* * *

أوَّلاً: إنّ الوجود المسيحي في الشرق الأوسط هو وجود فاعل ومؤثِّر ومرتكز على الشهادة الحيّة والجريئة ليسوع المسيح، المخلّص والفادي، وعلى التعاليم الإنجيليَّة الداعية إلى السلام على الأرض وإلى الرجاء لجميع الناس، وإلى تعزيز قيمة الإنسان بكرامته الذاتية وبحريته.

ثانيًا: إنّ المسيحيِّين الشرقيِّين، هم جزء لا ينفصل عن الهويّة الحضاريّة الشرقيّة، ولهم الفضل الكبير في إغناء الفكر وفي الحفاظ على اللغة العربية وآدابها وفي خدمة القضايا العربية العادلة، وهذا ما جعل الوجود المسيحي عامل تفاعل من أجل خير جميع العائلات الروحيّة في الشرق الأوسط وشهادة سلام بين أبناء الله، وبدونه يتعرَّض هذا الشرق لفقدان الكثير من مقوِّماته وحضارته.

ثالثًا: إنّ التضحيات التي قدَّمها المسيحيُّون في هذا الشرق، حتى الإستشهاد، تعبِّر عن تعلُّقهم بالأرض والثبات عليها، حفاظًا على وجودهم هنا واستمرارًا لرسالة الإنجيل وأمانة لتاريخهم العريق وخدمة لكلّ إنسان .

رابعًا: إنَّ الخدمة التي تؤمِّنها مؤسَّسات الكنيسة هي رسالة إنسانيَّة نبيلة تشهد لكرامة الإنسان وتعترف بالآخر وتصغي إليه وتعزِّز التفاهم معه بدون المسّ بالحقيقة وبدون محاباة الوجوه والمساومات، وهي في ذلك تشهد لأهميَّة التنشئة على تعزيز الحوار الصادق، بين الثقافات والأديان وتنمية العلاقات المسكونيَّة وعلى العمل لوحدة الكنيسة.

خامسًا: إنَّ التنشئة المستدامة على الحوار اليومي، حوار العيش والحياة، الصّادق والحكيم تعزِّز الحوار إعلاءً لشأن الإنسان وصيانةً لحقوقه، لذلك لا بدَّ من تطهير الذاكرة وإعادة النظر بالطرق التي كانت معتمدة سابقًا للإنطلاق من جديد في تحسين العلاقات الأخويَّة.

سادسًا: إنَّ السعي الدائم لتكون كنائسنا سبَّاقة بالمناداة بنشر الديموقراطيَّة وحقوق الإنسان وحكم القانون، وفقًا لما تعلِّمه الكنيسة في مجامعها ونداءاتها وبرامجها التعليميَّة والإعلاميَّة، هو مطلبٌ أساس للحفاظ على وجودنا الحرِّ معًا في هذا الشرق.

سابعًا: إنَّ الجميع مدعوُّون إلى التثقيف والتنشئة على سرِّ الكنيسة لتفعيل مشاركة المسيحيِّين في الإحتفالات الليتورجيَّة وفي نشاط الكنيسة الإرساليّ وفي العمل السياسيّ والاعلاميّ وفي الحوار والتواصل مع جميع الناس وفي بناء السلام واحترام الحريّات.

ثامنًا: إنَّ تجديد روحيَّة رعايانا وأديارنا ومدارسنا وجامعاتنا وإعلامنا عملٌ ملحٌّ ليعرف شعبنا كتابه المقدَّس وعقائده الإيمانيَّة وتاريخ كنيسته لكي يعي علاقته بالإنسان والأرض والوجود والمسؤوليَّة والألم والرجاء والعالم الجديد، لأنَّ تنمية مبادرات الشهادة للمسيح، "فادي الإنسان"، واللقاء والصلاة والتعاون والتضامن والإلتزام، قِيَمٌ تُسهِّل الترقِّي الشامل.

تاسعًا: إنَّ السياسيِّين المسيحيِّين مدعوُّون، وعند التكلُّم باسم المسيحيِّين، إلى أن يرتكزوا على الكتاب المقدَّس في مقارباتهم وعلى تمييز الحلول وفقًا لتعليم الإنجيل وتعاليم الكنيسة، "الأم والمعلّمة".

عاشرًا: ومن أجل عدم تكرار مآسي الماضي يجب اقتراح ميثاق جديد مع التاريخ، لا مساومة فيه، يرتكز على تعزيز روحانيَّة الإيمان الذي يعلِّمنا أنَّ الله يريد خلاص الجميع وسعادة كلّ إنسان والّذي يلغي الأصوليَّة الدينيَّة ومفاهيمها الضيِّقة، وكل هذا ضمن نظام يحافظ على الأقليَّات ويمنع الهجرة والتهجير ويحقِّق كرامة الإنسان ويحافظ على حقوقه.

حادي عشر: يُعرب المؤتمرون عن تضامنهم مع جميع الّذين يتعرَّضون للضيق والظلم والعنف والإضطهاد والتهجير والقمع مثل ما يتعرَّض له المسيحيُّون والمسلمون في الأراضي المقدَّسة والعراق والبلدان العربيَّة وغيرها من البلدان.

ثاني عشر: يشكر المؤتمرون صاحب السيادة المطران منصور حبيقة السامي الإحترام على رعايته هذا المؤتمر وعلى كلمته الختاميَّة ويرجونه نقل هذه التوصيات إلى مجلس أساقفة زحلة والبقاع وإلى مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان.

كما يشكر المؤتمرون أصحاب السيادة الّذين شاركوا في أعمال هذا المؤتمر وجميع الفعاليَّات الروحيَّة والتربويَّة والإجتماعيَّة والإعلاميَّة والأمنيَّة.

ويشكرون أيضًا مقدِّمي المحاضرات وأصحاب المداخلات، وبنوعٍ خاص، يشكرون رئيس دير مار أنطونيوس- زحلة الأب شربل رعد وجميع رهبانه على دعوتهم لهذا المؤتمر وعلى تنظيمه واستضافة أعماله.

ومع هذا الشكر، يأملون تسهيل انعقاد المؤتمر المقبل في أيّار 2013، تحت عنوان: "الحياة الرهبانيَّة والعالم المعاصر". 

بقلم الأب شربل رعد

رئيس دير مار أنطونيوس الكبير – زحلة