تابع الحبر الأعظم يقول: يؤكد لنا إنجيل يوحنا أن يسوع قبل آلامه قد صلّى للآب من أجل الشركة بين رسله وقال: “لا أَدْعو لَهم وَحدَهم بل أَدْعو أَيضاً للذين يؤمنونَ بي عن كلامهم. ليكونوا بأَجمعهم واحداً: كما أَنَّكَ فيَّ، يا أَبَتِ، وأَنا فيك فليكونوا هم أَيضاً فينا ليؤمن العالمُ بأَنكَ أَنت أَرسلتني”(17، 20- 21). فالكنيسة في العمق هي شركة مع الله، شركة محبّة مع المسيح ومع الآب بالروح القدس، وتمتد لتصبح شركة أخويّة. وهذه العلاقة بين يسوع والآب هي “أساس” الرابط بيننا نحن المسيحيين: فإن تجذّرنا في هذا “الأساس”، في أتون الحب الملتهب هذا، أي الثالوث، نصبح عندها بالفعل قلبا واحدا وروحا واحدا، لأن حب الله يحرق أنانيتنا وأحكامنا المسبقة، وانقساماتنا الداخلية والخارجيّة.
أضاف البابا فرنسيس يقول: إن تجذّرنا في منبع الحب هذا، أي الله، يمكننا أن نعيش عندها خبرة الشركة الأخوية التي تقودنا أيضًا للشركة مع الله. وهذا وجه ثانٍ من أوجه شركة القديسين والذي أود أن أتوقف عنده وهو: إيماننا بحاجة لدعم الآخرين لاسيما في الأوقات الحرجة والصعبة. كم هو جميل أن ندعم بعضنا البعض خلال مغامرة الإيمان الرائعة هذه! أقول هذا لأن نزعة الانغلاق على ذواتنا قد دخلت أيضًا إلى البعد الديني، وأصبح من الصعب جدًّا علينا أن نطلب المساعدة الروحيّة من الأشخاص الذين يشاركوننا خبرتنا المسيحيّة. أضاف الأب الأقدس يقول: من منا لم يختبر عدم الأمان والضياع أو حتى الشك خلال مسيرة إيمانه؟ لا يجب على هذه الخبرات أن تفاجئنا لأننا بشر يطبعنا الضعف والمحدوديّة، لذلك وفي هذه الأوقات الصعبة من الضروري أن نثق بمساعدة الله لنا ونستسلم له من خلال الصلاة البنوية، كما ومن الأهمية بمكان أيضًا أن نجد، في الوقت عينه، الشجاعة والتواضع لننفتح على الآخرين. لأننا في شركة القديسين نشكل عائلة كبيرة يتعاضد فيها أعضاؤها ويتعاونون فيما بينهم.
تابع البابا فرنسيس يقول: نصل بهذا إلى وجه آخر من شركة القديسين وهو يتخطى الحياة الأرضية ليذهب أبعد من الموت ويدوم إلى الأبد، لأن الشركة الروحية التي تولد من العماد لا يدمرها الموت، بل تجد ملأها في الحياة الأبدية بفضل قيامة المسيح. أضاف البابا يقول: هناك رابط عميق بين الذين لا يزالون يتابعون حجهم في هذا العالم والذين عبروا من هذه الحياة ليدخلوا الحياة الأبدية، لذلك فجميع المعمدين على الأرض، والأنفس المطهريّة، وجميع القديسين في الفردوس يشكلون عائلة واحدة، وهذه الشركة بين الأرض والسماء تتحقق خصوصًا بواسطة صلاة التشفّع.
وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول: أصدقائي الأعزاء لدينا هذا الواقع الجميل! هذه حقيقتنا جميعًا، تجعلنا أخوة وترافقنا في مسيرة حياتنا، وتجعلنا نلتقي مجدّدًا في السماء. لنسر إذا في هذه الدرب بثقة وفرح! على المسيحي أن يفرح دائمًا!! وفرحه هذا هو بالأخوة المعمدين الذين يسيرون معه، ويساعدونه في مسيرته الأرضية نحو السماء، كما ويفرح أيضًا بمساعدة الإخوة والأخوات الذين في السماء ويصلون من أجلنا! لنسر إذا بفرح في هذه الدرب!