بقلم الأب هاني باخوم
روما، الجمعة 23 أبريل 2010 (Zenit.org) – قام المسيح، حقاً قام. قام الذي جُرح وصُلبَ، الذي مات. قام كي يقيم كل من يؤمن به للحياة. كي يقيمه اليوم من الامه وموته. قام واحدى علامات قيامته هي الجروحات الممجدة.
نعم جروحات المسيح، علامات صلبه والامه، اصبحت علامات للقيامة. فالمسيح كي يؤكد لتلاميذه انه قام وانه هو نفسه الذي صلب ومات يقول لهم: “انظروا الى يدي وقدمي، انا هو بنفسي المسوني، وانظروا…قال هذا واراهم يديه ورجليه” (لو 24: 39- 40). وايضاً لتوما يقول: “هات اصبعك الى هنا فانظر يديَّ، وهات يدك فضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمناً، بل كن مؤمناً” (يو 20: 27). فالجروحات التي عاناها الرب،علامات موته، اصبحت تشير اليه بعد قيامته. فما هي تلك الجروحات، وما معناها؟
الجروحات التي تتكلم عنها الاناجيل هي اثار المسامير في الايدي والارجل، والجنب المجروح.
الايدي؛ هي علامة للقوة والقدرة، هي علامة للسلطان والسيطرة على شخص ما. يقول المسيح: “ان ابن الانسان سيسلم لأيدي البشر” (مت 17: 22)، اي سيكون تحت سيطرتهم وسلطانهم. كما قال ايضاً الملاك لهاجر: “ارجعي الى سيدتك واخضعي تحت يديها” (تك 9:16). تلك هي الايدي الحرة، هي الايدي التي لها المقدرة ان تسيطر على شيء، او شخص ما. بسط الابدي هو العكس تماماً، هو اعلان الاستسلام، تسليم السلطان لمن يَبسط له يديه. فيقول المزمور: “اليك يارب طوال النهار صرخت، واليك يدي بسطت” (مز 88: 10). فالمرنم يسلم نفسه للرب ببسطه ليديه. وكأنه يقول يدي لا تستطيع عمل شيء، او لا شيء بيدي فعله.
بسط المسيح ليديه وتسميرها علامة على تسليم كامل لكل قواه. علامة على تخليه عن قوته الخاصة وقدرته تاركاً كل شيء في يدي الآب. علامة على ثقته التامة بالآب وبحبه. جرح يدي المسيح هو دليل على حب المسيح لابيه من كل قوته. هي علامة على ان المسيح فضل يدي ابيه على يديه، على قدرته وعلى سلطانه.
ايضاً الارجل؛ علامة للسلطة والسيادة فيقول المزمور: “الرب يُخضع الشعوب تحتنا، والأمم تحت أقدامنا” (مز 47: 4). هي علامة ايضاً للتملك، فعندما كانت الجماعة الاولى المسيحية تبيع كل ما تمتلكه للمشاركة كانت: “تلقيه عند اقدام الرسل” ( اع 4: 35). وضم الارجل، علامة على ترك كل شيء، وتسليم كل شيء حتى الحياة نفسها فيقول سفر التكوين: “فلما انتهى يعقوب من وصيته لبنيه، ضمَّ رجليه على السرير، وفاضت روحه وانضم الى اجداده” (تك 49: 33).
فضم رجلي المسيح وتسميرهما علامة اخرى على تسليمه واعطاء كل شيء، حتى الحياة. المسيح بتسميره رجليه يعلن انه احب الله بكل ما يَملك، بكل خيراته، بحياته نفسها.
واخيراً الجنب المطعون؛ هذا الجنب الذي طعن بعد ان مات المسيح فخرج منه دم وماء (يو 19: 34). بعد ان دخل المسيح في ذلك الثبات العميق، الموت، خرج من جنبه حياة جديدة، كما كان مع ادم عندما انزل الرب عليه ثبات عميق واخرج من جنبه ضلع وخلق منه حواء (تك 2: 21). هذا الجنب المطعون دليل على موت المسيح التام، موت يخرج حياة للأخرين.
نعم تلك الجروح الآن اصبحت ممجدة، بمعنى اصبحت تشير للمسيح وقيامته. تشير لعمق حب المسيح لابيه. الايدي والارجل والجنب المطعون هم ليسوا فقط علامات للصلب والموت، بل علامات محبة المسيح لابيه. وهذه العلامات بقيت بعد القيامة، وها هي تجعله يُعرف من تلاميذه.
وكأن ما يبقى في الانسان للحياة الابدية، ما يبقى مرتبطا به ولا يمحى هي تلك العلامات التي احب بها الله اثناء حياته. تلك العلامات التي اخذها على عاتقه بسبب خطيئة الاخرين. هذا يبقى، هذا يجعله معروفا في الحياة الاتية…
جروحات المسيح الممجدة هي خبر مفرح لمن يحمل جروحات في هذه الدنيا لسبب او لآخر. لا كي يسستسلم ويعرف فقط انها ستصبح مجداً له في القيامة. لكن لانها بالفعل مجدت الآن بقيامة المسيح. فيستطيع ان يأخذ منها حياة جديدة، حياة الهية.