاقتصاد والحكم.

يبدو أن تصحيح النقص السكاني بالهجرة الدائمة لا يحل المشاكل حتى في الأمد القصير. هنا، لا بد من مراجعة السياسات الديموغرافية التي سببت تدني معدلات النمو السكاني إلى مستويات غير ثابتة، وإعادة هيكلتها مع سياسات اجتماعية مناسبة لتشجيع الولادات.

من بين القضايا المحددة لجلسة لجنة السكان والتنمية لهذه السنة والتي تشمل الصحة العالمية، والنسبة المرضية، والوفيات والتنمية، تركز الوثائق التحضيرية بشكل رئيسي على وفيات الأمهات.

ووفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة، فإن وفيات الأمهات يبلغ عددها حوالي نصف مليون سنوياً وتحصل 99% منها في البلدان السائرة في طور النمو. ولا تنتهي فقط حياة هذه الأمهات بمأساة، وإنما تبدأ أيضاً حياة أطفالهن بالاضطراب. ففي أعقاب ذلك، تتدنى فرصة بقاء أطفالهن الصغار على قيد الحياة مما يؤدي إلى تفكك عائلاتهن وإعاقة التنمية المحلية.

مع الأسف، تمثل هذه الوفيات غيضاً من فيض. ويقدر أن مقابل كل حالة وفاة، تعاني 30 امرأة أخرى من أذى صحي طويل الأمد كالناسور التوليدي. هذا الأذى الجسدي الذي يلحقه الناسور بهن يجعلهن منبوذات ومهمشات من قبل العائلة والمجتمع. فيعانين الألم والإذلال والإعاقة الدائمة في حال عدم تلقيهن العلاج. أما عدد هؤلاء الأمهات الضعيفات والشابات والمنسيات اللواتي يكابدن هذه المشكلة، ويتواجدن بخاصة في إفريقيا فربما يبلغ مليونين في شتى أنحاء العالم. تعتبر وفيات الأمهات والأطفال مخزية خاصة وأن الوقاية منها ومعالجتها ممكنتان.

تُجمع الهيئة التوليدية على أن الأمهات بحاجة إلى رعاية أساسية قبل الولادة، ومساعدين ماهرين في كل عمليات الولادة، وعناية متخصصة بالمضاعفات المهددة للحياة. مع ذلك، نجد أن البرامج المتمحورة حول تأمين الخدمات التي تضمن بقاء الأمهات والأطفال على قيد الحياة بعد الحمل تعاني نقصاً في التمويل.

إن الاستثمارات في برامج التربية والتنمية المستدامة من شأنها تزويد المجتمعات بوسائل تحسن الصحة. مع ذلك، تؤدي هجرة أصحاب المعارف والمهارات الطبية من البلدان السائرة في طور النمو إلى خسارة الخبرة والأفراد الذين يعتبر وجودهم ضرورياً لتحسين أنظمة الرعاية الصحية في هذه البلدان.

علاوة على ذلك، ينبغي على الحكومات أن تستمر في تلبية احتياجات الأطفال الصحية الطارئة حول العالم. فقد سجلت أكثر من 243 مليون حالة مالاريا أدت إلى موت 800000 شخص خلال سنة 2008 فقط. كما أن التهابات الجهاز التنفسي التي يمكن الوقاية منها ومعالجتها، وأمراض الجهاز الهضمي والأوبئة الناتجة عن تغذية غير مناسبة، ما تزال تعتبر الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال في العالم السائر في طور النمو. هذا وتستمر الأوبئة التي لطالما جرى استئصالها في البلدان المتطورة، في القضاء على حياة الأطفال في العالم السائر في طور النمو. من هنا تبرز ضرورة التضامن العالمي لضمان حصول الأطفال الفقراء على الأدوية والتغذية اللازمة.

سيدي الرئيس،

في تقديم الرعاية الصحية للجميع، يجب على المجتمع المدني بما فيه المؤسسات الدينية أن يكون شريكاً ملتزماً. وفي عدة أنحاء من العالم، ما تزال المستشفيات والعيادات الكاثوليكية متصدرة في الرعاية الصحية الأولية، بخاصة للأشخاص الأكثر تهميشاً في المجتمع. هذه المنظمات التي لا تبغى الربح تؤمن الرعاية للأفراد الذين نبذهم المجتمع، أو للذين يكون من الصعب أو الخطير تقديم الخدمات لهم. ومن خلال العيش مع من تخدمهم، تعزز هذه المنظمات التضامن ضمن المجتمع وتقدم فهماً استثنائياً لاحتياجاته.

شكراً سيدي الرئيس.

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2010

نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير