الإرهاب الإسلامي الى الواجهة من جديد بعد الربيع العربي (2)

التيار الإسلامي يسيطر أينما كان

Share this Entry

في بعض هذه البلدان، لا سيما في مصر وتونس، جلب الربيع العربي روحًا جديدة: زرعوا رؤية جديدة لحقوق الإنسان، والمواطنة المشتركة بين المسيحيين والمسلمين، واضعين الدين في المرتبة الثانية، أسلوب علماني منفتح للمتدينين وغير المتدينين. ولكن دام هذا الأمر فقط ثلاثة أشهر تقريبًا. بعد ذلك استبدلوا في كل مكان من قبل جماعات اسلامية كالإخوان المسلمين والسلفيين في مصر، والعصابات الأصولية من الخارج التي تمولها دول الخليج العربي في سوريا، والسلفيين والإخوان المسلمين في تونس (تحت اسم آخر).

هناك رغبة في العالم الإسلامي من أجل الحرية الحقيقية والديمقراطية، ولإسلام منفتح على العالم اليوم، ولكن هذا الوعي ليس كبيرا بما فيه الكفاية ليؤدي إلى اتخاذ إجراءات لتوازن الإصلاح الاسلامي. في كل مكان يستولي التيار الإسلامي على السلطة، لأن الجماعات منظمة تنظيما جيدا وتعرف كيفية العمل على الحشود في تونس، وفي مصر (حتى ولو انها تخسر)، وفي ليبيا، وسوريا، حتى ولو لا تزال هذه البلدان غير مدركة للأمر …

العالم الإسلامي في أزمة وجودية عميقة للحضارة

القضية الحقيقية هي أن الإسلام في أزمة وجودية عميقة للحضارة. يقدم المسلم اليوم نفسه على أنه كتلة، مثل الأمة التي لا تعرف الحدود الجغرافية أو السياسية، بل ينتقل من حدود إلى أخرى لنشر أفكاره، ورؤيته عن الإسلام وللمحاربة وفقا لهذه الرؤية. هذه ليست الحال بالنسبة للعالم المسيحي، المقسّم بحسب البعد الوطني والثقافي، الخ ..

يشعر المسلمون بالضعف سياسيًّا، وعسكريًّا، وثقافيًّا، وعلميًّا. إن هذا الشعور بالضيق هو أثقل عندما يفكرون في ماضيهم، بين القرن السابع والقرن الثالث عشر. كانت إمبراطورية قوية، منفتحة على كثير من الثقافات، الأكثر تقدما من أوروبا. وكانت فترة عظيمة من عصر النهضة.

ليشرح الأصوليون المسلمون هذه الخطوة الكبيرة فهناك تفسير بسيط ومقنع. يمكن تلخيصه على النحو التالي: طالما تابعنا بأمانة كل ما نص عليه القرآن وتقاليد نبينا، كنا الأفضل في كل شيء، وكلما انحرفنا أكثر عن هذه التقاليد، كلما أصبحنا أضعف. ولذلك، فإن الحل واضح: دعونا نعود إلى القرن السابع! وهذا التحليل البسيط أقنع الكثير من المسلمين.

وبما أنه جاء في القرآن ما يلي عن محمد: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” (سورة 33، سورة الأحزاب، الآية 21)، يصبح تقليد نبي الإسلام إجباريًّا. لقد ناضل ضد الكفار بكل الوسائل، بما في ذلك الحرب (ووفقًا للتقاليد فقد قام بأكثر من 60 غزوًا في أقل من عشر سنوات). وبالتالي، فإن العودة الى الجذور يثير مثال الجهاد (الكفاح في سبيل الله).

وأخيرا، مع عائدات النفط، أصبح من السهل شراء الأسلحة والاحتفاظ بمجموعات من المقاتلين (المجاهدين)، مع الأموال التي تتخذ من الأسلحة الغربية، ونحن نرى الكثير منها كما هو الحال في سوريا، حيث تتدفق الأسلحة في من أوروبا والولايات المتحدة، ومن المملكة العربية وقطر. هناك حاجة إلى المال للعنف، في حلقة مفرغة منغلقة على نفسها من دون إنشاء أي مخرج. إنهم يقتلون بضعة آلاف من المسيحيين، ثم – والأهم من ذلك – هم يقتلون إخوانهم في الدين بأعداد كبيرة.

المشكلة الأساسية هي حاجة الإسلام لمواجهة الحداثة

لكن العنف لا يجلب الحل، لأن المشكلة الملحة هي حاجة الإسلام لمواجهة الحداثة، لتبيان ما هي الأشياء في الإسلام التي تحتاج إلى المراجعة وما الأشياء التي يمكن قبولها أو رفضها. إنها عملية تمييز كمسلمين أفراد وكحضارة. يتم استخدام مثل هذه الفطنة للتمييز بين الإيجابية والسلبية، ثم يمكن البدء بالتأسيس على الإيجابية.

هذه الفكرة بسيطة، ولكن صعبة جدًّا، ويجب عدم وضعها حيّز التنفيذ. وهكذا، لا يزال الصراع قائم بين المسلمين أنفسهم، بين أولئك الذين يرغبون في تبني الحداثة مهما كان الثمن، والذين يحاربونها، رافضين إياها بشكل جماعي كما الملحد، كما النيو-وثنية (الجاهلية الجديدة)، المستوحاة من محمد، الذي قاتل ضد الوثنية (الجاهلية). هذه هي نظرية سيد قطب، المفكر البارز والعضو في جماعة الإخوان المسلمين، التي طورها في كتابه “معالم في الطريق” الذي كتب في السجن بين 1965 و1966، قبل فترة وجيزة من إعدامه شنقًا في 29 آب 1966.

يعتبر هذا الإسلام الأصولي، الحداثة والمعاصرة كنيو وثنية. إنه اقتناع بالانتصار إن حارب المؤمنون النيو وثنية التي يمثلها الغرب والمسيحيين وينظر إليهم على أنهم مبعوثون من الغرب ومن المسلمين الليبراليين.

للأسف، لا يصل العديد من المسلمين في صنع هذا التحليل، على الرغم من أن الاعتبارات التي ألخصها هنا موجودة بين بعض الكتّاب الإسلام. ولكن من بين أكثر من مليار متتبع إسلامي، حتى ألف عالم يعتبر كعدد صغير. تبعت تونس،ولمدة 50 عاما، في عهد بورقيبة (الذي كان رئيسا بين 1957-1987) نهجًا إيجابيًّا، مع تطور نحو الحداثة من دون خلق الإرهاب.

للأسف، هذه الحداثة تظهر دائما تقريبًا مع الدكتاتورية. لا يمكنك اقتراح الحداثة من دون دكتاتورية. وذلك لأن السكان، غير المثقفين بعد يشعرون بأنه يفرض عليهم نمط حياة لا يفهمونه. من جانبهم، يضطر الرؤساء، والدكتاتوريون في كثير من الأحيان، إلى فرض أسلوب الحداثة على الشعب، الذي قد يحتاجه من أجل أن يتثقف.

في سوريا والعراق حصل شيء مماثل مع أعضاء من حزب البعث، في سوريا بين 1963-1966،
ثم من 1970 الى اليوم، وفي العراق بين 1968-2003: أدخل بعض التعليم المهم والإصلاحات الاجتماعية، ولكن دائما مع يد الدكتاتورية القوية.

لهذا السبب، عندما بدأنا في محاربة الدكتاتورية، تبخر كل شيء. إن أزيلت الدكتاتورية، يبقى الإسلام فقط، عدو الحداثة (القادمة من الغرب) والعلمانية.

لهذا سيكون من الضروري أن تأخذ الجامعات مثل الأزهر والجامعات الإسلامية الأخرى في تونس، وفي المغرب، أو خارج العالم العربي، مثل إندونيسيا أو ماليزيا، هذه المهمة على عاتقها، مهمة التمييز بين الإسلام والحداثة.

في العالم الإسلامي اليوم، يمكن للناس إما أن يسلموا إلى الإسلام المهيمن، أو أن يحافظوا على صمتهم، أو أن يفروا إلى الغرب.

نحن كمسيحيين قد اختبرنا بالفعل هذا العمل بين الإيمان والحداثة، الإيمان والعقل.

لهذا يمكننا أن نساعد إخواننا وأخواتنا في الإسلام، بدفعهم في هذا العمل، لمساعدة الإسلام على الرد على احتياجات بلدانهم اليوم.

إن التوفيق بين الفكر الكلاسيكي للإسلام والفكر الحديث هو الرد الحقيقي على تعصب الإرهابيين.

عوضًا عن ذلك، كثيرون من العالم الغربي يعتقدون أن هذا من شأنه أن يساعد العالم الإسلامي مع المساعدات العسكرية، أو العلاقات التجارية مع دول الشرق الأوسط: تنظم هذه العلاقات فقط من قبل المصالح الوطنية المعنية، ولا يمكن إحداث التطور. بدلا من ذلك، نحن بحاجة إلى إعادة التفكير بالكامل في الإسلام للعالم المعاصر.

***

نقلته الى العربية نانسي لحود-وكالة زينيت العالمية

Share this Entry

Samir Khalil

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير