كما تحدث البابا عن ظاهرة اللامبالاة والانغلاق على الذات إزاء هذه المأساة الكبيرة، أكان على الصعيد الفردي أم المؤسساتي أم الوطني. وكتب أنه لا يسعنا أن نعتبر الجوع وسوء التغذية ظاهرة عادية وكأنها جزء من نظام ما. ومن هذا المنطلق لا بد من هدم حواجز اللامبالاة والانغلاق على الذات وطغيان منطق الربح المادي. وأكد أن استئصال الجوع أمر ممكن إذا ما تم إحلال التضامن الحقيقي وتخطي الأنانية والمصالح الضيقة. وشدد على ضرورة أن يرمي التضامن إلى جعل أعداد كبيرة من الأشخاص مستقلين اقتصاديا، ولا بد من بذل كثير من الجهود في هذا المضمار لأن الطريق ما تزال طويلة على الرغم من الانجازات التي تحققت في بعض الدول في الفترة الأخيرة.
بعدها تحدث البابا فرنسيس عن أهمية تجديد الأنظمة الغذائية من وجهة نظر التضامن، وتخطي منطق الاستغلال العشوائي للخليقة والدخول في منطق حماية البيئة والحفاظ عليها وعلى مواردها لضمان الأمن الغذائي للجميع. كما لفت الحبر الأعظم إلى ضرورة إعادة النظر في عاداتنا الغذائية ووضع حد للهدر، الذي يشكل جزءا أساسيا من مشكلة عدم توفر الطعام للعديد من البشر.
هذا ثم حذر البابا من “عولمة اللامبالاة” التي تجعلنا غير مكترثين لمآسي الجياع وتجعلنا نعتاد على آلام الآخر ومعاناته. لذا لا بد من تربية الأجيال الفتية على التضامن والقيم الإنسانية من خلال بناء مجتمع إنساني عن طريق وضع الكائن البشري وكرامته في صلب هذا المجتمع، لا منطق الربح المادي. هذا ثم أكد البابا أن تخطي ثقافة الإقصاء والتربية على التضامن ينطلقان من العائلة لأن الأطفال يتعلمون في كنف الأسرة كيفية احترام الآخر واحترام البيئة. بالتالي ينبغي أن تُساعد العائلة على القيام بهذا الواجب وتربية الأبناء على التضامن والاحترام، بغية السير معا باتجاه مجتمع أكثر انصافا وإنسانية.
في ختام رسالته إلى المدير العام للفاو أكد البابا فرنسيس أن الكنيسة الكاثوليكية تسير إلى جانب المنظمة الدولية مدركة أن المحبة والرحمة هما روح ومحرك رسالتها، وأمل ألا يقتصر اليوم العالمي للتغذية على الاحتفالات بل أن يشكل فرصة تدفع الأشخاص والمؤسسات على العمل من أجل ثقافة التلاقي والتضامن، بغية توفير حلول ناجعة لآفة الجوع وسوء التغذية والمشكلات الأخرى المتعلقة بكرامة كل كائن بشري. ختاما منح البابا السيد داسيلفا ومعاونيه بركاته الرسولية.