وضعيات الصلاة: تعليم القديس عبد الأحد

تعليم البابا بندكتس السادس عشر في المقابلة العامة بتاريخ 8 أغسطس 2012

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

روما، الأربعاء 26 سبتمبر 2012 (ZENIT.org) – نظرًا لغياب زينيت خلال القسم الأول من شهر أغسطس، لم نتمكن من تقديم ترجمة لبعض النصوص. رغبة منا في إكمال الأرشيف وتوفير النصوص الكاملة لمحبيها، ننشر في ما يلي المقابلة العامة لقداسة البابا بندكتس السادس عشر مع المؤمنين في القصر الرسولي الصيفي نهار الأربعاء 8 أغسطس 2012، والتي تكلم خلالها عن الصلاة على سبيل القديس دومينيك (عبد الأحد) دي غوزمان.

***

تحتفل الكنيسة اليوم بذكرى القديس دومينيك دي غوزمان، كاهن، ومؤسس رهبانية الواعظين، الدومينيكان. كنت قد تناولت في تعليم سابق هذه الشخصية البارزة والإسهامات الأساسية التي قدمها القديس لتجدد الكنيسة في عصره. أود اليوم أن أسلط الضوء على جانب أساسي من روحانيته: حياته، وصلاته. كان القديس دومينيك رجل صلاة. وبسبب محبته الكبيرة لله، كان يطمح فقط لخلاص النفوس، بخاصة تلك التي وقعت في شباك البدع في ذاك الوقت. وعلى مثال المسيح، فقد ضم جذريًّا المشورات الإنجيلية الثلاث جامعًا ما بين إعلان الكلمة المقدسة وشهادة حياة فقيرة؛ نما على طريق الكمال المسيحية مقتادًا بالروح القدس. كانت الصلاة في كل وقت القوة التي تجدد أعماله الرسولية، وتجعلها مثمرة من أي وقت مضى.

كتب الطوباوي جوردان دو ساكس، الذي توفي عام 1237 وقد خلف القديس دومينيك على رأس الرهبانية ما يلي: “خلال النهار، لم يكن أحد مؤنسًا أكثر منه… عكس الليل، حيث لا يوجد أحد مجتهدًا أكثر منه للسهر والصلاة. كان يخصص النهار لمن حوله، ولكنه كان يخصص الليل لله” (P. Filippini, San Domenico visto dai suoi contemporanei, Bologne 1982, pag. 133).  يمكننا أن نرى في القديس دومينيك مثالا على التكامل المتناغم ما بين التأمل في الأسرار الإلهية والعمل الرسولي. وفقًا لشهادة أشخاص مقربين منه فهو كان “يتكلم دائما مع الله أو عن الله”. هذا يدل على شراكته العميقة مع الرب، وفي الوقت عينه التزامه المستمر لقيادة الآخرين لهذه الشراكة مع الله. لم يترك أي كتابات عن الصلاة، ولكن التقاليد الدومينيكة جمعت ونقلت تجربته الحية في عمل بعنوان: « Les neuf manières de prier de saint Dominique ». ألف هذا الكتاب ما بين 1260 و1288 راهبٌ دومينيكي، وهو يساعدنا على فهم شيء ما من حياة القديس الداخلية، ويساعدنا أيضًا، وعلى الرغم من كل اختلافاتنا، أن نتعلم شيء ما عن طريقة الصلاة.

إذًا، وبحسب القديس دومينيك هناك تسع طرق للصلاة، وكل طريقة كان يمارسها أمام يسوع المصلوب، كانت تعبر عن وضعين جسدي وروحي اللذين بارتباطهما بشكل حميم يعززان التأمل والورع. تتبع الطرق السبع الأولى خطًّا تصاعديًّا، كخطى على الطريق، نحو الشراكة مع الله، والثالوث: يصلي القديس دومينيك واقفًا، منحنيًا كتعبير عن التواضع، راقدًا على الأرض لطلب المغفرة عن خطاياه، راكعًا كعلامة عن التوبة والمشاركة بآلآم المسيح، فاتحًا ذراعيه كالمصلوب للتأمل بالحب الأسمى، ونظره شاخص نحو السماء فيشعر بأنه مجذوب نحو السماء، نحو عالم الله. هناك إذا ثلاث وضعيات: الوقوف، والركوع، والرقود على الأرض، ولكن النظر دائما شاخص نحو الرب المصلوب. أما الطريقتين اللتين أود أن أتوقف عندهما فتنتميان الى ممارستين للتقوى عاشهما القديس. أولا التأمل الشخصي، حيث تكتسب الصلاة بعدًا أكثر حميمية، وورع. في ختام الإحتفال بالقداس، كان القديس دومينيك يمدد لقاءه مع الله، من دون أن يحدد الوقت. فبجلوسه بهدوء، كان يلتقي مع نفسه بوضعية إصغاء، أو كان يقرأ كتاب ما، أو ينظر الى المصلوب. كان يعيش لحظات اللقاء مع الله هذه بشكل مكثف، وكان يمكننا أن نسمع من الخارج ردات فعله أفرح أم بكاء. من خلال التأمل استوعب حقائق الإيمان. يخبر الشهود أنه، أحيانًا، كان يدخل في نوع من النشوة، وتتغير ملامحه، ولكنه بعدها فورًا كان يعاود نشاطاته اليومية، معززا بالقوة التي كانت تأتيه من العلا. هناك أيضًا صلاته خلال رحلاته ما بين دير وآخر؛ كان يقول التسابيح، وصلاة الغروب، مع رفاقه، وكان يتأمل جمال الخلق مع عبور كل جبل وتل. فكان ينبع من قلبه نشيد تسبيح وشكر لله عن كل عطاياه، بخاصة من أجل أعظم عجائبه: الفداء الذي تممه المسيح.   

أيها الأصدقاء الأعزاء، يذكرنا القديس دومينيك بأن الصلاة، والعلاقة الشخصية مع الله هما أصل شهادة الإيمان التي يجب أن يعطيها كل مسيحي في عائلته، وفي عمله، وفي التزامه الإجتماعي، وكذلك في أوقات الراحة: هذه العلاقة الحقيقية مع الله هي وحدها تعطينا القوة لنعيش بشكل مكثف كل حدث، بخاصة الأوقات المؤلمة. يذكرنا هذا القديس أيضًا بأهمية الوضعيات الخارجية في صلاتنا. أن نركع، أو نقف أمام الرب، ونشخص عينينا نحو المصلوب، أن نتوقف ونلتقي في الصمت، هذه كلها ليست وضعيات ثانوية، ولكنها تساعدنا لنخلق علاقة داخلية بشخصنا مع الله. أود أن أذكر أيضًا مرة أخرى حاجة حياتنا الروحية أن تجد كل يوم لحظات للصلاة بهدوء. علينا أن نأخذ هذا الوقت لأنفسنا، بخاصة خلال العطل، تخصيص وقت للتحدث مع الله. تكون هذه طريقة لنساعد من هم على مقربة للدخول الى حضور الله المشع، الذي يجلب السلام، ويعطينا المحبة التي نحن جميعًا بحاجة اليها. شكرًا.

***

نقلته من الفرنسية الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير