بعد قطع الشريط وتبريك المركز والتجول في مختلف أقسامه، التقى الحميع في مركز فوكولاري. بعد كلمة الترحيب التي ألقاها عريف الحفل أمين السر العام لكاريتاس لبنان المحامي إيلي قرداحي، تحدث المهندس لبيب عقيقي عن فكرة إنشاء المشروع والمراحل التي مرّ بها وصولاً إلى تدشينه اليوم.
ثم كانت كلمة لحركة فوكولاري في لبنان ومركز ماريابولي ركزت فيها على تاريخ هذا المركز الذي هو بخدمة مجموعات مختلفة بالعمل الكنسي ويستقبل لقاءات للحركات الرسولية المختلفة.
فضول
بعدها، تحدث رئيس كاريتاس لبنان الخوري سيمون فضول عن الهدف الذي من أجله قرّرت رابطة كاريتاس لبنان تأسيس مراكز مختصّة لمساعدة الأطفال على تحقيق “ولادات جديدة” في حياتِهِم باتوا وذويهم بأمسّ الحاجة إليها كي تكون لهم الحياة “وتكون لهم أوفر”.
وأكّد أنّ الصعوبات أو حتّى المعوّقات التعلّميّة هي غالباً، وإن اتّخذت مظهراً جسديّاً، انعكاسات لتفاعلات اجتماعية وتربويّة تتراكم في شخصيّة الولد لتُعيق تعبيره أو سرعة استيعابه أو مدى تكيّفه مع الظروف والأشخاص. لذا نحن لا نفعل سوى توفير إطارٍ ملائِم لنموّ هؤلاء الأطفال ليسمح لهم أن يختبروا الولادة الجديدة في تنشئتهم فتكونَ لهم انطلاقةٌ متجدّدة في الحياة تسمحُ لهم أن يردّدوا بعد سنوات من الآن: “إنّه اليوم الذي أصبحتُ فيه ما أنا عليه الآن”.
وأضاف: “إنَّ وجودكم يا صاحب الغبطة والنيافة ووجود أصحاب السيادة وأصحاب المقامات وكلَّ الأصدقاء والزملاء من مختلف قطاعات الحياة شهادةٌ على أهميّة الهدف الذي من أجله بادرت رابطة كاريتاس إلى تأسيس هذا المركز سيّما وأنّ اختبارَها في مركزَي فغال للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ومركز البطريرك صفير في زحلة لذوي الصعوبات التعلّمية أظهر نجاحات كبيرة وسمح لعدد من هؤلاء الأولاد بدخول سوق العمل أو بإعادة دمجهم وبمتابعة دراستهم في مدارس عاديّة وتحقيق النجاح”.
وشكر القيمين والمشرفين على ورشة البناء والرئيسة العامة وجمهور راهبات دير مار مارون وسركيس سركيس على تمويل ورشة البناء وتأمين التجهيزات اللازمة من أجل توفير التربية الأفضل للأطفال.
الغصين
ثم ألقت الرئيسة العامة لرهبانية الراهبات اللبنانيات المارونيات الأم صونيا الغصين كلمة شكر للبطريرك ولكاريتاس لبنان ولسركيس، مؤكدة وضع دير مار مارون في تصرف هذه المؤسسة.
سركيس
بدوره، قال سركيس سركيس في كلمته: “بحضوركم سيّدنا وحضور هذا الجَمْع الكريم وأفراد عائلتي، وفي حضرة ذكرى والدَيَّ اللذَين يشاركانا الفرحة من سمائهما، يخالجني شعورٌ مزدوج: شعورٌ بفرح عارم وفخر كبير لأنّكم شئتُم أن تشاركوا شخصياً بتبريك مركز “هوب أي الأمل”، وشعورٌ متزايدٌ بالمسؤولية تجاه أطفال هم بحاجة ماسّة إلى رعاية ومتابعة متخصّصة ومُحبَّة كي يجدوا طريق النجاح في حياتهم”.وشكر الربّ على النِعَم الكثيرة التي أفاضَها عليه، مؤكداً أنه “ما حدا أكرم من ألله” وأنّ مَن أشرَكَ المحتاجَ بما وهبَه الرب من خيرات، ينال “عِوَضَ الواحدِ مئة”، وينالُ حظوةً لدى الربّ، فكم بالحريّ إذا كانَ العطاءُ من أجلِ غايةٍ نبيلةٍ كالتي افتَتحنا هذا المركز من أجلها، أي الأطفال ذوي الصعوبات والمعوّقات التعلّمية.
الراعي
في الختام، ألقى البطريرك الراعي كلمة وصف فيها التلة التي أنشئ فيه المركز بتلة الإيمان والرجاء والمحبة، أيّ إنّها تلّة مقدسة، مؤكداّ أنّ المحبة تستطيع كلّ شيء وهي تحوّل الصعوبات إلى قدرات، وهذا هو تاريخ حياتنا المسيحية. فكاريتاس انطلقت وتوسّعت في كلّ العالم بقوة المحبة وقوة المحسنين الذين وضعوا على طريقتها لخدمة الإنسان.
وتابع: هنا، حيث الصعوبات تصبح قدرات، تكمن المحبة. هذه هي الثقافة التي نحن مدعوون لنشرها في لبنان. وأنا أؤكد أنّ أطفالنا في هذا المركز سينتقلون من الصعوبات إلى القدرات. عندما قرأت الدعوة لتدشين المركز، قلت: “هنا، الصعوبات تصبح قدرات، وفي الدولة القدرات تصبح صعوبات. فعلاً، كلّ قدرات الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية وقدرات لبنان وثروته وإنسانه وموقع الجغرافي والسياسي ومحبة الدول ودعمها له لما يمثّل من دور ورسالة في هذا الشرق للأسرتين العربية والدولية، هذا اللبنان الغني بثقافته وتراثه؛ مؤسف أن تحوّل قدراته إلى عمل سياسي خارج عن مفهوم السياسة إلى صعوبات، صعوبات الفقر والهجرة والقهر وصعوبات الإنسان الذي فقد إيمانه والأمل والرجاء في قلبه.
أضاف: هذا المكان هو مكان الرجاء الحقيقي، ولبنان بشعبه بحاجة إلى العودة إلى إيمانه بتنوعه المسيحي والإسلامي لنعود ونؤمن بالله ونخافه ونستحضره، والذي سلّمنا قدرات الحياة الوطنية والاجتماعية. ومطلوب منا أن نثمّرها لنساعد هذا المواطن اللبناني، فهذه هي المدرسة التي يجب أن ننشرها من هذا المكان. ونقول لا، لا نقبل لأنّ هذا الموضوع ليس موضوعاً سياسياً فقط، ولو كان على الأرض سياسياً ومذهبياً معروفاً ونزاعاً شطر البلاد إلى قسمين، وكسر الشعب وأفقره وهجّره، ونتيجة ذلك، كانت كلّ هذه المشاكل التي يعاني منها أطفالنا الذين يتأثرون بظروف أهلهم. فالشعب يعيش بتوتر وبخوف وباضطراب وكلّ ذلك يؤثر على أولادنا. فلتفهم الدولة اللبنانية والمسؤولون في لبنان أنّهم بتعاطيهم للمؤسسات الدستورية وإفقار الشعب وتعطيل كلّ القدرات اللبنانية يرتكبون جرماً بحقّ الشعب اللبناني وأجياله الصاعدة.
وقال: “نحن نرفض من هنا السياسة التي تفقر الشعب اللبناني وتقهره لأسباب سياسية ومصالح رخيصة مذهبية. فمن غير المسموح أن نسكت وملعون من يسكت. لا يمكننا أن نسكت على الشرّ وعلى الاستهتار والاستكبار وأمام تهميش الشعب من قبل المسؤولين. فهذا مرفوض. أقول ذلك باسم الكنيسة وباسم الشعب اللبناني المقهور الذي يحمل كلّ يوم نداءاته إلى بكركي”.
وصلى البطريرك طالباً من الله أن يمسّ ضمائر كلّ المسؤولين في لبنان والسياسيين بنوع خاص، والمسؤولين في الفريقين المتنازعين الذين يعطّلون تأليف الحكومة ومسيرة المؤسسات الدستورية والمستهترين بالأوضاع الاقتصادية، والذين يجعلون الشباب اللبناني يفقد كلّ أمل ورجاء بهذا الوطن، ويهاجر إلى المجهول. “هم يغمضون أعينهم عن كلّ المشاكل المطروحة بسبب الحرب في سوريا والنزوح إلى لبنان وعن كلّ التحديات والمخاطر التي تولد من هذه الأوضاع، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً”.
وختم طالباً من الله أن يمسّ ضمائر المسؤولين ليعودوا إليه ويعيشوا بمخافته ويمارسوا مسؤوليتهم التي أوكلهم عليها الشعب اللبناني حيث يقول الدستور “الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة”.
وتخلل الاحتفال توزيع دروعاً تقديرية للأم غصين وسركيس ولمهندسي مركز Hope كمال سيوفي وريمون نوار ولبيب عقيقي.