مقابلة مع مطران الأرجنتين للموارنة حول ثمار دورة تنشئة الأساقفة الجدد في الفاتيكان

وعي أكبر لدور الأسقف كراعٍ وأب وصديق، وتعاون فعال بين الطقوس الشرقية والغربية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عقد في روما من 10 وحتى 19 أيلول 2013 لقاء تنشئة للأساقفة الجدد نظمه مجمع الأساقفة برئاسة الكاردينال العميد مار أوليه وبالتعاون مع مجمع الكنائس الشرقية وعلى رأسه الكاردينال ليوناردو ساندري.

تميز لقاء التنشئة هذا العام بحضور هام للأساقفة الموارنة. فمن أصل نحو 110 أسقف، كان عدد الموارنة 14 أسقفًا.

في هذه المقابلة نستعرض مع المطران حبيب شامية بعض المسائل الأساسية التي ميزت هذا اللقاء. وننظر معه في حالة المسيحيين الشرقيين، والموارنة منهم خاصة في جنوب أميركا.

المطران حبيب شامية، من الرهبانية المارونية المريمية. من مواليد الـ 1966. دخل الرهبانية في عام 1985. سيم كاهنًا في عام 1994. معظم التزاماته الرهبانية كانت مع النشء، في الطالبية، ومع الإخوة الناذرين في روما. كما والتزم بخدمات إدارية كان معظمها في أمانة السر وككاهن معاون في الرعايا. هذا وترأس خدمة رسالة الرهبانية المارونية المريمية في الأورغواي لمدة ثلاث سنوات. سيم أسقفًا في بكركي في 25 أيار 2013 وذلك كمدبر رسولي لأبرشية مار شربل في الأرجنتين.

* * *

هلا أخبرتنا عن أهمية اللقاء الذي تم من 10 و19 من الجاري حول التنشئة الأسقفية؟

المطران حبيب شامية: بعد أن تلقيت السيامة الأسقفية، طلبت إلى المعنيين: أليس هناك تنشئة مخصصة للأساقفة لمعرفة مهامهم القانونية والكنسية. وأُعلمت حينها أن هناك لقاء سنوي يتم برعاية مجمع الأساقفة وبالتعاون مع مجمع الكنائس الشرقية في جامعة سيدة الرسل الحبرية التابعة لجمعية جند المسيح. واللقاءات تتم منذ نحو 12 سنة.

ما هي الأمور الأساسية التي تداولتموها في لقاء التنشئة المخصص للأساقفة الجدد؟

– تمحورت الاجتماعات حول مسائل وتوجيهات رعوية أساسية. فتم الحديث عن أمور تخص الأسقف في هويته ومهماته الاساسية. ونظر المحاضرون والأساقفة بأهمية علاقة الاسقف مع كهنة الأبرشية وخصوصًا الكهنة الذين يعانون من مشاكل. ودور الأسقف كمدبر ومقدس ومعلم. الأسقف معلم صلاة. هو أب وأخ وصديق للكهنة.

كما وتطرقت دورة التنشئة إلى الشؤون القانونية الأساسية المرتبطة بخدمة الأسقف. ونظرنا بشكل معمق أكثر في أمور مثل سر التوبة والأحكام الرعوية والمسائل المحفوظة للكرسي الرسولي.

هلا حدثتنا عن المناخ الذي ساد خلال اللقاء؟

– تميّز لقاء هذا العام بمشاركة كبيرة للموارنة فقد كنا 14 أسقفًا من أصل 110 أسقف مشارك.

هذا البعد من التنوع الطقسي أضفى على اللقاء طابعًا مجمعيًا إذ تم الحديث بشكل موسع عن التعاون بين الأساقفة من مختلف الطقوس. لقد نظرنا في المجمعية كواقع رعوي.

من اللافت أنه، نظرًا لعدد الموارنة الكبير نسبيًا، قمنا بالاحتفال بقداس ماروني بمشاركة سائر الأساقفة، وكان أمرًا جميلاً، لأن الكثير من الأساقفة لا يعرفون من هم الموارنة وما هو تراثهم.

هناك جهل كبير ومتفشٍ بشأن الكنائس الشرقية فهناك من يربطهم بالأرثوذكس لأنهم شرقيون وهناك من يربطهم حتى بالمسلمين لأنهم يتكلمون العربية!

ما هي المسائل والمقررات المتعلقة بالطقوس المختلفة التي تحدثتم عنها؟

بما أن تعدد الطقوس بات واقعًا منتشرًا نظرًا لهجرات الكثير من الشرقيين إلى الغرب، تم الحديث عن ضرورة إسهام مختلف الأساقفة، من سائر الطقوس، بالحفاظ على إرث الكنائس الشرقية في المهجر. فحيث هناك عدد من المؤمنين من طقوس شرقية، يجب أن يتوفر من يوكل إليه رعايتهم. وإذا كان هناك أسقف من طقسهم الأم، يجب توجيه المؤمنين إلى تراثهم الروحي الأصلي. هذه التوجيهات هي هامة لأن الممارسات الحالية تحمل شرقيي الانتشار على فقدان هويتهم الأصلية.

وخلال جلسات الحوار، طرحنا على الأساقفة اللاتين القيام بدور فعال لتوجيه المؤمنين الشرقيين في دول الانتشار إلى كنائسهم، أقله لقبول الأسرار مثل العماد، الزواج، إلخ .

هل نظرتم بالشؤون المسكونية وبالحوار مع الأديان الأخرى؟

– نعم تم الحديث عن العلاقات المسكونية مع الأرثوذكس والبروتستانت. وكان هناك مداخلة هامة للكاردينال جان لوي توران بشأن الحوار مع الأديان وبشكل خاص مع الإسلام. وتضمنت المداخلة نقطتين أساسيتين: الأولى، مساعدة المسلمين على الانفتاح العلمي والثقافي لأن التطرف يتغذى من الجهل. والثانية، توعية المسيحيين لكي يعرفوا أكثر دينهم وإيمانهم.

كما وأود أن ألفت الانتباه إلى نقاط أخرى تم التفكير معمقًا بها وهي الانفتاح على وسائل الاتصالات الاجتماعية وعلى الثقافة عامةً؛ علاقة مطران الأبرشية بالمؤسسات الرهبانية؛ الاهتمام بالدعوات؛ وتشجيع دور العلمانيين في الكنيسة.

لقد وجه إليكم البابا كلمات قوية ومتطلبة نابعة من أصالة الإنجيل. ما هي الكلمات والمفاهيم التي أثرت بك شخصيًا؟

– كأسقف جديد أثرت فيَ فكرة أن المطران لا يجب أن ينظر إلى المناصب العالية وإلى أبرشية غيره، وقد استعمل البابا تشبيه الرجل المتزوج الذي ينظر إلى امرأة أخرى. أثرت في دعوة البابا إلى عدم الوقوع في “عقلية الأمراء”.

نلمس في البابا فرنسيس رغبة وإرادة الإصلاح. ومَثَله كبابا يعيش ما يقوله هو كاف إذ يبين لنا كيف يمكننا أن نعيش الفقر، التجرد والقرب من الناس.

تحدث البابا في كلمته إليكم عن ثلاثة مواقف يجب أن تميز موقف الأسقف في خدمته الرعوية: القبول، المسير والحضور. في حديثه عن الحضور، شدد البابا على ضرورة حضور الأسقف في ما أسماه الضواحي الوجودية. ما هو وقع
هذه الكلمات بالنسبة لمهمتك الأسقفية؟

– بالحديث عن “الضواحي الوجودية، فلنذكر أن بوينس أيرس – المدينة الكبرى التي خدم فيها خورخي ماريا برغوليو – هي بحالات الفقر هذه والبابا فرنسيس، خلال فترة خدمته كرئيس أساقفة، كان ينزل ويزور هذه المناطق بالتحديد. ولو لم يجد هذه الخبرة كخبرة مثمرة وقوية لما كان نقلها إلينا بهذه القناعة.

خبرة القرب من الفقير المادي والروحي تفتح الأسقف والكاهن على خبرة المسيح.

قبل انتخابك إلى الأسقفية في شهر أيار، كانت لك خبرة كراهب مريمي مرسل في بلاد الاغتراب. هلا حدثتنا عن هذه الخبرة؟

كنت مرسلاً في الأرغواي لمدة ثلاث سنوات. خبرة الأرغواي فريدة لأنه البلد العلماني الوحيد في أميركا اللاتينية، وهو مفعم بحس معاداة للإكليروس. علمانيته نوعًا ما على نسق علمانية فرنسا، علمانية سلبية. رويدًا رويدًا ابتعد الناس عن الإيمان. وهذا الحس العلماني شتت المؤمنين، حتى الموارنة منهم.

ما هو التحدي الذي واجهتموه في هذه الرسالة؟

– أسلط الضوء على تحديين أساسيين: الأول هو أن الموارنة المتواجدين هناك هم أبناء هجرات قديمة. كانوا يسمونهم “أتراك” نظرًا لمجيئهم من الإمبراطورية العثمانية حينها، وبالتالي، تخلوا بعض الشيء عن هويتهم وفضلوا الاندماج. التحدي الثاني هو عدم الممارسة الدينية بسبب الجو العلماني المنتشر.

والآن في الأرجنتين، هل الوضع مختلف؟

– بكل تأكيد. الأرجنتين بلد كاثوليكي منفتح على دور الكنيسة. ولنذكر أيضًا أن في الأرجنتين نحو مليونين من أصل لبناني. علمًا بأن هذا لا يعني أنهم يجيدون اللغة أو يعرفون تقليدهم.

وقد بدأت الأبرشية المارونية في عام 1990 في عهد البابا يوحنا بولس الثاني حيث تم إنشاء أبرشية مار شربل في بوينس أيرس للموارنة في الأرجنتين.

في الأرجنتين، كطائفة مارونية لدينا الآن أربع رعايا. منهما اثنتان في بوينس أيرس. إحداهما تابعة للمرسلين اللبنانين وتعود إلى عام 1901. وهي أول إرسالية لرهبنة المرسلين اللبنانيين في الخارج.

هناك بعض المشاكل التي أسعى إلى حلها في أقرب وقت ممكن، منها بعد الكاتدرائية عن الدار الأسقفية، الأمر الذي يجعل حياة الأسقف الماروني أشبه بحياة الناسك خلال الأسبوع.

ولهذا اهتمامي الأول هو ربط وجودي كأسقف بكنيسة يمكنني أن أحتفل بها مع المؤمنين. ومشروعنا الأول هو إقامة مزار للقديس شربل.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير