زيارة البطريرك الراعي الى المركز الإسلامي في مونتريال

نهار السبت 6 مايو 2012

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

كندا، الاثنين 7 مايو 2012 (ZENIT.org). – زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي المركز الإسلامي اللبناني في مونتريال، يرافقه النائب البطريركي العام المطران بولس صياح، وراعي أبرشية كندا المارونية المطران جوزف خوري، القنصل الفخري في هاليفاكس وديع فارس ووفد المؤسسة المارونية للانتشار المرافق للبطريرك في زيارته، حيث أقيم إستقبال حاشد شارك فيه القائم بإعمال السفارة اللبنانية في كندا جورج أبو زيد، والقنصل العام خليل الهبر وممثلين عن الطوائف الإسلامية في مونتريال.

بداية النشيدان اللبناني والكندي، الى كلمة عريفة الإحتفال مريم نجدي، بعدها ألقى ممثل دار الإفتاء الشيخ سعيد فواز كلمة، شدد فيها على “رسالة العيش المشترك بين اللبنانيين”، سائلا الله أن “تكون القيادات المخلصة تعمل لإيصال البلد الى بر الأمان والحلم المنشود”، مؤكدا على “متابعة المسير لنصل جميعا الى لبنان الذي نريده جميعا”.

ثم القى ممثل مشيخة عقل الموحدين الدروز حسن عزالدين كلمة، إعتبر فيها “أن ما يجمعنا اليوم هو الإنتماء الى وطن واحد عريق بحضارته وتاريخه الجميل وبتنوعه”، منتقدا “تفصيل الساسة في لبنان قانون إنتخابات يعيد إليهم مناصبهم”، سائلا الله أن “يحفظ لبنان من كل شر، وان تتحرر أراضيه ويعم السلام في ربوعه”.

ووجه دعوة الى الشباب اللبناني المغترب في مونتريال وكندا “للتمسك بلغتهم وميراثهم”، آملا “أن ينبذ شبابنا في الوطن كل أشكال الطائفية والفتنة، وان يعملوا سوية يدا بيد لبنان الوطن، وطن حر سيد مستقل يتسع لكل أبنائه”.

والقى ممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى نبيل عباس كلمة، رحب فيها بالبطريرك الراعي، وقال: “بإسمي شخصيا ومن أمثل، وبإسم دولة الرئيس نبيه بري الذي خولني أن ارحب أحر الترحيب بغبطتكم، وبإسم سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والذي يقول لكم أنكم في داركم هنا، وباسم أهلي الكرام، نشكر الله على نعمة هذا اللقاء في كندا الرحيبة بالحريات والديموقراطية، ياصاحب الغبطة، نحن اللبنانيين نعيش معا في هذا البلد المضياف، ونسعى الى تحصين أنفسنا من أمراض الأنقسام والتشتت، فتكون لنا الشهادة الجامعة من أجل لبنان موحد، وهو مضرب المثل في التعايش وترسيخ الثوابت الكيانية اللبنانية، وفي سياق هذا المسعى، وبإرشاد منير من سيادة المطران جوزف الخوري، تشرفنا كوفد مسيحي إسلامي بالوقوف في حضرة قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في الفاتيكان، لنؤكد على المعنى العميق لتلاقي الأديان، وما يمثله لبنان الرسالة والنموذج”.

تابع: “ونحن على ضوء إرشاداتكم، نؤمن بضرورة بلورة رؤية وطنية واضحة تقوم على نقد الذات، تستوعب متغيرات الواقع المحلي والدولي، وتكون قادرة على بناء النهضة اللبنانية الحقيقية، ونحن نرى أن النهوض بلبنان وإخراجه من عثرته أمر لا يمكن لفريق واحد أن يقوم به، وإنما هو عمل يحتاج الى فكر الكل وجهدهم، ومن هنا رفض العمل السياسي القائم على الإستحواذ أو الإستئصال أو السيطرة الأحادية النابذة والملغية للآخر، وللاختلاف وحق الإختلاف وحرية الراي والتعبير. وخلال السنوات الماضية إستطاع اللبنانيون صياغة مواثيق للعيش المشترك، والحوار الدائم والإحترام المتبادل، تقوم على قبول الآخر المختلف دينيا أو مذهبيا أو ثقافيا، وعلى العيش معا، وعلى إحترام قناعات وخصوصية شعائر وشرائع كل طرف، وعلى ممارسة الحوار كأداة بناء الثقة، ولإقامة علاقات الصداقة والمودة مع إحترام حدود المغايرة والإختلاف، ومتطلبات المواطنة المتكافئة”.

أضاف: “إن أهل كل دين أو مذهب، أو عقيدة، يعتقدون فيها الصحة المطلقة والحقيقة الكاملة، لكن هذه حقيقة عند أهل الإيمان الصادق، لا تورث شعورا بالأفضلية، ولا بالتميز، ولا تؤثر سلبا على العلاقات الإنسانية بين الناس، والا تحولت من إستمساك محمود من كل ذي دين بدينه، الى تعصب ممقوت يغري السفهاء من كل جماعة بمن ليس منها، وهذا ما تعنيه دعوتنا الى وسطية في الفقة والمسلك. والحوار الحقيقي يتطلب من المحاور شجاعة في المراجعة ومساءلة الذات، وهو في معناة الأعمق قدرة على رؤية الذات من موقع الآخر، وقدرة على فهم الآخر بملاحظة إعتباراته ومعاييره الخاصة، وقد أظهرت وقائع الحرب اللبنانية إن التصادم داخل الجماعة الواحدة الصافية كان أشد فتكا من تصادم الجماعات المختلفة”.
وقال: “لقد كان قدر الموارنة وبطريركهم يا صاحب الغبطة أن يكونوا في الريادة في الدفاع عن خصوصية لبنان وتعدديته والحريات، وكان قدر غيرهم من الطوائف اللبنانية الدفاع عن عروبة لبنان الحضارية وإقامة العدل فيه، وفرادة العظماء في تاريخ لبنان المعاصر تكمن في فهمهم لخصوصية لبنان وفي وعيهم لدوره ولرسالته، التي قال فيها البابا يوحنا بولس الثاني والإمامين الصدر وشمس الدين وغبطتكم، إنها رسالة الحوار والتعايش والمحبة والشراكة ضمن الحرية والكرامة والديموقراطية، ولم يكن الموارنة أن ينجحوا في حل هذه الرسالة لولا أحبار وبطاركة تاريحيين وإستثنائيين ولولا إرادة العيش المشترك، وارادة الشراكة الإسلامية – المسيحية، وارادة التجدد الروحي، حتى صار الموارنة ولبنان واحدا، فكما أنه لا يمكن تصور دور الموارنة والمسيحيين في المحيط العربي والعالمي، لولا وجود لبنان، فإن ما يعطي لبنان خصوصيته وفرادته هو الوجود المسيحي والماروني تحديدا على قاعدة الشراكة الاسلامية المسيحية فيه، و
المحبة بين كل ابنائه على ضوء توصيات السينودس التاريخي من أجل لبنان ومن أجل مسيحيي الشرق”.

تابع: “صاحب الغبطة، لقد آلينا على أنفسنا كلبنانيين في كندا على أن ننأى بوجودنا عن الإنقسامات التي تحفل بها ساحة الوطن، فنحن متمسكون بعيشنا الواحد، وتلفنا الغبطة والسرور اليوم بوجود غبطتكم بيننا، كيف لا وأنتم من حمل شعار “شركة ومحبة”. فنحن بحاجة الى قدومكم الميمون الى ساحنا ومن يحمل نفس المضامين. إننا نتطلع بكل فخر الى الزيارة المرتقبة لقداسة البابا الى لبنان خلال شهر أيلول المقبل ويحدونا الأمل الكبير بأن تعيد تأكيد الثوابت الإيمانية في شرقنا الحبيب مهد وتلاقي الأديان. أهلا وسهلا بكم، ونتمنى لزيارتكم الكريمة الميمون اعلى عناصر وتقادير النجاح، كما نتمنى لرعيتكم الكريمة النجاح والإزدهار جنبا الى جنب مع سائر افراد العائلة الروحية اللبنانية للعمل مخلصين معا في سبيل لبنان وسلام الإنسانية”.

وفي الختام قدم عباس درعا تقديريا للبطريرك الراعي.

ورد  البطريرك الراعي بكلمة شكر على الإستقبال وقال: “أننا جميعاً تعلمنا في كتاب واحد هو لبنان الميثاق الإسلامي – المسيحي، ولذلك نتكلم اللغة ذاتها. في الإرشاد الرسولي رجاء جديد للبنان. يتحدث الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني عن مكونات لبنان الإسلامية والمسيحية بكل طوائفها، وهذا المكون اللبناني هو في آن ثروة وقدرة وعزة، ونحن اخترنا هذا المكون الثروة والقدرة والذين إنتهجوا نهج تقسيم لبنان وإنشطاره إختاروا العثرة، ونحن هنا نجدد إيماننا بلبنان الثروة الإسلامية المسيحية الغنية بالقيم، فالاسلام في لبنان تسمية إضافية والمسيحية أيضاً، فهذه الثروة هي ثروتنا العظيمة ولهذا نحتاج لأن نعرفها أكثر ونتعمق فيها لكي نغتني واحدنا من الآخرين، وهذا النسيج اللبناني المتنوع بمسيحييه ومسلميه هو قدرة على التعاون وبناء وطن بنيناه جميعاً بأيدينا”.

