* * *

ولد المسيح هللويا

إخوتي الكهنة المحبوبين....

أعزائي الشمامسة المحترمين....

أبنائي المؤمنين والمؤمنات....

سلام المسيح عليكم جميعا...

        بكل فخر واعتزاز انتهز فرصة أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الجديدة، لأقدم لكم أحر التهاني وأطيب الأمنيات بهذه المناسبة المباركة. طالبا من طفل المغارة أن ينعم عليكم بالخير واليمن والبركة....

تئن البشرية منتظرة قدوم الله. ولما حان موعد مجيئه، لم يجد له مكانا يستقبله "ولما حان وقت ولادتها، ولدت ابنها البكر، فقمطته وأضجعته في مذود لأنه لم يكن لهما موضع في المضافة" (لوقا 2: 6)...

لقد حل الزمان الذي انتظره شعب الله منذ أجيال، ولكن ليس كما كانوا يتوقعون،  إنما في ظلمة الليل وفقر النهار. لقد حانت البشرية التي كانت تنتظرها عبر صور، معالمها غير واضحة. ساعة يبادر الله وينزل من عرشه ليسكن بيننا، بعد أن يصبح العالم مكاناً آمناً سليماً. تجاوبا مع أنشودة الملائكة " المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة" إلا أن البشرية هي مشغولة بذاتها، ووقتها بالكاد يكفي لشؤونها، ولا يبقى شيء تقدمه للآخر: كائنا من كان: إلها أم أخاً أم فقيراً...

لم يكتف يوحنا الإنجيلي بالخبر الوجيز الذي ينقله لوقا بشأن وضع بيت لحم، بل تجاوز الأمور المادية، وأشار إلى ما هو جوهري وأساسي، فكتب يقول: "جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله" جاء ابن داؤد إلى بيت لحم مدينة أبيه، ولعدم توفر المكان، اضطر أن يولد في حظيرة.. أرسل الله يسوع ليشارك العيش مع أبناء شعبه، لكن خاصته رفضته . خالق الكون بكلمة من عنده أرسل كلمته لتدخل تاريخ العالم، إلا أن العالم لا يصغي له...

ونحن، هل لدينا الوقت لقبول الآخر في حياتنا؟ هل لدينا الوقت لقريبنا الذي ينتظر كلمتنا؟ هل لدينا وقت لهذا المنكوب، الذي يحتاج إلى عاطفتنا؟ ولهذا الفقير الذي يحتاج إلى عوننا ومساعدتنا؟ هل لدينا مكان لهذا مهاجر واللاجيء الذي يطلب مأوىً في ديارنا؟ هل لدنا مكان ووقت لهذا الإله الذي يريد أن يقيم معنا؟... لقد ملأنا كل الأمكنة من أفكارنا، وشغلناها بأعمالنا وهمومنا وحياتنا. فلم يوجد مكان ولا وقت لغير ذاتنا...

في الفترة التي تسبق العيد ننشغل بأمور كثيرة لضمان كيفية قضاء وعيش أيام العيد، فنفكر بالملابس والآثاث والأطعمة والزينة والهدايا، ونسى أو نتناسى حاجاتنا الروحية الأساسية... فيأتي العيد ويمر ونحن بعيدون عن الله وعن بعضنا، لا تفكر ولا نفتش عن السبل الصحيحة التي تقربنا من الله ومن بعضنا البعض...

لنجعل من عيدنا هذا فرصة للحوار والمصالحة مع الله ومع ذاتنا ومع بعضنا... وليكن لنا مجالاً للمشاركة وللتضامن فيما بيننا، فيتم الوفاق ويعم السلام وتغمر فرحة العيد الحقيقية قلوبنا وبيوتنا وعائلاتنا....

ميلاد سعيد وكل عام وانتم والعراق والعراقيون وكل العالم أجمع بألف خير وسلام

                                                                                                                                              مار يوحنا بطرس موشي

                               رئيس أساقفة الموصل وتوابعها للسريان الكاثوليك

                                               25/12/2011