اجتمع المؤمنون في ساحة القديس بطرس ليصغوا بإمعان الى كلمة خليفة بطرس الذي وكعادته يطل عليهم في كل أسبوع ليعظ ويرشد ويعلم. اختار البابا اليوم أن يتحدث عن قانون الإيمان فبدأ كلمته بالقول: “نقول في قانون الإيمان “نؤمن بكنيسة واحدة، جامعة، مقدّسة، رسوليّة…”وشدد على أنه لا يعرف إن كان أحد قد فكر بمعنى “كنيسة رسولية” وأيضًا لأهمية الرسولين بطرس وبولس اللذين ضحيا بحياتهما من أجل إعلان الإنجيل.
أضاف البابا إن إعلاننا لكنيسة رسولية هو أبعد من ذلك، فيجب علينا أن نشدد على العلاقة الأساسية التي تربطها بالرسل الذين تبعوا يسوع الذي دعاهم “لكي يصحبوه فيرسلهم يبشّرون” (مرقس 3، 13- 19). ذكّر البابا بأن كلمة رسول تأتي من اليونانية وهي تعني المرسل، فالرسل تم اختيارهم وأرسلوا إذًا يمكننا القول، وبحسب البابا، أن الصلاة هي المهمة الأولى للرسول وثانيًا عليه أن يعلن الإنجيل.
استهل البابا شرحه لكلمة “رسولية” التي تطبق على الكنيسة انطلاقًا من ثلاث معانٍ:
أولا، الكنيسة رسولية لأنها مبنية على الصلاة وعلى بشارة الرسل بالسلطان الذي أعطاهم إياه يسوع المسيح، وليفسر ذلك قال البابا: كتب القديس بولس لمسيحيي أفسس: “فلَستُم إِذاً بَعدَ اليَومِ غُرَباءَ أَو نُزَلاء، بل أَنتُم مِن أَبناءَ وَطَنِ القِدِّيسين ومِن أَهْلِ بَيتِ الله، بُنيتُم على أَساسِ الرُّسُلِ والأَنبِياء، وحَجَرُ الزَّاوِيَةِ هو المسيحُ يسوعُ نَفْسُه”(أف 2، 19- 20). بهذه الكلمات، قال البابا، قصد بولس أن يشبه المسيحيين بالحجارة الحية التي تشكل هيكلا للكنيسة التي بنيت على الرسل ويسوع هو حجر الزاوية فيها، فمن دون يسوع لا توجد كنيسة. كذلك قال الأب الأقدس أن الرسل عاشوا مع المسيح وسمعوا كلامه وشهدوا على موته وقيامته، وإيماننا والكنيسة التي أرادها يسوع ليسا مبنيين على فكرة أو فلسفة بل على المسيح بنفسه. كما شبه البابا الكنيسة بنيتة نمت على مر العصور وحملت ثمارًا ولكنها متجذرة بالمسيح، وخبرة الرسل الذين اختارهم يسوع وأرسلهم تصلنا نحن أيضًا.
ثانيًا، تساءل البابا كيف يمكننا أن نرتبط بهذه الشهادة وكيف بإمكننا أن نعيش ما اختبره الرسل الذين عاشوا معه وأصغوا اليه! إذا هنا يكمن المعنى الثاني لكلمة رسولية، فالكنيسة رسولية لأنها “تحفظ وتنقل، بمساعدة الروح الساكن فيها، التعليم، الوديعة الخيرة، الأقوال السليمة التي سمعتها من الرسل)” (عدد 857). حافظت الكنيسة على الكنز الثمين، أي الكتاب المقدس، والعقيدة، والأسرار…لكي نستطيع أن نكونأمناء للمسيح ونتشارك حياته. إنها كنهر لا ينضب ولكن منبعه الأساسي هو يسوع المسيح القائم من الموت. هذا هو جمال الكنيسة بحضور المسيح بيننا، فهل تساءلنا يومًا عن قيمة هذه العطية التي أعطانا إياها المسيح أي الكنيسة التي يمكننا أن نلتقي فيها؟ وبأنها هي التي تعطينا الثقة بأن ما نؤمن به هو ما سلّمه إيانا المسيح حقًا؟
ثالثًا وأخيرًا، الكنيسة رسولية لأنها مرسلة كي تحمل الإنجيل الى العالم أجمع. فهي تتابع في مسيرة التاريخ الرسالة التي سلّمها يسوع للرسل: “اذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس، وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم” (متى 28، 19- 20). شدد البابا على أن هذا ما يدعونا يسوع لنقوم به، هذا النشاط التبشيري، لأن يسوع يدعونا جميعًا لنذهب للقاء الآخرين، فهو يرسلنا لننشر فرح الإنجيل! فلنسأل أنفسنا مرة أخرى: هل نحن رسل بكلماتنا وحياتنا المسيحيّة؟
أخيرًا الكنيسة متجذرة بتعاليم الرسل الشهود الأمناء للمسيح، ولكنها تنظر نحو المستقبل وتعلم في قرارة نفسها بأن يسوع أرسلها، وهي تحمل اسمه بالصلاة والبشارة والشهادة. هي كنيسة منفتحة لأن الكنيسة المنغلقة تخون هويتها! إذًا اليوم نحن نكتشف جمال أن نكون كنيسة رسولية! وتذكروا دائما نحن كنيسة رسولية لأننا نصلي ونعلن الإنجيل من خلال حياتنا وكلماتنا!