أضاف: “نحن في كندا التي فيها تلاقيتم أيها اللبنانيون على تنوع أحزابكم ورؤيتكم الوطنية وطوائفكم، وهذه الأرض الطيبة هي أرض انفتاح وإحترام الآخر المختلف. وهذا الوطن أعاد اليكم إيمانكم الكبير بلبنان، ولذلك هذا اللبنان لا يستقيم إلا إذا نظرنا بعضنا الى بعض مسلمين مسيحيين أننا معا ثروة وقدرة، وبهذا نستطيع أن نتحاشى ونتجاوز أي عثرة في حياتنا الوطنية والإجتماعية”.

وأكد غبطته “أن القمم الروحية التي عقدت في لبنان هي لكي تعلن في وجه كل إنقسام وإنشطار في لبنان، ولكل من إختار العثرة، أننا مع المبادىء التي تجمعنا وتحفظ لنا لبنان في عالمه العربي”.

وأضاف: “هناك من يريد أن يرعى في الإسلام والمسيحية صراع الأديان والحضارات ويعملون من أجل إزكاء هذا الصراع، لكن نحن في لبنان إتخذنا التحدي أن الإسلام والمسيحية هما في عيش معا واحد وثروة البشرية، وهذا هو خيارنا ومن أجله نحن نعمل. ونحن كميسحيين في لبنان رسالتنا ومسؤوليتنا أن نقول للعالم الغربي أن الإسلام ثروة وقيمة وليس عنفاً وحرباً، وليس قتلاً كما تدعون. ونحن نعرف أن الإسلام اللبناني جزء من هويتنا، أدركنا أن لم ندرك أن في مسيحيتنا جزء كبير من الإسلامية اللبنانية، والمسلمون اللبنانيون مسؤولون لأن يعرفوا العالم الإسلامي أن المسيحية قيمة وثروة وإنفتاح وإحترام، لأننا نحن المسلمون اللبنانيين أدركنا أم لم ندرك أن جزءاً كبيراً من هويتنا الإسلامية مسيحية، فالطوائف والمذاهب الإسلامية والمسيحية ليست من أجل الثنائيات، بل من أجل التكامل، وكل طائفة ومذهب قيمة إضافية بحد ذاتها، ونحن نبني هذه الفسيفساء اللبنانية بجمال طوائفها ال 18 عشرة وهي رسالة للغرب والشرق”.

وتابع قائلا “وهناك من يعمل من أجل الفوضى والكراهية، فنحن خيارنا أننا مسلمون ومسيحيون على تنوعنا أننا ثروة كبيرة ولسنا عثرة”.

وتطرق  غبطنه الى زيارة البابا بندكتوس السادس عشر الى لبنان في أيلول، مشيراً الى “أن قداسته سيوقع ويعلن وثيقة المجمع السينودوس من أجل الشرق الأوسط”. 

أضاف: “نحن نأمل أن تبلغ الدول العربية كلها الى ربيع جديد وأن تتوصل من الداخل لا من الخارج الى ميثاق وطني في كل دولة في هذه الدول، حيث المسيحية فيها عمرها ألفي سنة والمسلمون طبعوا هذه البلدات الى جانب المسيحيين بثقافتهم، لذلك نتطلع الى ربيع حقيقي، ربيع الديموقراطية والحريات وكرامة الإنسان، وحقوق الإنسان وما يتوق اليه شعب كل وطن وبلد، فلا يمكن لأحد أن يفرض على أحد هويته وإصلاحه، فالإصلاح إما أن يأتي من الداخل أو لا يأتي، فنحن نأمل للدول العربية ربيعا ينبع من داخلهم”.

وترأس  البطريرك الراعي قداساً إحتفالياً في كنيسة مار مارون في حضور حشد من المؤمنين وشدد في عظته على “ضرورة التمسك بالوطن”، داعياً “الجميع الى الإسراع في تسجيل أولادهم للحصول على الجنسية اللبنانية التي هي حق”.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير