بكركي، الاثنين 7 نوفمبر 2011 (ZENIT.org). – في الثالث من شهر نوفمبر 2011، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة مار بشارة بطرس الراعي الكلِّي الطوبى، ومشاركة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير وحضور الرؤساء العامّين للرهبانيّات المارونيّة، وقد تدارسوا شؤوناً كنسية ووطنية وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:
1. أطلع صاحب الغبطة الآباء على الزيارة الراعوية التي قام بها الى الولايات المتحدة الأميركيّة والتي استهلها بخلوة مع الأساقفة الموارنة في القارّة الأميركيّة والرؤساء العامّين للرهبانيّات المارونيّة، لتدارس شؤون كنسيّة وأخرى خاصّة بالإنتشار. ثمَّ انتقل إلى زيارة أبرشيتي الولايات المتّحدة المارونيّتين، مشدِّداً إخوته وأبناءَهُ في الإيمان وحاثّاً إياهم على التعلق بهُوِّيَّتِهم المشرقيّة واللبنانيّة. كما التقى مطارنة الأبرشيّات اللاتينيّة فيهما ومطارنة الكنائس الشرقيّة ورؤساء الطوائف الإسلاميّة. وختم زيارته بلقاء أمين عام الأمم المتّحدة بان كي مون، حيث شدَّد أمامه على أمل الكنيسة بمستقبل زاهرٍ لشعوب العالم العربيّ في سعيها الى إنتاج أنظمة حكمٍ ديموقراطية والابتعاد عن انتهاج العنف سبيلاً للتحرير. وأكَّد على دور لبنان كنموذج لتلاقي الحضارات في شرقي المتوسط، ولتعايش الأديان وتفاعلها ضمن إطارٍ سياسيٍّ مبنيٍّ على العدالة والمساواة ومشاركة جميع المواطنين مشاركة فعلية. وشكر لهم، رعاةً ومؤمنين، حسن الاستقبال.
2. فيما يثمّن الآباء ما تصبو إليه شعوب عدد من دول العالم العربيّ من إصلاحات سياسيّة وإقرار بالحريّات العامّة وحقوق الإنسان الأساسيّة، فإنّهم يشدّدون على نبذ العنف المتمادي ويعربون عن قلقهم لغياب الكثير من المعايير الدينيّة والإنسانيّة والأخلاقيّة والسياسيّة في تلك الأحداث، وهذا أمرٌ لا يبشِّرُ بمستقبلٍ واضح المعالم. وهم يستنكرُون أيضاً ما تتعرَّض له الأقليّات، ويشجُبون التعامل معها كما لو أنَّها لا تنتمي إلى المكوّنات الأصليّة والأصيلة لمجتمعاتها. لذا يحثُّ الآباء الدول التي تعمل على صياغة دساتير جديدة، أن تكون دولة المستقبل فيها هي الدولة المدنيّة الضامنة حقوق كلّ مكوّناتِها ومشاركتِها. كما ورحَّب الآباء بعملية تبادل الأسرى بين إسرائيل والفلسسطينيّين، آملين بفجرٍ جديد يضع حدّاً لمأساة الشعب الفلسطينيّ من خلال الإعتراف له بدولةٍ تجمع شمله.
3. سُرَّ الآباء بدعوة البابا بندكتوس السادس عشر إلى لقاء أسيزي الذي جمع ممثّلين عن الأديان وعن غير المؤمنين، من أجل السير المشترك على طريق الخير والسلام، وهي قيم تختصر توق البشرية العميق إلى غدٍ أفضل. وفي السياق نفسه اندرجت زيارة غبطة البطريرك إلى العراق داعياً إلى السلام وحامِلاً رسالة لبنان في العيش الإسلاميّ المسيحيّ. ويعلِّق الآباء أهمية كبرى على القمّة الروحيّة على مستوى الشرق الأوسط التي يجري العمل على عقدها، كي تكون رسالة سلام من مهد الديانات التوحيديّة.
4. يتألّم الآباء لحال الانقسام السياسيّ، ويدعون اللبنانيّين الى التمسّك بخير بلدهم وعدم تعريضه لأيّ تدخّل خارجيّ، أو وضعه في مواجهة الأسرة الدولية، ويشجبون كلَّ ما ينتهك سيادة الدولة اللبنانيّة، إضافةً إلى ما يعيشه لبنان على الصعيد الداخليّ من زعزعة للأمن، إن عبر تزايد الجريمة وأعمال السرقة والسلب، وإن عبر التعدّي على الأملاك الخاصّة والعامّة. كلُّ هذه الأحداث تبعث على القلق، وكأنَّ اللبنانيّين لم يحزموا أمرهم بعد للعيش في دولة يقف فيها الجميع سواسية أمام القانون. ولا يسع الآباء أيضاً إلّا التذكير بأنَّ لبنان قام على المشاركة بين مكوّناته في إدارة مؤسّسات الدولة، ويؤسفهم الخلل الظاهر علانية في إدارات الدولة، والمعاملة التي يتعرّض لها موظَّفُون من طوائف مُعيَّنة.
5. وإذ يعبّر الآباء عن ارتياحهم للحلّ الذي أنهى إضراب أساتذة الجامعة اللبنانيّة، لا يسعهم إلاَّ أن يشعروا بالقلق حول ما آلت إليه المطالبة بزيادة الأُجُور، وما يرافقها من جدل وتحرّكات تبعث كلّها على التساؤل عن مستقبل العدالة الإجتماعيّة في لبنان. كما يخشَون فيما لو أُقرّت زيادات من دون دراسة مستفيضة وممحَّصة، لا سيّما لجهة إقرارها مع مفعول رجعيّ بالنسبة إلى المدارس الخاصّة، وما يرتّبُ ذلك من أعباء على المدارس والأهل، أن يتعرّض الإقتصاد اللبنانيّ لهزّة نحن جميعاً بغنى عنها. ويطالب الآباء الدولة اللبنانيّة بوضع سياسة إقتصاديّة شاملة تؤمّن العدالة الإجتماعيّة وتغطية حاجات كلّ المواطنين.
6. يهنِّئ الآباء إخوانهم المسلمين في لبنان والعالم، بحلول عيد الأضحى المبارك، ويسألون الله أن يعيده عليهم بالخير والبركة وعلى بلدانِهم بالسلام.
7. مع بداية السنة الطقسيّة الجديدة، وعلى الرغم من أحداث التاريخ وما تحمله من مآسٍ وثورات وغيرها، يدعو الآباء أبناءهم من إكليروس وعلمانيّين، إلى تجديد إيمانهم بالمسيح سيّد التاريخ، والعمل على أن تكون الكنيسة، في حجِّها على الأرض، شريكةً في صناعة المحبّة في الحقيقة ورائدة سلام، لأنَّ من يشارك في بناء السلام لا يستطيع إلّا أن يتقرَّب من الله.