المسيحيون وربيع العرب

العنوان أعلاه هو عنوان مؤتمر اقليمي عُقد في بداية الاسبوع ، ودام يومين في عمّان، بتنظيم من مركز القدس للدراسات السياسية، ومؤسسة كونراد أديناور الألمانية والعاملة في الأردن في مناحٍ ثقافية واجتماعية كبيرة.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

وقبل شهر بالتمام، عُقِد في الأردن مؤتمر دولي، حول “التحديات التي تواجه المسيحيون العرب” ، بدعوة كريمة من جلالة الملك عبدالله الثاني الذي ألقى أمام الحاضرين خطاباً تاريخياً. وقد استذكر جلالته هذا المؤتمر في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أسبوع .

والسؤال المطروح لماذا هذا المؤتمر الثاني الآن ؟

بدون شك هناك خصوصية لكل مؤتمر ، وهي من ناحية الحضور والمواضيع المطروحة ،  فالمؤتمر الدولي الأول قد شارك به كبار رؤساء الكنائس من البلدان العربية أو من أصدقائهم في العالم وبخاصة في الفاتيكان.

أما مؤتمر اليوم، فقد استطاع الاصغاء الى اصوات ” علمانية ” بمعنى انها ليست من رجال الدين، بل هي أصحاب أصوات واقلام فكرية، ومنهم محامون ونوّاب، قدموا من بلدان عربية يُعاني فيها المسيحيون من تفرقة وتمييز وحتى اضطهاد.

كانت الكلمات غير تقليدية، بل صريحة للغاية، وقد ابتعدت ابتعاداً كبيراً عن خطاب المجاملات التي اعتدنا اعتدنا عليها في مؤتمرات مشابهة. وان كان ثمّة تأثير لِ “ربيع العرب” على هذه المنتديات، فلكونه أزال عهد المجاملة ، ليبدأ عصر المكاشفة والمصارحة والكلام العلمي الذي لا يتوانى  عن وضع الاصبع على الجرح الحقيقي. وهو بدون شك ما تفرضه الأحداث الحالية المأساوية وبخاصة في سوريا، وبعدما حصل ما حصل من غبن بحق المسيحيين في العراق ، وما يحصل كذلك في مصر، ونشير هنا الى هدم الكنائس فوق رؤوس المصلين ، الأمر الذي يحدث لأوّل مرّة في الوطن العربي، اقلّها في العصور الحديثة.

هذا المؤتمر كذلك هو نتاج تعاون مركزين للدراسات أوّلهما أردني وثانيهما ألماني يعمل في الأردن، ولقد كثرت المراكز الاجنبية العاملة في الوطن، وهي تسهم اسهامات كبيرة في رفد الحركة الثقافية المحلية بآفاق أوسع من الثقافة السائدة والتقليدية. والجميل في مسؤولي هذه المراكز عدم الإطالة في الكلام، ولا يتعدّى كلام المتحدّثين منهم ثلاث دقائق على الاكثر، وفي هذا عبرة لنا نحن الذين نتحدّث ونطيل، وصدق من قال : “الكلام ما قلّ ودلّ”.

وما خرج منه المؤتمر هو انّ مسيحيي الشرق يتعرّضون اليوم في بعض البلدان العربية، الى شتى أنواع الكراهية والاقصاء والتعصب والخطف والتنكيل. فما هو الحل؟ لا حلول سحرية بالطبع، لكنّ المشاركين ركزوا أولا على الوحدة الوطنية، وهي بتفعيل قيم المواطنة الصالحة اي المساواة قولاً وفعلاً بالحقوق والواجبات . وكذلك أكدوا على ما أكد عليه جلالة الملك في مؤتمر العرب المسيحيين، عندما أشار الى ضرورة الاعتناء في “تنشئة الأجيال الصاعدة على قيم التقبل وحب الآخر في البيوت والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس”.

من باب الصدفة الجميلة ، تزامن المؤتمر مع استقبال البابا فرنسيس في الفاتيكان للبطريرك يوحنا العاشر اليازجي ، بطريرك أنطاكيا للروم الارثوذكس، وشقيق المطران بولس اليازجي من حلب والذي ما زال قيد الاختطاف، وقد أعلن البابا اثر اللقاء ، عن مؤتمر سيدعو اليه في الفاتيكان ، في شهر تشرين الثاني المقبل ، ليكون استكمالا – بدون شك – لما تم من نقاشات في عمّان، ودائما لتسليط الضوء على معاناة الشرق بشكل عام، والمسيحيين بشكل خاص.

Abouna.org@gmail.com

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب رفعت بدر

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير