الفاتيكان، الإثنين 21 مايو 2012 (ZENIT.org)- ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة إفرحي يا ملكة السماء يوم الأحد 20 مايو 2012.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

بعد أربعين يومًا على قيامته من بين الأموات، وبحسب أعمال الرسل، صعد يسوع الى السماء، أي عاد الى أبيه الذي كان قد أرسله الى العالم. في كثير من البلدان لا يحتفل بهذا العيد يوم الخميس، بل يوم الأحد الذي يليه. يتمم صعود الرب الخلاص الذي بدأ مع التجسد. بعد أن كلّم يسوع تلاميذه للمرة الأخيرة رُفع الى السماء (راجع مرقس 16، 19). ولكنه "لم ينفصل عن وضعنا الإنساني" (راجع المقدمة)؛ في الواقع، ففي إنسانيته جذب الناس نحو الآب، كاشفًا بهذا الوجهة الأخيرة لحجّنا على الأرض.

من أجلنا نزل المسيح من السماء، وتألم ومات على الصليب، ومن أجلنا قام وصعد الى الله، الذي لم يعد بعيدًا، بل أضحى "إلهنا" و"أبينا" (راجع يوحنا 20، 17). إن الصعود هو الفصل الأخير لتحريرنا من عبودية الخطيئة، كما كتب القديس بولس: "صعد الى العلى فأخذ أسرى" (أفسس 4، 8). يشرح القديس لاوون الكبير بأنه من خلال هذا السر أُعلن "ليس خلود الروح فحسب بل خلود الجسد أيضًا". بالفعل، "لقد دخلنا اليوم بشراكة حيازة الجنة، ولكننا دخلنا بواسطة يسوع المسيح في أعالي السماوات" (De Ascensione Domini, Tractatus 73, 2.4: CCL 138 A, 451.453). بعد أن عاين الرسل معلمهم يرتفع الى السماء لم تثبط عزيمتهم، بل على العكس لقد أظهروا فرحًا كبيرًا، وشعروا بأن هناك ما يدفعهم لإعلان إنتصار المسيح على الموت (راجع مرقس 16، 20). كان الرب يرافقهم، موزّعًا على كل واحد منهم هبة شخصية، بحيث تعكس الجماعة المسيحية بمجملها ثراء السماء المتناغم. يقول القديس بولس أيضًا: "أوسع على الناس العطايا ... أولى بعضهم أن يكونوا رسلا وبعضهم أنبياء وبعضهم مبشرين وبعضهم رعاةً ومعلمين... بهدف بناء جسد المسيح ... ونبلغ القامة التي توافق سعة المسيح" (أفسس 4، 8. 11- 13).

أيها الأصدقاء الأعزاء، يخبرنا الصعود بأن يسوع المسيح رفع إنسانيتنا الى أعالي الله؛ بذلك في كل مرة نصلي فيها الأرض والسماء تلتقيان. كما البخور باحتراقه يتصاعد منه الدخان والرائحة العذبة لكي عندما نرفعه بحرارة وثقة تتخطى صلاتنا بيسوع المسيح السماوات وتصل الى عرش الله، فيستطيع الله سماعها والإستجابة لها. نقرأ في الكتاب الشهير للقديس يوحنا الصليبي "صعود الكرمل" بأن: "أفضل طريقة لنرى رغبات قلبنا تتحقق هي بأن نضع كل قوة صلاتنا بما يرضي الله بالأكثر". هو لن يعطينا ما نطلبه منه فحسب، أي الخلاص، بل أيضًا ما يراه مناسبا لنا، حتى ولو لم نطلبه منه" (Livre III, chap. 44, 2, Roma 1991, 335).

لنسأل العذراء مريم أن تساعدنا على التأمل بالخيرات السماوية التي يعدنا بها الله، ولنصبح شهودًا صادقين على الحياة الإلهية.

* * *

نقلته من الفرنسية الى العربية نانسي لحود – وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية