الاثنين، 19 أبريل 2010 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي خطاب البابا بندكتس السادس عشر لدى لقائه بالشبيبة خلال زيارته الرسولية إلى مالطا، نهار الأحد 18 أبريل 2010.
* * *
زغازاع مالطين أو غاودكسين، جيين كونتينت هافنا لي نينساب ماغكوم
(أعزائي الشباب من مالطا وغوزو، أنا سعيد جداً لوجودي بينكم،)
إنه لفرح كبير أن اكون بينكم اليوم في بلدكم. في هذه المناسبة الهامة، نشكر الله الذي أرسل الرسول بولس الى هذه الجزر، التي كانت من بين أول من تلقى بشارة ربنا يسوع المسيح السارة.
أوجه تحية قلبية الى رئيس الأساقفة كريمونا والأسقف غريش الذي أشكره على كلماته اللطيفة، وجميع الأساقفة والكهنة الحاضرين هنا. أحييكم أنتم بنوع خاص، شباب مالطا وغوزو، وأشكركم لأنكم أطلعتموني على مشاكلكم. أقدر رغبتكم في البحث عن الحقيقة ومعرفة ما يتوجب فعله لبلوغ ملء الحياة.
عاش القديس بولس في شبابه خبرة غيرت حياته للأبد. كما تعلمون، كان في وقت عدواً للكنيسة وكان يقوم بكل ما هو ممكن لتدميرها. وبينما كان في طريقه الى دمشق بهدف التخلص من كل مسيحي على طريقه، ظهر له الرب في الرؤيا. ظهر نور عظيم وأحاط به وسمع صوتاً يقول له: “لماذا تضطهدني”… أنا هو يسوع الذي تضطهده” (أع 9: 4-5). غيّر هذا الحدث كلياً حياة بولس، وأصبح تلميذاً ورسولاً عظيماً. هنا في مالطا، لديكم دافع خاص للشكر على أتعاب المرسل بولس، الذي نشر الإنجيل في المتوسط.
كل لقاء شخصي بيسوع هو خبرة محبة عارمة. في البداية، وكما يعترف بولس نفسه، كان يصطهد بشراسة كنيسة الله وحاول تدميرها” (راجع غل 1: 13). ولكن قوة محبة المسيح محت البغض والغضب. ولبقية حياته أبدى بولس عن الرغبة القوية في حمل بشارة هذه المحبة الى أقاصي الأرض.
قد يقول لي البعض منكم أن القديس بولس كان غالباً قاسياً في كتاباته. كيف يمكنني التأكيد انه نشر رسالة المحبة؟ جوابي هو التالي. الله يحب كل واحد منا بعمق حباً لا يمكننا أن نتخيله، و يعرفنا، ويعرف كل قدراتنا وكل أخطائنا. ولأنه يحبنا الى هذا الحد، يريد أن يطهرنا من خطايانا وأن يقوي فضائلنا لتكون لنا الحياة بالملء. عندما يستدعينا لأن شيئًا ما في حياتنا لا يروق له، لا يرفضنا، بل يطلب منا أن نتغير ونصير أكثر كمالاً. هذا ما نتعلمه من القديس بولس على طريق دمشق. الله لا يرفض أحداً والكنيسة لا ترفض أحداً. ولكن الله، بمحبته الكبيرة، يتحدى كل واحد منا ليغير حياته ويصبح أكمل.
