جل الديب، الجمعة 18 مايو 2012 (ZENIT.org). – عقدت ظهر اليوم في المركز الكاثوليكي للإعلام ندوة صحفية قدمت فيها رسالة قداسة الحبر الأعظم، البابا بنديكتس السادس عشر في مناسبة يوم الإعلام العالمي السادس والأربعين بعنوان:“الصمت والكلمة: مسيرة كرازة”. شارك فيها رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، وزير الإعلام وليد الداعوق، نقيب الصحافة محمد البعلبكي، نائب نقيب المحرّرين سعيد ناصر الدين، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم. حضرها: المدير العام لوزارة الإعلام حسّان فلحة، مستشار الوزير اندريه قصاص، مديرة الوكالة الوطنية للإعلام السيدة لور سليمان صعب، المدير العام لإذاعة “صوت المحبة” الأب فادي تابت، الدكتور أنيس مسلّم، وأعضاء اللجنة الاسقفية لوسائل الإعلام وعدد من المهتمين والإعلاميين.
بداية رحب مدير المركز الكاثوليكي للإعلام بالحضور وقال:
“تتمحور رسالة قداسة الحبر الأعظم، البابا بنديكتس السادس عشر لليوم العالمي السادس والأربعين لوسائل الإعلام، حول العلاقة بين الصمت والكلام. هذان النقيضان ينبغي أن يتوازيا ويتكاملا بغية الوصول إلى حوارٍ حقيقي وتقارب بين الأشخاص. فإن ألغى الصمت الكلام أو العكس يتراجع التواصل. أما في حالة التكامل بينهما تكتسب الاتصالات قيمة ومعنى”.
تابع: “إن الصمت يدخلنا في علاقةٍ عميقة مع ذاتنا كي نتعرّف عليها على نحوٍ أفضل ويفتح المجال لتبادل الآراء والأفكار مع الآخرين وهذا الأمر يؤسس لعلاقة بشرية كاملة”، ويضيف قداسته “في الصمت يتكلم الفرح والقلق والمعاناة، ومن خلاله نجد أهم وأقوى أنواع التعبير”.
أضاف: “وفي زمن الاختراعات العجيبة والعالم الرقمي وشبكات الأنترنت، حيث يجد الإنسان نفسه أمام كمّ هائل من أجوبة على اسئلة لم يطرحها، عندها يصبح الصمت قيمة ثمينة تساهم في التمييز بين الحوافز والأجوبة الكثيرة على الأسئلة المتعلقة بالوجود البشري والتي تظهر قلق الإنسان الباحث دائماً عن الحقيقة. سواءً أكانت صغيرة أم كبيرة”.
تابع: “إن لاهوت الصمت ينبع من سرّ الصليب، ففي صمت الصليب تنطق بلاغة محبّة الله حتى بذل الذات عبر لغة جديدة نتكلّم من خلالها مع الله وعنه، فيضحي إذاك الصمت تأملاً، يدخلنا في صمت الله، فنصل إلى حيث تولد الكلمة المخلصة.”
وختم : ” يؤكد قداسته على أن التربية على التواصل، تعني أن نتعلّم الإصغاء والتأمل بالإضافة إلى الكلام، فالصمت والكلمة يشكلان عنصران أساسيان وجزء لا يتجزأ من نشاط التواصل الكنسي لإعلان المسيح بطريقة متجدّدة في عالمنا المعاصر”.
ثم رحب المطران بولس مطر بالحضور وقال:
“نرحب بكم أولاً تزورون هذا البيت وهو بيتكم لكونكم وزيراً للإعلام في حكومتنا العزيزة وفي لبناننا العزير، نشكر لكم هذه المبادرة التي تشجعنا على إكمال عملنا, لإت رسالتنا في سبيل إعلام مسؤول ومحبّ في هذا الوطن العزيز، كما نرحب بحضرة النقيب محمد البعلبكي الصديق الذي يمثل تجربة الحرية في هذا البلد وعشنا هذه الحرية التي هي سرّ لبنان، ونرحب أيضاً بالأستاذ سعيد ناصر الدين شاكرين لكم جميعاً إسهامكم ومشاركتكم في هذه الندوة التي نقيمها في مناسبة خاصة هي مناسبة إطلاق اليوم السادس والأربعين للإعلام الكاثوليكي في العالم.
