هذا ثم لفت البابا إلى أن العنصر الثاني لإيمان مريم هو أن هذا الإيمان أعطى المسيح جسدا بشريا. وهذه النقطة توقف عندها آباء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني وشددوا عليها كثيرا. وأضاف أن الله لم يشأ أن يتجسد متجاهلا حرية مريم، التي قالت "نعم" لبشارة الملاك. وهذا ما يحصل لنا أيضا ـ على صعيد روحي ـ عندما نقول نعم لله ونقبل كلمته بقلب طيب وصادق ونطبق هذه الكلمة في حياتنا. أن نؤمن بيسوع ـ مضى الحبر الأعظم إلى القول ـ يعني أن نقدم له جسدنا، بشجاعة وتواضع مريم، كي يمكث باستمرار وسط البشر. كما لا بد أن نقدم للرب قلوبنا، قبل كل شيء، كي نحب ونتخذ القرارات وفقا لمشيئة الله، وهذا كله يحصل بفضل عمل الروح القدس.
أما العنصر الثالث والأخير لإيمان مريم فيكمن في مسيرتها على درب الحج، لذا فإنها تسبقنا في هذه الطريق وتعضدنا في مسيرتنا. لقد تميزت حياة مريم كلها باتّباع ابنها لأنه هو الطريق! وأن ننمو في الإيمان يعني أن نسير على خطى المسيح وأن نعيش التواضع والرحمة وأن نرفض الخبث وازدواجية المعايير والممارسات الوثنية. طريق يسوع هي المحبة التي تصل إلى حد التضحية بالذات، إنها طريق الصليب. لذا فإن مسيرة الإيمان تمر عبر الصليب، وهذا ما فهمته مريم منذ البدء، عندما حاول هيرودوس الملك أن يقتل يسوع بعد ولادته. لقد ظلت شعلة إيمان مريم مضاءة لغاية فجر القيامة، وتفجر في قلبها فرح القيامة، فرح الإيمان المسيحي. هذه هي ذروة مسيرة إيمان مريم والكنيسة برمتها. فلنحافظ على شعلة إيماننا مضاءة حتى في الأوقات الصعبة والحرجة. ختاما شكر البابا فرنسيس مريم العذراء على إيمانها موكلا الجميع لشفاعتها.