يقول لنا القديس يوحنا أن هذا الحب الكامل يطرد الخوف (راجع 1 يو 4، 18). ولهذا أقول لجميعكم: “لا تخافوا!”. كم من المرات نصغي إلى هذه الكلمات في الكتاب المقدس! لقد وجهها الملاك إلى مريم في البشارة، وجهها يسوع إلى بطرس عندما دعاه لكي يكون رسولاً، ووجهها الملاك إلى بولس عشية غرقه. من أراد منكم أن يتبع المسيح، كثنائي متزوج، أو كأهل، أو ككهنة، كمكرسين ومؤمنين علمانيين يحملون رسالة الإنجيل إلى العالم، أقول لكم جميعًا: لا تخافوا! ستواجهون بالتأكيد رفضًا لرسالة الإنجيل. ثقافة اليوم، كما كل ثقافة، تعزز أفكارًا وقيمًا هي أحيانًا في تناقض مع تلك التي عاشها وبشر بها الرب يسوع المسيح. وغالبًا ما يتم تقديمها من خلال قدرة إقناع كبيرة، تدعمها وسائل الإعلام والضغط الاجتماعي من قبل جماعات معادية للإيمان المسيحي. من السهل، عندما يكون المرء شابًا وسريع التأثر، أن يخضع لتأثير أترابه فيقبل أفكارًا وقيمًا نعرف أنها ليست ما يريد الرب منا. لهذا أقول لكم: لا تخافوا، بل افرحوا بحبه لكم؛ ثقوا به، أجيبوا على دعوته لكي تكونوا تلاميذه، فتجدوا غذاءً وعونًا روحيًا في أسرار الكنيسة.
هنا في مالطا تعيشون في مجتمع مطبوع بالإيمان وبالقيم المسيحية. يجب أن تكونوا فخورين بأن وطنكم يحمي الطفل الذي لم يُلد بعد، ويعزز ثبات حياة العائلة فيقول لا للإجهاض والطلاق. أحضكم على الحفاظ على هذه الشهادة الشجاعة لقداسة الحياة ولمحورية الزواج والحياة العائلية لأجل مجتمع سليم.
في مالطا وفي غوزو تعرف العائلات أن تقييم وأن تعتني بأعضاء العائلة المسنين والمرضى، وتقبل الأطفال كهبة من الله. تستطيع الأمم الأخرى أن تتعلم من مثالكم المسيحي. في إطار المجتمع الأوروبي، بدأت القيم الإنجيلية تضحي ثقافة-مقابِلة، كما كانت الأمور في زمن القديس بولس.
في هذه السنة الكهنوتية، أطلب إليكم أن تكونوا منفتحين على إمكانية أن يدعو الرب بعضًا منكم لكي يهبوا ذواتهم بالكلية لخدمة شعبه في الكهنوت والحياة المكرسة. يفخر وطنكم بأنه أعطى الكثير من الكهنة والمركرسين الممتازين إلى الكنيسة. استلهموا مثالهم واعترفوا بالفرح العميق الذي يتأتى عن تكريس حياتكم إلى إعلان رسالة حب الله للجميع دون استثناء.
لقد سبق وتحدثت عن ضرورة الاعتناء بالصغار، بالمسنين وبالمرضى. ولكن المسيحي مدعو أيضًا لكي يحمل رسالة الإنجيل الخلاصية إلى الجميع. الله يحب كل شخص فرد في هذا العالم، لا بل يحب كل شخص في كل تاريخ العالم. في موت يسوع وقيامته، التي تصبح حاضرًا في كل مرة نحتفل بالقداس، يقدم الرب الحياة بوفرة لجميع هؤلاء الأشخاص. كمسيحيين، نحن مدعوون لإعلان حب الله الذي يشمل الجميع. يجب علينا لهذا أن نسعف الفقير، الضعيف، المهمّش؛ يجب أن نعتني بشكل خاص بالذين يعيشون في الضيقات، والذين يعانون من الاكتئاب أو القلق؛ يجب أن نهتم بالمعوّق وأن نقوم بكل ما بوسعنا لكي نعزز كرامتهم ونوعية حياتهم؛ يجب علينا أن نعير اهتمامنا لحاجات المهاجرين ومن يطلب م
لجأً في أرضنا؛ يجب علينا أن نمد يد الصداقة للمؤمنين وغير المؤمنين. هذه هي دعوة الحب النبيلة ودعوة الخدمة التي تلقيناها جميعًا. فليدفعكم هذا الأمر إلى تكريس حياتكم لاتباع المسيح. لا تخافوا أن تكونوا أصدقاء المسيح المقربين.
أيها الشباب الأعزاء، بينما أترككم، أتمنى أن تعرفوا كم أنا قريب منكم وأني أذكركم مع عائلاتكم وأصدقائكم بصلواتي.
* * *
نقله من الإيطالية إلى العربية طوني عساف و روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية.
حقوق الطبع محفوظة لدار النشر الفاتيكانية.