في السنة المقبلة سنُعيد خمسين سنة على إطلاقة المجمع الفاتيكاني الثاني، أما اليوم السادس والأربعون فهو يصادف نهاية هذا المجمع وفيه منطلقات جديدة حول الكنيسة ورسالتها في العالم. فبدل أن تقدّس الكنيسة حقيقتها لذاتها أرادت المجمع المسكوني أن تكون حقيقتها للعالم، إنطلقت برسالة إعلامية جديدة نحو كل الشعوب وكل الأديان بغية الإسهام في خلق عالم موحد، عالم متداخل، عالم يقبل فيه الناس بعضهم بعضاً بالعيش الواحد الكريم، بين المعتقدان والأديان.
هذا هو رأي المجمع الفاتيكاني الثاني الذي سنحي إطلاقته في العام المقبل. وهذا اليوم السادس والاربعون يكون لنا بمثابة تفكير حول رسالتنا كلنا كمسيحيين مؤمنين نحو الآخرين. وهكذا الصمت بعضنا مع بعض هو أساس للحوار ولتفهم بعضنا البعض.
وكم نحن بحاجة اليوم لأن نستمع بعضنا إلى بعض من جديد في لبنان. نحن لا نلتقي في لبنان ولا يصغي أحدنا للآخر.
كل له رأيه ولا يسأل عن رأي الآخر، كل له موقفه ولا يسأل عن موقف الآخر، لذلك نحن نضاد بعضنا بعضاً ونغني بعضنا بعضاً عوض أن نضع كل أمورنا سوية ووننطلق من جديد في سبيل وطن معافى.
وأعلن مطر عن القداس الذي سيقام لهذه المناسبة بعد غد الأحد عند الساعة الثانية عشرة في كنيسة القلب الأقدس بدارو – شارع سامي الصلح، وقال: “لماذا القداس، لأننا نؤمن بالصلاة وسيلته تواصل مع الله، ومن يتواصل مع الله يتواصل مع إخوانه. هذا موقفنا الحقيقي حتى نصل إلى هذا التواصل. الكنيسة عقدت أيضاً في لبنان مؤتمراً من أجل الشرق الاوسط هذا الشهر حول
موقف المسيحيين من الإعلام الجديد أي الإعلام الرقمي ورأت أنها مسؤولة عن استعمل هذه الوسائل الحديثة لأنها وسائل فعّالة توصل الصوت إلى أقاص الدنيا وبسرعة البرق ولأن وسائل قد تكون خطيرة حيث لا ضابط لها وحيث الكذب والتكاذب ممكن دون أن يكون أحد مسؤولاً عن أي شيء لذلك قالت الكنيسة وتقول بالفم الملآن اليوم أننا بحاجة إلى الوسائل الحديثة المسماة رقمية لنوصل الكلام إلى أقاصي الأرض، ولك
ننا بحاجة أيضاً إلى أخلاق وإلى مسؤوليته لتكون الرسالة رسالة أخلاقية واستعمال المادة الإعلاميّة استعمالاً أخلاقياً حتى نبني عالماً أخلاقياً.
وفي النهاية ندعو إلى نبذ العنف في لبنان وفي المنطقة بأسرها، العنف عكس الكلام، العنف يعني انقطاع الكلام والناس قد خلقوا ليتعارفوا وليتحاكوا فلماذا لا نطلق رسالة من هذا المركز ومن لبنان نحو الشرق الأوسط برمته أن أقفوا العنف، اوقفوا القتل والقتال، تعالوا إلى صلح بين جميع المتقاتلين، نحن في لبنان مررنا بالتجربة ورأينا أن ذلك كان فشلاً ذريعاً فلماذا لا يوفرالآخرين مثل هذه التجارب على نفوسهم فندعوهم إلى اللقاء وإلى الكلام عوض عن قطع الكلام والكلام بنوع آخر بالرصاص وسواه.
وختم نسأل الله أن يوفقنا في رسالتنا الإعلامية لتكون رسالة حقيقة وخدمة للحقيقة وبالتالي خدمة للإنسان ولأمتنا العزيزة.
