"القريب من الله يُعطى النعمة فيعرف أسرار الملكوت"

عظة المطران عصام يوحنا درويش في الأحد الرابع بعد الصليب

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أولا: كلمة الله

لنا في مثل الزارع الدليل القاطع على أن كل واحد منا هو إبنَ الملكوت. ويسوع تحدث بهذا المثل لنفهم بأنه يريدنا أن نكون معه، أسس الملكوت لنا وجعله مُلْكا لمن يسعى إليه. إنه فينا كحبة الحنطة، زرعها الله في إنسانيتنا لينمو ويكبر ويولد فينا.

نعم في كل مرة نعي وجود الله فينا يتفجر فينا ملكوت الله، تتفجر فينا حياة الله فنفهم أننا صدى كلمات يسوع وثمرة تجسده.

القريب من الله يُعطى النعمة فيعرف أسرار الملكوت، والذي يحب الله والقريب يمكث في الملكوت ويثبت فيه. والأرض الطيبة تحفظ في داخلها كلام الله فتثمر ثمرا طيبا ووافرا.

إن مثل الزارع هذا، هو أكثر الأمثال شعبية في الإنجيل، ويسوع أراد أن يشرح لتلاميذه المعنى الذي يقصده: كيف يتقبّل الناس كلمة الله.

1-  هناك فئة من الناس مثل الطريق، لا يهتمّون بحياتهم الروحيّة، ولا تؤثّر فيهم كلمة الله، ولا يؤمنون بخلاص حياتهم.

2-  والقسم الثاني مثل الصخر، يحبّون كلمة الله،  ولكن ليس عندهم ثقة بالله ولا رجاء، وليس عندهم نموٌّ روحي، يرتدّون عن إيمانهم عند أيّ صعوبة. هم يؤمنون ولكن حسب مزاجهم ومصلحتهم.

3-  والقسم الثالث الذي يقع في الشوك، تخنقهم الملذّات وأمور الدنيا. يسمعون كلمة الله ولكن ليس عندهم وقت إلا لذواتهم، ويظنّون أنّهم سيعيشون إلى الأبد.

4-  أما الرابع فيقع أحيانا كثيرة في أرض طيبة، ولكن هل تكفي الأرض الطيبة لينمو فينا الملكوت؟ من الطبيعي أن حياة روحية حقيقية هي شرط مهم لنماء البذر. والأرض يجب أن تكون رطبة، أي متواضعة تقبل الكلمة وتحضنها وتجعلها تعيش في مناخ يساهم في تفتحها. بعد ذلك يتطلب أن نزيل باستمرار الشوك الذي يحاول أن يخنق الثمار، أي نزيل ما يبعدنا في هذه الدنيا عن المسيح وهي فعلا كثيرة في عصرنا. إنَّ الأرض الطيبة هي مزيج مما وهبتنا إياه الطبيعة ومن النعم الإلهية التي منحنا إياها. لذا يُطلب منا جهدا يوميا وصبرا ورعاية حتى تترسخ الكلمة فينا كما تترسخ الجذور في الأرض.

2- لنحمل معا صليب زحلة

ينبهنا بولس الرسول في رسالته إلى تلميذه تيطس بأن “المباحثات السخيفة والخصومات والمماحكات هي غير نافعة وباطلة وهي بالتالي بدعة والذي لا يعرض عنها فهو في الخطيئة يقضي على نفسه”.

كأني ببولس يتوجه اليوم إلينا، إلى أهل زحلة، فأنتم على دراية بأن منطقتنا العربية تتجاذبها عواصف وأحداثا جسام، ولعلها أحداثٌ مصيرية تطال وجودنا كميسحيين مشرقيين, وهذا يتطلب منا تضامنا وتعاونا لا تراشقا كيديا أو عدائيا.

أيها الأحباء

أدعوكم لنحمل صليب زحلة معا خصوصا عندما يرتفع كما حصل مؤخرا منسوب البيانات الإعلامية ونقيضِها، التصريح والتصريح المضاد، في وقت تحتاج فيه بلادنا ومدينتُنا إلى مشاريع إنتاجية وتنموية وقبل ذلك إلى جوار عقلاني صادق. فالحوار تواضعُ فِكرْ، والمحبة سِمَةُ الإنسان الجديد.

المسيحية، أيها الأحبة، زرعٌ جديد، ثقافةٌ جديدة. والإيمان نقلةٌ نوعية من الظلمة إلى النور ومن الحقد إلى التسامح..  المسيجية تجليات إنسانية عُظمى تجعلنا جميعا نترفع عن الخصومات، وتوحدنا بدم الفادي، وتجعلنا نعطش إلى ما هو أكثر من الماء ونجوع إلى ما هو أكثر من الخبز..

لذلك كانت زحلة وكان البلدُ كُلُّهُ هاجسَنا، نحن خليةٌ إلهية تنمو بالحب، بالتفاهم وبالحوار وبالإخلاص. فإذا ضعُفَ أحدُنا وقَيناهُ بحُبنا، وإذا افتقرَ أغنيناه بمجد المخلص.

لذلك نرفضُ الأحقاد ونرفض أن يُنكّسَ بعضنا بعضا، لأننا سلكنا منذ البداية معارج الرجاء.

هكذا نرى زحلة التي فيها نقيم ونصلي ونمارس، قبل السياسة، المحبة التي يجب أن تكون مطلقة، المحبة التي أرادها المعلم أن تكون نقية.

يجب ان ندرك بأن الرب يحاسبنا على البغضاء، على الاستعلاء، على الحواجز التي نبنيها بيننا وبين الآخرين.

إن الله ألقى كلمته في قلوبنا وصلاتي اليوم ارفعها أمام الرب لتسقط هذه الكلمة في أرض طيبة، إذ ذاك نتخطى ذاتنا ونعرف الحق والحق يحررنا فنستحق أن نكون رسلَ المخلص في هذا العالم. آمين

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير