"كلّ ما عملتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصّغار، فلي عملتموه" (متى25 :40)

عظة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي كنيسة سيدة الوردية – الدوحة – الخميس 24 تشرين الأوّل 2013

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

“نُدرك من خلال إنجيل اليوم أنّ الربّ يسوع بتجسّده وموته على الصّليب فداءً عن الجنس البشريّ وإعطاءه الرّوح الجديد لكلّ إنسان بالرّوح القدس، نُدرك أنّه  اتّحَدَ بكلّ كائنٍ بشريّ، وأوصانا بمحبّة كلّ إنسان، وبخاصّة الإنسان المحتاج، ويحدّثنا عن الجوع والعطش والعريّ والغربة والمرض والسّجن، ويقول: “كلّ مرّة تساعدون أحد إخوتي هؤلاء الصّغار، فلي تساعدون”.

يُسعدُنا اليوم أن نحتفلَ معكم بالقدّاس الختاميّ للزّيارة الّتي قمنا بها إلى قطر بدعوة كريمة من سموّ الأمير. نرفع اليوم قدّاسَ شكرٍ على كلّ ما حَصَل في هذيْن اليومين: شكرٌ للربّ على اللّقاءات الرّسميّة الّتي قمنا بها مع سموّ الأمير، مع رئيس الحكومة، مع رئيس الأوقاف، والتقينا مسؤولين ووزراء بمناسبات مختلفة، ونشكر ربّنا على كلّ شيء صَدَر عن هذه اللّقاءات الّتي تدخل في خانة خير البلاد وعلاقة الصّداقة بين قطر ولبنان، وخير جاليّتنا اللّبنانيّة والعربيّة وقضيّة السّلام في الشّرق الأوسط، والإفراج عن كلّ الموقوفين وبخاصّة المطرانين بولس يازجي ويوحنّا ابراهيم، والكهنة الثّلاثة الّذين اختُطفوا قبلَهم. ونشكر ربّنا على الإفراج عن الّذين كانوا موقوفين ومخطوفين في أعزاز، وكان لقطر دور كبير في الإفراج عنهم.

نشكر ربّنا أيضاً عليكم، وعلى كلّ النّعم الّتي يفيضها عليكم، وعلى عائلاتكم، وقد فرحنا كثيراً عندما رأينا الواقع الّذي تعيشوه، وعندما سمعنا ما سمعناه من المسؤولين. كما وأنّنا نشكر ربّنا على اللّقاءات الّتي جرت اليوم، في المدرسة اللّبنانيّة، ونشكر الهيئة الإداريّة والتّعليميّة والموظّفين. وقد فرِحْنا عندما رأينا الأطفال والشّباب في المدرسة يعيشون فرح تربيتهم. نصلّي كي ينموا كما نما الربّ يسوع بالقامة والنّعمة والحكمة.

كما أحيّي سفير لبنان الّذي جَمَعَنا اليوم مع مجموعة كبيرة من السّفراء العرب والأجانب ومسؤولين من الدّولة وعددٍ لا بأس به من رجالِ الأعمال في جاليّتنا، وهذه كانت مناسبة للتّداول في تطلّعاتنا المشتركة.

نشكر اليوم في القدّاس كلّ عائلة من عائلاتكم. فليضع كلّ واحد منكم نواياه الّتي أفاض ربُّنا عليها نعمه، ولنلتمس منه نعمة المحبّة في قلوبنا، كي نعيش الأخوّة الشّاملة والتّضامن بين بعضنا، والتّرابط، وهذا أمر أساسيّ في حياتنا الإجتماعيّة، كما وأنّي أحيّي كاهن الرّعيّة، أبونا إيلي هاشم، لتنظيمه القدّاس، وعلى الكلمة اللّطيفة الّتي تفضّل بها، ومن خلاله أحيّي النّائب الرّسولي الّذي يهتمّ بالخدمة الرّعويّة المطران بلّيني، الّذي نتمنّى له كلّ خير وتقدّم.

