وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:
1- رحّب الآباء باجتياز أزمة تمويل المحكمة الدوليّة الخاصّة بلبنان الذي أبعد شبح أزمة مع المجتمع الدوليّ وأزمة حكم في لبنان، ونزع فتيل تهديد الإستقرار على ما حذّر منه كثيرون. ويتطلّعون إلى أن تتحمّل الحكومة مسؤوليّاتها ومعالجة القضايا التي لا تزال عالقة، ولا سيّما منها قضيّة التعييناتِ العامّة في المراكز الشاغرة، والشؤون الأمنيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة.
2- يؤيّد الآباء حقّ الشعوب في تقرير مصيرها واختيار شكل الحكم الذي يناسبها. وإذ ينظرون باهتمام إلى التغيُّرات الكبيرة التي تحدث في المنطقة، يتوجّسون بالأخصِّ من الوضع الأمنيّ المتردّي في سوريا، ويخشَون الجنوح فيها إلى مزيد من العنف. وهم يذكّرون بأنّ مناصرة قضايا الإخوة العرب، لا تتمّ بنقل التوتّر والإنقسام إلى الداخل اللبنانيّ، بل بالإلتزام بمقتضيات الميثاق الوطنيّ، والحفاظ على “الخصوصيّة اللبنانيّة”، واحترام التعدديّة وقبول الآخر، ليبقى لبنان نموذجاً في الحريّة والديموقراطيّة واحترام حقوق الإنسان، يصلح لأن يتشبّه به أشقّاؤه العرب في هذه اللحظات المصيريّة.
3- بالرغم من تطوُّر الأوضاع العامّة إيجابيّا، ومن الجهود الكبيرة التي تبذلها القوى الأمنيّة مشكورةً، لا يسع الآباء إلاّ أن يعبّروا عن قلقهم إزاء ما يحدث عندنا على الصعيد الأمنيّ. فإطلاق الصواريخ من على الحدود اللبنانيّة، والتفجيرات، والسرقات، والجرائم البشعة ضدّ الأبرياء، كلّها أحداث تثير القلق، وكأنّ لبنان لا حُرمةَ لهُ ولا حدُود. وهم يذكّرون جميع المسؤولين، على الصعد كافّة، بأنّ سيادة الدولة لا تقبل التجزئة أو التساهل أو المساومة.
4- يخشى الآباء أن يكون ما صدر من مراسيمَ تنزع الجنسيّة اللبنانيّة عن غير مستحقّيها، عملاً إنتقائيّاً مُجحِفًا يَزيد الخلل الذي أنتجه مرسوم التجنيس عام 1994، ويهيبون بالسلطات القضائيّة والإداريّة أن تتحمّل مسؤوليّاتها كاملة بشفافيّة وعدل.
5- وفي سياق آخر توقّف الآباء عند أوضاع السجون وما يحدث فيها، وما يُنقل إليهم عن سير المحاكمات، والذين يقبعون في السجون أشهراً وسنين من دون محاكمة. أما آن للدولة أن ترسم سياسة واضحة لممارسة العدالة، إضافة إلى وضع خطّة شاملة لإصلاح أوضاع السجون؟ فالسجن لم يوجد للعقاب وحسب، بل وجد في الأصل ليكون مكاناً للإصلاح، وإعادة تأهيل المسجونين للإندماج في المجتمع كمواطنين صالحين.
6- لا تزالُ القضيّةُ الإجتماعيّةُ تتجاذبها تيّاراتٌ ومصالحُ متناقضة، ممّا يؤخّر بتَّ مسائلَ كثيرةً يحتاجها المواطن، منها قضيّة الأجور، وغلاء الأسعار، وتأمين الكهرباء والماء وغيرها، كأنّما السياساتُ الإجتماعية في لبنانَ لا يحرّكها الخير العام ولا تحقيق العدالة الإجتماعية. والإقتصاد الوطنيّ الذي لا يقوم على أساس خير الإنسان ورُقِيِّه، يكُون ضرباً من مصالحَ تتقاسمها جهاتٌ بين بعضِها البعض.
7- رحّب الآباء بصدور قانون يعالج موضوع إعادة المُبعَدِين قسرًا إلى إسرائيل. ويأملون أن تُنجَز المراسيمُ التطبيقيّة لهذا القانون بأسرع وقت، وأن تُمكِّن أكبرَ عددٍ منهُم، العودة إلى قُراهم وبلداتِهم بكرامة وفي أقرب وقتٍ ممكن.
8- إنّ زمن الميلاد الذي فيه نستعدُّ لاستقبال الكلمة الأزليّ يرشدنا، في خضمّ ما يشهده عالمنا، إلى أن كلمة الله بتجسُّده فيما بيننا كشف أنّ التاريخ ليس مجرّد أحداث تتوالى، بل هو عرش الكلمة، لا يحيا إلاّ بها وفيها. لذلك يدعو الآباء جميع المؤمنين في سنة الكتاب المقدّس، إلى أن ينهلوا من نبع ماء الحياة المتدفّق من الكلمة التي تحيي كلّ من يقبلها بإيمان، فتمسي كنيستنا حيّة بالكلمة وشاهدة لمجد الله والسلام على الأرض.