ثم كانت كلمة وزير الإعلام وليد الداعوق جاء فيها:
قرأت بتمعن رسالة قداسة الحبر الاعظم البابا بنديكتسBENEDICTUS السادس عشر، في اليوم العالمي الـ 46 للاتصالات الاجتماعية، بعنوان “الصمت والكلمة: مسيرة كرازة” SILENCE ET PAROLE: CHEMIN D‘ EVANGELISATION قرأتها بعيدا عن الضوضاء، وقرعقة السلاح وطبول الفتنة التي تعيشها عاصمتنا الثانية طرابلس الحبيبة في هذه الاوقات العصيبة.
تابع: “احسب ان ما ضمنه قداسته في كلمته، من جدلية بين الصمت والاصغاء الى آلاخرين وبين كثرة الكلام وتهميش آلاخرين، موجه في الدرجة الاولى الى اللبنانيين عموما والى اهل السياسة في شكل خاص”.
أضاف: “ان أي حوار بين اللبنانيين، على أي مستوى كان، يشبه أي شيء آخر الا الحوار. وهذا ما يفسر استحالة توصلهم الى الاتفاق على امر واحد. فالانا تتحول معهم من محاوِر الى محاوَر واحد. ويكفي للدلالة ما نشاهده من على شاشات التلفزة في حلقات الـ talk show التي تستضيف اكثر من ضيف. وكيف تتحول من حلقة، يفترض بها ان تكون حوارية، الى ما يشبه المبارزة الكلامية تستعمل فيها ابشع انواع النعوت والالفاظ، وصولا الى لغة الشتم والتخوين، وما يتخللها من عرض للعضلات وحتى ممارسة رياضة الملاكمة الحرة.”
تابع: “جميع اللبنانيين شاهدوا المناظرة التلفزيونية عشية الانتخابات الرئاسية في فرنسا بين الرئيسين ساركوزي وهولاند، وهم لاحظوا مدى الرقي في الحوار الذي دار بينهما. ولا شك عندي بأنهم جميعا تمنوا في قرارة انفسهم ان تكون مناظرات اهل السياسة عندنا على المستوى ذاته، وان يكون الحوار بينهم مستندا الى وقائع ومستندات، ومدعما بالحجج والبراهين الحسية، بعيدا عن لغة التهشيم والاسفاف والابتذال والشتائم والسباب والاتهام بالعمالة.”
أضاف: “كلام قداسته الذي يذكرنا بالقول المأثور “ما جادلت جاهلا الا وغلبني”، يدفعنا اكثر فأكثر الى الاصغاء الى آلاخرين. فمن لا يعرف كيف يصمت لا يعرف ان يتكلم، ولا يعرف حتى كيف يحاور، ولا يعرف ايضا اين تبدأ حدوده واين تنتهي، واين تبدأ حدود آلاخرين ومتى تنتهي”.
أضاف: “في زمن الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ايها الاعزاء، كثرت المعلومات وبات الوصول اليها متاحا لكل فرد من افراد المجتمع، بحيث اصبح العالم كله قرية كونية عن حق وحقيق، وهذا ما يحفز المتعاطين بالاعلام والكلمة الى التعمق اكثر فاكثر بهذا الكم الهائل من المعلومات والى تحليلها والتبصر بها قبل اعادة نشرها، بما يتفق مع ما تفرضه عليهم اخلاقيات المهنة. وهذا الامر يتطلب عمقا في التفكير بمسؤولية ووعي وادراك، وهذا لا يتأمن الا بالتحليل الصامت، والتشارك بالحوار مع آلاخرين في عملية الجوجلة والتدقيق والاختيار، في ما يسمى بإدارة المعلومات”.
تابع: “كم من المعلومات والاخبار غير المدقق بها، قبل استخدامها، قد تؤدي الى خضات، بالاخص عندما تطاول مجتمعات معينة قد تكون مستهدفة لاغراض سياسية وغايات مشبوهة، او عندما تتناول اشخاصا في سمعتهم وفي سلوكيتهم قد تسيء اليهم والى مستقبلهم وقد تقضي على مهنتهم وعلى حيثية وضعهم الاجتماعي”.
أضاف: “هذا ما قصده قداسة البابا بالذات عندما تكلم عن الصمت في ما خص وسائل الاعلام. وللصمت في الاعلام انواع. منه ما يساعد على بلورة الحقائق وصقلها بقوالب الحرفية والمهنية باتقان العارف والمتبصر. ومنها ما هو مؤذ عندما يكون الصمت عن الحق شيطانا اخرس”.
أضاف: “لكل هذه الاسباب، ولان كلام هذه الايام لم يعد من فضة ولان الصمت حافظ على ذهبيته، آليت على نفسي منذ اليوم الاول لتسلمي مهام وزارة الاعلام، وزارة الكلام ولكن ليس أي كلام، ان اقلل من اطلالاتي الاعلامية، وان انأى بنفسي عن الجدليات العقيمة التي من شأنها ان تزيد الاحتقان احتقانا، وان تؤدي الى المزيد من التشنج والبلبلة والضياع، في وقت نحن في امس الحاجة الى ان يكون خطابنا السياسي اكثر عقلانية ويعتمد على الاخلاقيات السياسية، ولا يتوسل اثارة الغرائز والعصبيات، بعيدا عن العنتريات الكلامية والمزايدة على بعضنا البعض في حرصنا على الوطن”.
وتابع: “الوضع الذي نعيشه هذه الايام خطير وخطير جدا، ويتطلب منا جميعا من دون استثناء، ان نرتقي الى مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا، والا نضيع فرصة انقاذ بلدنا مما يخطط لدفعه الى عين العاصفة والى آتون صراعات آلاخرين على ارضنا. يقيني ان الحوار الهادىء والرصين والمسؤول والمنفتح وغير المشروط هو السبيل الوحيد للخروج من دوامة التخبط بأزماتنا المتشعبة. بالحوار وحده، والحوار الصامت
احيانا، ننقذ لبنان مما يحاك له من مؤامرات. انه خشبة الخلاص لنا جميعا”.
وختم معاليه بالقول: “ما احوج المتعاطين بالشأن العام اللبناني وبالاعلام ان يضعوا كلمة قداسة الحبر الاعظم هذه تحت وسادتهم ويقرأونها بعد كل يوم مليء بالضجيج والصخب والاضطرابات، فتكون لهم خير هاد وخير معين، فيعرفون متى يجب الصمت ومتى يجب الكلام. والله مع الصامتين عندما يعرفون متى يتكلمون، وتكون لنا عبرة نستخلصها للانقاذ قبل فوات الاوان، وقبل خراب البصرة.”
ثم تحدث النقيب البعلبكي فقال: أولاً وقبل كل شيء، كل الشكر للمركز الكاثوليكي للإعلام الذي حرص على ان يدعو إلى هذا اللقاء الحميم للتامل ودراسة ما ورد في رسالة قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتس السادس عشر في اليوم العالمي السادس والاربعين لوسائل الإعلام حول العلاقة بين الصمت والكلام.
رسالة قداسة البابا عن الصمت والكلام مقصود بها الصمت الذي ينتهي بنتيجة إيجابية وبفكرة معينة قابلة للنقاش بعد تأمل بين الإنسان وذاته يخرج بهذه الفكرة لكي يقابل بها الفكرة المضادة عنذ زميله في الإنسانية وخصوصاص زميله في المواطنة بلوغاً للحقيقة وللحق.
تابع: “أن لست مع الصمت الدائم فالساكت عن الحق شيطان أخرس، المقصود بالصمت الذي يتحدث عنه قداسة البابا هو الصمت الذي ينتهي بنتيجة إيجابية ويفسح المجال للمناقشة الحرة بين ما انتهى إليه صمت فلان حتى يصل المتحاوران إلى النتيجة التي ترضي العقل وفي الوقت نفسه ترضي الإيمان”.
واستشهد البعلبكي بقول للإمام الشافعي قبل 1350 سنة وفيه “رأي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب تعالى نتباحث” أملاً أن نطبق هذا القول في حياتنا الوطنية. وأعتبر أن القطية الفكرية لا توصل إلى نتيجة ولا يغتر بها أنسان أي كان. وقديماً قال السيد المسيح “تعرفون الحق والحق يحرركم”، معرفة الحق لا تكون إلا بعد مناقشة أخوية تحترم رأي الآخر والراي الآخر يحترمها بلوغاً للحقيقة، وسبيل حرية العقل وحرية النفس وحرية الإنسان هي معرفة الحق التي لا تكون إلا بالحوار، والحوار يقتضي قبول الإنسان لزميله في الإنسانية أياً كان الخلاف في الرأي، ولا يستطيع أي إنسان أن يدعي أنه يحتكر الصواب.
وختم بعليكي: “هذه الرسالة التي وجهها قداسة الحبر الأعظم جاءتنا في لبنان في الوقت المناسب وعلينا أن نستنير بها ونسترشد بما تضمنته من أهمية الصمت حيث يجب الصمت وأهمية الكلام حيث يجب الكلام، وعندئذٍ نستطيع أن نأمل بالخروج من هذه الأزمة التي ما نزال نتخبط بها في لبنان ولا بد من أن نجد سبيلاً للخروج منها في اي حال من الأحوال وأفضل سبيل لذلك الأسترشاد برسالة قداسة البابا بنديكتس السادس عشر.
واختتمت الندوة بكلمة نائب نقيب المحررين سعيد ناصر الدين جاء فيها:
نشكر المركز الكاثوليكي للإعلام الذي طالما تكلم حيث يحتاج الإنسان والوطن إلى كلام … فصمتنا واستمعنا إليه… وعندما كان يصمت نعلم أنه يتألم ليعلّمنا فرح الكلام ويتأمل ليحثنا على نعمة التأمل.
وينطلق في كلتا الحالتين من حكمة خالدة بني الكون على اساسها، وتنظم الإنسان على معناها وتبعته سائر الكائنات.
فالذي يتكلم باستمرار لا يريد أن يصمت ليسمع سواه، والذي يصمت باستمرار كأنه يريد ان يخبرنا أن الله عز وجل حرمه من نعمة قول كلمة حق في وجه سلطان جائر.
الصحافة ايها السادة هي كلمة.. وهي ركيزة الإعلام.. ولكن القابلة التي تولد هذه الكلمة هي التامل.. والتامل صمت.. والصمت ابلغ حوار بين الصامت وذاته أو بين الكلمة ومحتواها.. نصمت إجلالاص لكم أيها المؤمنون بأن الصمت والكلمة “مسيرة كرازة” وبعد الصمت يأتي كلام الحق.. ليشهد لكم بتاريخ حافل في خدمة الوطن والإنسان والحقيقة..
إن يوم الإعلام العالمي السادس والأربعين محطة مهمة في عالم مضطرب، وضاجن وهو حافل بكل أنواع العبر وخاصة في شرقنا المؤمن.. هناك أماكن كثيرة يتكلم فيها السلاح ويصمت العقلن ولكن صمته لن يدوم إلى الأبد فالارض التي كرّمها الله بانبيائه وكتبه ورسالاته لا بد وأن تعود بعد صمتها إلى الكلام الفاصل..
صمت المؤمن رسالة، وكلام المتأمل رسالة، والحرية هي البريد الوحيد الذي يوزع الرسالات بين المؤمنين..
الحرية هواء الإنسان.. وماء القيم، وهل من يعيش بدون ماء وهواء..؟
نحن كإعلاميين لبنانيين نذرنا أنفسنا للحق ونذرنا أقلامنا للوطنن نعتبر أن الحرية التي منحها لنا الله بعد ولادتنا.. وامرتنا شرائع السماء بالحفاظ عليها فاصبحت عندنا رديفاً للحياة.
وليس صدفة أن يصبح السادس من أيار هو نفسه عيد الصحافة اللبنانية..
لقد أضاف العصر حضارة الانترنت والكومبيوتر إلى وسائل الإعلام فزاد الإعلام غنى وزادت التكنولوجيا حضارة، وكم هي بليغة وجادة وعميقة رسالة قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتس السادس عشر. في هذا المجال وقد تجسّدت تحت عنوان “الصمت والكلمة: مسيرة كرازة” والفت النظر أن عصرنا وقد طوق الإنسان المعاصر بالكثير من الضجة والضجيج الخارجي يحتم علينا أن نحقق التوازن بالمزيد من الصمت الداخلي. ليس الكلام مجرد أصوات تخرج من الفم حتى ولو كان الكلام بلا معنى، وليس الصمت فراغاً وهروباً من الكلام. كلاهما صاحب وظيفة… لتعمير هذه الحياة… نتمنى لندوتكم مزيداً من الكلام المثمر ونعدكم بعدها بكثير من الصمت ليصبح للكلام معنى كما نعدكم أن الحرية ستبقى الحارث القدوس للصامتين والمتكلمين.