ونشكر كذلك المبادرة الّتي قامت بها الدّولة بشخص سموّ الأمير، بتقديمه قطعةِ أرضٍ، بمساحة عشرة ألآف متر مربّع، حتّى تُبنى عليها كنيسة للخدمة المارونيّة، والجاليّات الأخرى.

لنصلّي معاً من أجل السّلام في الشّرق الأوسط، والإستقرار الدّائم، والإزدهار لقطر الّتي استضافتنا واستضافت غيرَنا من الجاليات، ولكن نصلّي أيضاً من أجل الإستقرار والسّلام في لبنان والعراق ومصر وغيرها من الدّول الّتي يسودها التّوتّر. والسّلام هو عطيّة من اللّه. إنجيل التّطويبات هو دستور الحياة المسيحيّة، ومن بين بنود هذا الدّستور، هناك مادّة يقول فيها الربّ يسوع: “طوبى لفاعلي السّلام، فإنّهم أبناءَ اللّه يُدعَون”. أللّه جعلنا أبناءه وبناتِه، ولكن علينا أن نصيرَ أبناءه وبناته كلّ يوم، ولكي نصير أبناء اللّه، علينا أن نعيش السّلام. وكلّ من يحرّض على النّزاع أو الخلاف أو الحرب أو على العنف، إنّما هو جريمة ضدّ اللّه وضدّ الإنسانيّة. علينا إذاً أن نصلّي كي يتقبّل الجميع مسؤوليّة بناء السّلام، في البيت والعائلة والمجتمع ومكان العمل وفي أوطاننا، لأنّكم تعلمون كم من المأسي تتولّد من الحرب.

يسوع المسيح بقيامته من من الموت، إتّحد فينا أكثر وأكثر، لأنّنا انبثقنا منه، ووُلدنا منه، ويشبّه هذه الحقيقة الكبيرة بحبّة القمح، يقول: “عندما تنزل حبّة القمح في الأرض وتموت، تُعطي سنبلة”. هكذا شبّه اتّحاده بالبشر وموته على الصّليب، وقيامته من الموت ليفتدي البشريّة الجديدة المتمثّلة بالكنيسة. وهكذا، فوق ذلك كلّه، أعطى الرّوح القدس حتّى يجمع البشريّة كلّها. إذاً أصبح كلّ واحد منّا وكلّ إنسان، متّحداً بيسوع المسيح. وعندما نحترم بعضنا بعضاً، نحترم بذلك يسوع المسيح، وعندما نمدّ يدَ المساعدة إلى الآخر المحتاج، نكونُ قد مَدَدْناها إلى يسوع المسيح، وهذا ما جعله يقول: كنت جائعاً فأطعمتوني، وعرياناً فكسوتموني، وفي كلّ مرّة تقومون بهذه الخدمة لكلّ إنسان، فلي فعلتموه”.

ألهدف الأساسيّ هو تطوير الذّات، وتكميل صورة اللّه الذي أوجدها فينا، والهدف الأساسيّ هو عندما يعطينا الربّ من خيراته، أن نعرف أنّ ذلك عطيّة من اللّه كي نساعدَ إخوتنا المحتاجين. فلا أحد يحقّ له أن يعيش لنفسه أو لعائلته. كلّ واحد منّا مرتبط بيسوع المسيح، إذاً جميعنا مرتبطين بيسوع المسيح. وعندما يكلّمنا يسوع عن الجوع والحزن والغربة والمرض، لا يتكلم فقط ماديّاً، بل معنويّاً وأخلاقيّاً وثقافيّاً وروحيّاً. إذ إنّنا لا نكون جائعين للخبز فقط، بل للعدالة، لدفء الآخر. لا نكون عطشى للماء فقط، بل للكرامة، لتحقيق الذّات. نحن مؤتمنون إذاً كمسيحيّين على حضارة وثقافة المحبّة. 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير