أحد الكشف ليوسف

تعليق على قراءات القداس بحسب طقس الكنيسة السريانية الكاثوليكية الانطاكية

Share this Entry

بقلم الأب منتصر حداد

الموصل، الجمعة 9 ديسمبر 2011 (Zenit.org). – يوصف يوسف بالبار أو الصديق… ما معنى الإنسان البار أو الإنسان الصدّيق؟ هو ذاك الشخص الذي يعيش هذا التوافق ما بين الفكر والعمل وبين مشيئة الله… ومشيئة الله وضعت يوسف أمام أختبار صعب جدا، كيف يتصرف مع خطيبته التي هي حامل؟ هل يكشف أمرها؟ هل يرجمها كعادة اليهود أم يتركها سرّاً؟ حلول كثير توافق القانون والشريعة، وردت في فكر يوسف… ولكن إلى أي درجة يجب على يوسف أن يلتزم مع القانون؟… احياناً كثيراً يكون القانون قاسيا جداً…. فتح يوسف قلبه وفكره وسلمهما للرب ليكشف له سر التدبير الخلاصي، فكان له دور فعّال في التهيئة لقدوم المخلص، رغم كل ما كان يفرضه المجتمع عليه من قرارات تمنعه من الأرتباط بمريم… هل بإمكاننا أن نتحول إلى أداة تساهم في  لتقديم الخلاص للآخرين وتنقذهم من قسوة الشريعة، من الظلم؟…

        بتدخل من الله يفهم يوسف معنى هذا الحمل وهذا الحدث وهذه الأمور التي تحدث في حياته وعلاقته مع خطيبته… يوسف إستطاع أن يفهم كلمة الله لأنه أصغى إليها، بعيداً عن أي انفعال عصبي أو غضب… استطاع ان ينتظر بصمت ليتحقق كلام الله… لم ينفعل، بل بهدوء وروية استطاع ان يفهم… هكذا نحن أيضاً في أوقات الأزمات، نتعامل بعصبية…… ولكن علينا، عندما نشعر بأن لا حلول ممكنة، لنؤمن ونترك المجال لله ليعمل في حياتنا، ويعطيه هو المعنى الجوهري… أي أن نعطي للأحداث وقتها لتنكشف بوضوح، ولتأخذ بعداً مسيحياً…..

يوسف هو الحارس الأمين لمريم ويسوع… هو ياخذ دور القائد والمربي الحقيقي الذي يحب عائلته… هو لا يخذلها أو يتركها وقت الشدة، بل يبقى امينا معينا… وهذا هو الأب الحقيقي، وهذه هي الأم الحقيقية، الأب الحقيقي، ليس الذي يلد اطفالاً، الأب الحقيقي هو الذي يربي بامانة عائلته، تماماً مثل يوسف…. إذا أردنا ان نعلّم السلام الحقيقي وان نشنّ حرباً حقيقية ضدّ الحرب وضد العنف، علينا أن نبدأ بالاطفال علينا بتربية الاطفال… أي هذه مسؤولية الأب والام تجاه الأبناء لخلق عالم جميل…

الأب يسير على القانون والنظام، نعم، ولكن ليس على حساب الأبناء…. كم من النساء رجموا من قبل ازواجهم في المجتمع اليهودي لشك بسيط في الامانة تجاه الحياة الزوجية…. وهذا كله أتٍ نتيجة الانفعال والتعامل بجهل وتخلف وهمجية تجاه الآخر…… الآخر هو إنسان، هو كائن حي له مشاعر واحاسيس وظروف تجعله احيانا يتصرف هذا الموقف أو ذاك… لذلك علينا أن نفهم ومن ثمّ نتعامل مع الآخر… على الأب أن لا ينفعل ويأخذ القرارات الصارمة تجاه العائلة…. بل أن يكون حيكماً، أن يكون أباً بكل ما تعينه كلمة أب من معنى عظيم….

على اولادك وبناتك أن يلتذوا بكلمة (بابا) عندما يقولونها لك، وعليك انت أيضاً ان تلتذ بكلمة (ابني و أبنتي) عندما تقولها لهم…. ان يكون الحب هو المنبع الذي منه تخرج احكامك وسلوكك مع أعضاء عائلتك…. لا الطاعة القسرية والعمياء والجافة التي تتحول إلى حقد من الأبناء تجاه الآباء… والتسلّط والدكتاتورية تجاه الأبناء، وتضيع الأم بين الأباء والأبناء لا تدري مع من تكون…. الأب الحقيقي، انت تربح قلب أبنك وابنتك فأنت ستكون معهما حتى ولو كنت بعيداً منهما، لذلك لا تخاف عليهما لانك ستكون مثلهم لاالعى في حياتهما…

أما الشك، فهنالك دائما أسباب تدفعنا لنتشكك بغيرنا، وربما باقرب الناس، فهل نترك المجال لنفهم؟ من منا لا يمر ولا يختبر الصعوبات التي مر بها يوسف؟ من منا لا يشك من أحداث الحياة؟ من منا لا يتساءل ما إذا كان الرب حاضرا معنا أم أنه متغافل عن صعوباتنا؟ من منا لا يتألم من خبرات وصعوبات يعيشها ويتساءل دوماً: يا رب ما معنى هذا كله؟ لذلك لن نفهم إلا إذا فتحنا حياتنا لله، إلا إذا فتحنا قلوبنا وجعلنا لله مسكنا فيها…… اليوم يطرق الرب قلب يوسف مثلما فعل مع مريم التي قدمت كل حياتها…. والرب اليوم يطرق الرب قلوبنا، فهل نخاف من قدومه فهو آتِ ليحل سلاماً في حياتنا، وما أحوجنا إلى السلام اليوم…. لو جاء الرب، ماذا سيجد في بيوتنا؟ سؤال يطرح دائما، فهل هيئتم بيوتكم لاستقبال الرب؟…

وصوت الملاك الذي دعا يوسف: لا تخاف، هو نفسه اليوم يدعونا: لا تخافوا. فيسوع بيننا و معنا ليشفي جراحنا…. هو يريد أن يدخل قولبنا ويحب أن يعتني بالآخرين ويحرسهم من خلالنا… هو يريدنا أن نقبل حراسة إخوتنا وأخواتنا كما حرس يوسف العائلة المقدسة، فلا نشهر بسمعتهم، تماما كما فعل يوسف الذي أخفى حمل مريم خوفاً عليها، ولا نسيء إليهم من خلال الإتيان بسيرتهم بالسوء…. ان نكون حراسا لاخوتنا، هذه هي المشكلة منذ بداية التاريخ، قائين يرفض حراسة اخيه هابيل…. قال: هل انا حارس لاخي؟…. فقتله…  نعم يا قائين، انت حارس لاخيك، وكل واحد منا هو حارس للآخر، فهل نحن امناء؟ الكثير من البشر يقتلون من قبل بشر آخرين، من قبل اخوتهم… هل نستطيع اليوم أن نتحمل مسؤولياتنا تجاه الآخر؟ لحد هذا اليوم، لم يتعلم قائين ان يدافع عن اخوته، يوميا لدينا قائين جديد يقتل ويبطش وعذب اخيه…. أين هو القديس يوسف اليوم من حياتنا؟…. فلنطرح السؤال، هل نحن حراس لاخوتنا؟…. والجواب، هو مثلما كان منذ البدء، ياتينا من الرب ليذكرنا بمسؤوليتنا: (نعم، انتم حراس لاخوتكم)… آمين….  

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير