زار البابا فرنسيس بعد ظهر اليوم الثلاثاء مركز “أستالي” وهو مركز استقبال وعناية بالمهاجرين وبطالبي اللجوء يُعنى به اليسوعيون، وذلك في وسط روما، بالقرب من كنيسة “يسوع” التابعة لليسوعيين.
وصل البابا إلى المركز نحو الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر، في الوقت الذي كان يتم فيه تقديم الطعام للاجئين، ونزل إلى المائدة وتوقف للحديث إلى نحو عشرين شخصًا.
ثم توقف للصلاة لبعض الوقت في كنيسة “يسوع”.
جرى من بعد ذلك اللقاء الذي جمع البابا مع مختلف الأشخاص الذين لهم علاقة بالمركز من ضيوف، عاملين، متطوعين وأصدقاء. وبلغ عدد المشاركين نحو 500 شخص.
وفي معرض اللقاء كانت للبابا كلمة عبّر فيها عن شكره لشهادة حياة بعض المشاركين الذين أخبروا عن خبرتهم الشخصية المؤلمة كلاجئين.
لا يجب أن نخاف من الاختلاف
وقال البابا للاجئين: “إن كلا منكم، أيها الأصدقاء، يحمل قصة حياة تحدثنا عن مآسي الحرب، الصراعات، المرتبطة غالبًا بالسياسة الدولية. ولكن كل منكن يحمل أيضًا وفوق كل شيء غنىً بشريًا ودينيًا، غنىً يجب استقباله، لا الخوف منه”.
وأضاف: “الكثيرون منكم مسلمون، ومن أديان أخرى؛ تأتون من دول عدة، حالات مختلفة. لا يجب أن نخاف من الاختلاف! الأخوة تجعلنا نكتشف أن هذه الأمور هي غنى، هي هبة للجميع! فلنعش الأخوّة!”.
ثم شكر البابا العاملين في هذا المركز لأنهم يساعدون الأشخاص على “إعادة اكتشاف الثقة”. وأشار إلى أهمية العمل الذي يقومون به، الذي لا يقتصر على تقديم وقت أو مجرد خدمات، بل هو عمل نبيل يقومون من خلاله بلقاء اللاجئين “والاعتراف بهم كأشخاص”.
هذا وعاد البابا إلى ثلاث كلمات تشكل “برنامج عمل اليسوعيين” وهي: “الخدمة، المرافقة، الحماية”.
الخدمة
وشرح البابا فرنسيس كلاً من هذه الكلمات موضحًا أن الخدمة تعني استقبال الشخص القادم بانتباه والانحناء نحو حاجاته، دون حساب ودون خوف، بل بحنان وتفهم مثل يسوع الذي انحتى ليغسل أقدام تلاميذه. ولفت في هذا الإطار إلى الغنى الذي يحمله إلينا الفقراء وبالتالي إلى “المساعدة” التي تتم في اتجاهين، وليس فقط باتجاه الفقير. وفي هذا الصدد صرح البابا: “الفقراء هم معلمون مميزون لمعرفة الله؛ فضعفهم وبساطتهم يعريان أنانيتنا، وضماناتنا الخاطئة، ومزاعمنا بالاكتفاء الذاتي ويقوداننا نحو خبرة قرب الله وحنانه، لنقبل حياتنا منه بمحبة”.
المرافقة
بالحديث عن المرافقة، تحدث عن تطور مفهوم الخدمة في مركز “أستالي”. فبعد أن كان يقدم خدمات مثل وجبات الطعام وملاجئ للنوم، بدأت الخدمة تتوسع لترافق المهاجرين بشكل أفعل، مثل إقامة مراكز ثقافية، ومساعدة الأشخاص على إيجاد عمل وعلى الانخراط في عالم العمل والمجتمع. وقال: “لا يكفي أن نعطي سندويشًا، إذا لم يُرافق ذلك إمكانية مساعدة الآخر على المشي بقدميه. المحبة التي تُبقي الفقير على ما هو عليه لا تكفي”.
الحماية
وأخيرًا تحدث عن “الحماية” كبعد ضروري ومُكِّمل للبعدين الآخرين. وتساءل: “كم مرة نرفع الصوت للدفاع عن حقوقنا، بينما نصمت على حقوق الآخرين!”.
ووجه البابا كلمات قوية إلى المكرسين إذا قال: “إن الأديار الخالية، لا يجب أن تتحول إلى فنادق لربح المال. الأديار الفارغة ليست لنا، هي لجسد المسيح الذي يُشكله اللاجئون”.
ودعا في هذا الإطار إلى تخطي ما أسماه بـ “تجربة العلمنة الروحية” لكي نكون قريبين من الأشخاص البسطاء وخصوصًا الأخيرين”، وإلى عيش المحبة بشكل ملموس.