احد زيارة مريم لأليصابات

(لوقا 1: 39-55)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم الأب منتصر حداد*

        الموصل، الجمعة 25 نوفمبر  2011 (Zenit.org). – بعد ان زار الملاك مريم وبشّرها بحضور الله في حياتها وتتلقى من خلال هذا الملاك دعوتها ومسؤوليتها، مباشرة تسرع لتترجم ذلك بفعل رحمة والتزام تجاه نسيبتها أليصابات….  فتلتقي المرأتان لتشهدا حضور الله في حياتهما…. فمريم تعرف بان حضور الله في حياتها ليس قضية شخصية، بقدر ما هو حضور يجعلها تنفتح على الآخر، لتشاركه هذا الحضور، فنحن نؤمن داخل جماعة، نؤمن مع الآخر، فالرب دعانا لنكون مع الآخرين دائما، فالملكوت الذي يدعونا الله إليه ليس ملكوتا يتضمن أفراد، بقدر ما هو ملكوت جماعي… والخلاص ليس فرديا، فنحن كلنا نساعد بعضنا البعض لنخلص، هذا هو الملكوت الذي يدعونا الرب اليه اليوم…

        في تأملنا للنص الإنجيلي لهذا الأحد، سنرى بأن كلمة الله تأتينا اليوم لتخبرنا وتفتح عيوننا لأحداث  لا نتوقع حدوثها، ونتعجب لها فالملاك يبشّر بقدوم الكلمة، ومريم محتارة للخبر الذي سمعته تسمع وتتعجّب لاختيار الله لها، وهاي هي نسيبتها أليصابات حبلى في شيخوختها…. وبالرغم من انشغال مريم بهذه الأخبار العجيبة والمفرحة، إلا أنها تسرع للقاء العجوز أليصابات والبقاء معها… وهذا ما نفعله نحن أيضاً في حياتنا، نسرع للقاء القريب والصديق عندما نسمع بخبر أو بحدث يشغلهم: ولادة طفل، خبر مفرح، خبر محزن أو مرض… مريم مثلنا تريد أن تكون حاضرة مع القريب وهو يعيش في أزمة ما أو يعيش فرحة ما….

        ولكن كيف هي زيارة مريم؟… زيارة مريم ليس كزياراتنا، فهي تذهب لتمجد حضور الله في حياة أليصابات. هي تسرع وترغب في أن تكون قرب يوحنا وبقرب أليصابات التي ترعاه، لتعينها وتعين زكريا وتثبتهم وتشاركهم الفرح… لذلك نسمع من أليصابات كلمات البركة والتهنئة، نسمع من مريم نشيد تعظيم وتمجيد لفعل الله في حياتهم…. فتكون هذه الزيارة، زيارة تعلمنا صلاة التمجيد والشكر.

فنسأل اليوم: كيف هي زياراتنا نحن للأقرباء والأصدقاء؟ هل هي زيارات تعزية وتثبيت، أم زيارات تشويه السمعة، وأحاديث فارغة؟…. لدينا الكثير من المناسبات المفرحة والمحزنة، عند حضورنا فيها، لا نفكر بالحدث الذي من أجله تقام كل هذه المناسبات، ونتحدث بكلام وأحاديث فارغة من معناها على بعضنا البعض… أليست هذه المناسبات فرصة لتقوية العلاقات، أ ليست فرصة للتفكير بشكل جماعي عن ما يوحدنا؟ والله هو الذي يوحدنا، ولكن، أين هو من لقاءاتنا؟… اعتقد الجواب في كثير من الأحيان، هو: غير موجود في هذه اللقاءات….

إننا في لقاءاتنا نمنع الروح القدس ان يهدينا ويطهّر شفاهنا لنعظم صنيع الرب، بل ندع المجرب يحوم حولنا ويستخدمنا كوسيلة بين الناس، لنكذّب هذا وذاك، ونشوّه سمعة هذه وتلك، ونرى بضيق وتكبّر وحسد فرح الآخرين، وبالتالي لن يبقى مجال لله ليربينا ويعلمنا كيفية زيارة الناس….

رؤية أليصابات لمريم، جعلها تفرح، وتتحرك أحشائها، كان حضور بالنسبة لأليصابات مهما، على الرغم من عدم توقها لزيارتها، الا أن هذه الزيارة كانت في مكانها… فأليصابات بحاجة إلى من يعتني بها، ومريم تسرع لتساعد، بمساعدة ملئها الفرح وبحرية…. فهل حضورنا اليوم، مصدر فرح الآخرين؟ هل ينتظر الآخرين رؤيتنا؟ هذه أسئلة من المهم أن نراجع من خلالها أنفسنا وعلاقاتنا، لنعرف من نحن، ومن نحن بالنسبة للآخرين، وكيف من الممكن أن نضفي طابع الفرح على محيّا الآخرين عند حضورنا بينهم…

        إن الرب اليوم، من خلال مريم، يعلمنا كيف نطرق أبواب بيوت الناس، وكيف نستقبل زوّارنا ونرحب بهم في حياتنا. كيف ندخلهم بيوتنا، ونفتح لهم قلوبنا شاكرة لله، ففي حضورهم يحضر الله، وفي صلاتهم نتثبّت، فإلى الرب نطلب أن يجعل زياراتنا مباركة بكلمات الفرح والرحمة والحب…. آمين

* * *

* كاهن في أبرشية الموصل للسريان الكاثوليك – العراق

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير