عظة المطران درويش في عيد القديسة تقلا‏

عيد القديسة تقلا 2013

Share this Entry

أحييكم جميعا بمحبة ورجاء وأدعو بأن تكون نعمة الروح القدس معكم. وأعايد الرهبانية الباسيلية المخلصية بشخص رئيس الدير الأرشمندريت نبيه صافي وأشكره على خدمته لهذا الدير ولمنطقة البقاع الغربي، وأنا سعيد جدا بالتعامل معه كنائب اسقفي لهذه المنطقة الحبيبة. كما اعايد كل من يحمل اسم شفيعة هذه الكنيسة، القديسة الشهيدة تقلا التي قال عنها آباء الكنيسة بأنها تعادل الرسل مقاما وقداسة.

عام 45 بينما كان بولس الرسول يعظ في مدينة أيقونية، سمعته الشابة الجميلة تقلا، فسحرها شخصية يسوع المسيح الذي كان بولس يبشر به، فآمنت بيسوع واعتمدت ونذرت بأن تكون رسولة فتركت الغنى وعكفت على الصلاة والتأمل والتبشير بيسوع المخلص. ولمّا فاتحتها أمُّها بالزواج، أعلنت لها أنها نذرت نفسها للرب. وعبثا حاولت الأم إقناعها بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، حتى أنها استعانت بحاكم المدينة التي هددها بأنواع كثيرة من العذابات.

تركت مدينتها وسعت وراء بولس فأكمل تعليمها وشدد إيمانها وعندما حطت رحالهما في أنطاكية بقيت هناك تخدم المؤمنين وتبشر بيسوع المسيح. وهناك أيضا مثل كثيرين من القديسن تعرضت مرات عديدة للموت وفي كل مرة كان الرب ينجيها، حتى أن حاكم المدينة استدعاها وسالها عن سر خلاصها فأعلنت له: “أنا أمة يسوع المسيح ابن الله الحي وهو وحده الطريق والحق والحياة وخلاص النفوس.. وهو الذي أنقذني من الوحوش ومن الموت..” حينئذ أعلن الوالي أن تقلا طليقة وحرّة.

عادت تقلا إلى مدينتها ولم تفلح أمها بإقناعها، فتركت بيتها من جديد وأتت جبال القلمون في شمال دمشق وكانت تتردد إلى معلولا وصيدنايا تبشر وتثبت المؤمنين. ثم اتخذت لها مسكنا إحدى المغاور الموجودة في تلك الجبال ونسكت فيها فجاءت الناس إليها يطلبون بركتها و صلواتها وكانوا يُشفون من أمراضهم.

هناك ذاع صيتها وكتب عنها الآباء القديسون أمثال باسيليوس ويوحنا فم الذهب وقالوا عنها أنها قديسة عظيمة وبطلة ذاع صيتها في المعمورة كلها وبأنها تعادل الرسل. وقال عنها أسقف سلوقية في المجمع المسكوني السابع سنة 787 : “إني اؤكد بلا تردد أنه ما من إنسان زار ضريحها وطلب شفاعتها وعاد خائبا”.

في هذا اليوم تتجه أنظارنا إلى بلدة معلولا وفيها دير قديم يحمل اسم القديسة تقلا، كما يكلل هامتها دير القديسين سرجيوس وباخوس التابع للرهبانية الباسيلية المخلصية. هذان الديران يعود تاريخمها إلى مطلع المسيحية، وفيها أيضا كنائس عديدة ترتبط بأسماء قديسين شرقيين كبار وتحمل تراثا مسيحيا مشرقيا مجيدا وكانت دوما نموذجا للعيش المشترك، يعيش فيها المسيحي والمسلم جنبا إلى جنب بمحبة وألفة، وتسمع كل يوم أجراسها تقرع ومآذنها تهلل وكلاهما يدعوان الى الصلاة وتسبيح الله.

هذه البلدة تنزف اليوم دما فقد هجرها أهلها مرغمين وانفرط عقد الحب بين مكونات شعبها، نتيجة التعديات على كرامات الناس وعلى تاريخ عريق محفور في صخورها وفي قلوب أبنائها. نتطلع اليوم اليها ونصلي، ونحن على قناعة بأن الصلاة هي أقوى من الموت والدمار أقوى من الشر الذي يصنعه الإنسان، نصلي ليحل السلام في بلادنا ويعود التآخي إلى شعبنا وتعود المحبة تجمع المتخاصمين ويُبطَل حائط العداوة بين الشعوب.

من جديد نكرر محبتنا لكم جميعا ومعايدتنا لكم بهذا العيد المبارك

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير