قال البابا: يخبرنا الإنجيلي لوقا: "فلَمَّا رآها الرَّبّ أَخذَتُه الشَّفَقَةُ علَيها"، فيسوع كان يعرف ما تعيشه النساء الأرامل في ذلك العصر، وكان يحمل لهن محبة خاصة ويهتم بهنَّ. وأضاف عندما أقرأ هذا النص من الإنجيل يخيّل إلي أن "هذه الأرملة" هي "صورة للكنيسة لأن الكنيسة هي أرملة أيضًا"، فعريسها قد ذهب وهي تسير في التاريخ وتجدُّ لتجده وتلتقي به، ولكن إلى ذلك الحين هي وحدها وتعيش في نوع من "الترمُّل"، وهذه الكنيسة الشجاعة تدافع عن أبنائها تمامًا كالأرملة التي كانت تذهب إلى ذلك القاضي الذي "لا يَخافُ اللهَ ولا يَهابُ النَّاس"، فتَقول له: "أَنصِفْني من خَصْمي"، فأَبى علَيها ذلِكَ مُدَّةً طَويلة، ولكِنَّ هذِه الأَرمَلَةَ بقيت تُزعِجُه، إلى أن أنصفها في النهاية لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسه (راجع لوقا 18، 1- 8). والكنيسة أمنا شجاعة! تتحلى بشجاعة المرأة التي تدافع عن أبنائها لتقودهم للقاء بعريسها.

بعدها توقف الأب الأقدس في عظته للحديث عن بعض الأرامل اللاتي يتحدث عنهُنَّ الكتاب المقدّس لاسيما تلك الأرملة المكابيّة التي قُتلت مع أبنائها السبعة لأنهم لم يجحدوا إيمانهم بالله، ويخبرنا الكتاب المقدس أنها كانت تشدّد أبناءها وتحدثهم "بلغتهم الأم"، هكذا أيضًا تحدثنا أمنا الكنيسة بلغتنا الأم التي نفهمها جميعًا، لغة التعليم المسيحي الذي يمنحنا القوة للسير إلى الأمام في جهادنا ضدّ الشرّ. هكذا هي الكنيسة أمنا! إنها كنيسة أمينة تبكي على أبنائها وتصلي! كنيسة تسير إلى الأمام لتنمي أبناءها وتقويهم وترافقهم حتى الوداع الأخير عندما تتركهم بين يدي عريسها الذي ستلتقي به في النهاية هي أيضًا. هذه هي أمنا الكنيسة! تابع البابا فرنسيس يقول، وأنا أراها في صورة أرملة نائين التي تبكي، وماذا يقول الرب للكنيسة؟ لا تبكي! أنا معك أرافقك وأنتظرك هناك في العرس السماوي، عرس الحمل. لا تبكي! ابنك هذا الذي كان ميتًا هو حيٌّ الآن! هذا هو الحوار الذي يدور بين الرب وكنيسته. هي تدافع عن أبنائها، وعندما تراهم يموتون تبكي ويقول لها الرب: "أنا معك وأبناؤك معي"، فكما قال يسوع لابن أرملة نائين: "يا فتى، أقولُ لَكَ: قُمْ!" هكذا أيضًا يقول لنا نحن مرات عديدة عندما نموت بسبب خطايانا ونذهب إليه طالبين الغفران، وبعد أن يغفر لنا خطايانا، يعيد لنا الحياة ويعيدنا إلى حضن أمنا: فمسيرة الغفران لا تنتهي إلا عندما نعود إلى حضن الكنيسة حيث الحياة والمغفرة والمصالحة. لنسأل الرب أن يعطينا النعمة لنثق دائمًا بهذه الأم التي تدافع عنا، تعلمنا وتنمّينا!