تابع الأب الأقدس يقول: تعلمنا الأم أن نسير في الحياة، فهي تعرف كيف توجّه أبناءها وتجدّ في إرشادهم على الطريق الصحيح لينموا وينضجوا، وتقوم بهذا كلّه بعطف وحب، حتى عندما تحاول أن تصلح مسيرتنا إن ضللنا الطريق أو سرنا نحو الهاوية. فالأم تعرف ما هو الضروري والمهم لكي يسير ابنها في الدرب الصحيح! وهكذا الكنيسة أيضًا فهي توجه حياتنا وتعطينا الإرشادات لنسير في الدرب الصحيح. لنتأمل في الوصايا العشر: إنها تدلنا على الدرب التي يجب علينا اتخاذها لننضج وليكون لدينا مراجع ثابتة نستند إليها في تصرفاتنا. وهذه الوصايا هي ثمرة محبة الله وعطفه.
أضاف البابا فرنسيس يقول: قد تقولون لي: “ولكنها وصايا! إنها مجموعة ممنوعات!” ولكنني أدعوكم لقراءتها والتأمل بها بشكل إيجابي. سترون أنها تتعلّق بطريقة تصرفنا مع الله ومع أنفسنا والآخرين، وهذا بالتحديد ما تعلمه الأم لأبنائها، تدعونا هذه الوصايا أيضًا لنبتعد عن الأصنام الماديّة التي تستعبدنا كما وتعلمنا أيضًا أن نتذكّر الله دائمًا ونحترم والدينا، أن نكون نزيهين ونحترم الآخرين… حاولوا أن تنظروا إليها كما ولو كانت التوجيهات والتعليمات التي تعطيها لكم أمكم لتعيشوا حياتكم بشكل جيّد، فالأم لا تعلّم أبدًا شيئًا خاطئا لأنها تُحب أبناءها وهكذا الكنيسة أيضًا.
ثانيًا، تابع البابا فرنسيس يقول: عندما ينمو الولد ينضج ويصبح راشدًا، فيختار طريقه ويتحمل مسؤولية خياراته، يعتمد على نفسه ويفعل ما يحلو له وقد يبتعد أحيانًا عن الدرب الصحيح، لكن أمه لا تتركه بل هي حاضرة في كلّ مرحلة ترافقه بصبر وتدفعها قوة الحب، فالأم تعرف كيف تتابع بلطف وتَحفُّظٍ مسيرة أبنائها وعندما يخطئون تجد دائمًا الطريقة لتتفهمهم وتكون قريبة منهم وتساعدهم. أضاف الحبر الأعظم يقول: الأم تعرف كيف تقف إلى جانب أبناءها وهي جاهزة دائمًا للدفاع عنهم. أتوجه بفكري، قال البابا، إلى الأمهات اللواتي يتألمن من أجل أبنائهن المسجونين أو الذين يعيشون أوضاعًا صعبة: هؤلاء الأمهات لا يتساءلن أبدًا إن كان أبناؤهن مذنبين أم لا! بل يحببنهنّ ويتحملن الاهانات من أجلهم وبالرغم من ذلك لا يخفن ولا يتوانَين أبدًا في بذل أنفسهنَّ.
هكذا هي الكنيسة أيضًا، تابع الأب الأقدس يقول، إنها أم رحيمة تفهم وتحاول دائمًا أن تساعد أبناءها وتشجعهم، وإن خطئوا فهي لا تغلق أبدًا أبواب البيت ولا تحكم عليهم بل تقدم لهم غفران الله ومحبتها التي تدعونا لمتابعة المسيرة حتى لأولئك الأبناء الذين سقطوا في هوّة عميقة، فالأم لا تخاف أن تدخل في ظلمتهم لتمنحهم الرجاء، والكنيسة لا تخاف من الدخول في ظلمتنا عندما نعيش ليل الروح والضمير لتعطينا الرجاء.
أضاف البابا فرنسيس يقول: تعرف الأم أيضًا كيف تسأل، فهي تقرع كل الأبواب من أجل أبنائها ومن دون أي حساب. أتأمل بالأمهات اللواتي يقرعن باب قلب الله! تلك الأمهات اللواتي يصلّينَ من أجل أبنائهن لاسيما الضعفاء والمحتاجين، والذين أضلّوا الطريق. لقد احتفَلتُ منذ فترة بالذبيحة الإلهيّة في كنيسة القديس أغوسطينوس في روما حيث تُحفظ ذخائر أمه القديسة مونيكا! كم من الصلوات رفَعَتها إلى الله هذه الأم القديسة من أجل ابنها، وكم ذرفت من الدموع من أجله! أفكر بكنَّ أيتها الأمهات العزيزات: انتن اللواتي تصلين من أجل أبنائكن من دون كلل! صلّينَ دائمًا من أجلهم وسلّمنَ أبناءكن لله، قلبه كبير جدًّا إقرعن هذا الباب، باب قلب الله بالصلاة من أجل أبنائكن! فهذا ما تفعله الكنيسة أيضًا، فهي، بالصلاة، تضع بين يدي الرب احتياجات جميع أبنائها. فلنثق بقوة صلاة أمنا الكنيسة: فالرب لا يخيبها أبدًا!
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: لنرى في الكنيسة تلك الأم الصالحة التي ترشدنا في مسيرة الحياة، فهي صبورة، رحومة ومتفهّمة وتعرف كيف تضعنا بين يدي الله!