استهل البابا فرنسيس اليوم اللقاء الذي جمعه بالمشاركين في أعمال الجمعية العامة لمجمع الكنائس الشرقية في قاعة كليمنتين في الفاتيكان بالقول: “المسيح هو نور الأمم” فهكذا يبدأ الدستور العقائدي “في الكنيسة” للمجمع الفاتيكاني الثاني. كل الكنيسة تشهد لابن الله هذه الكنيسة التي تتواجد في كل أنحاء الأرض…وفي الواقع، إن المؤمنين المتواجدين في العالم يتحدون بالروح القدس…
رحب البابا بالبطاركة والكرادلة ورؤساء الأساقفة والأساقفة المنتمين إلى مجمع الكنائس الشرقية، وشكر بشكل خاص الكاردينال ليوناردو ساندري على ترحيبه به. وضح البابا أن أعمال الجمعية العامة هذه تهدف إلى تسليط الضوء على تعاليم المجمع المكسوني الفاتيكاني الثاني التي تدور حول الكنائس الكاثوليكية الشرقية، متحدثًا بشكل خاص عن المهمة التي أوكلت إلى الأخوة والأخوات في الشرق والهدف من ورائها هو الإسهام في تعزيز وحدة جميع المسيحيين، لاسيما الشرقيين منهم، وقال: “لقد قاد الروح القدس هذه الجهود عبر التاريخ على الرغم من الصعوبات التي تواجدت، والأمانةُ للمسيح وللكنيسة الجامعة ولخليفة بطرس، كانت المحرك الرئيسي لها…والكنيسة جمعاء ممتنة لهذا!”
هذا وأضاف البابا بأنه وإن أراد أن يسير على خطى أسلافه فهو يذكر بأن التنوع بين تقاليد كنيسة وأخرى لا يضر بوحدة الكنيسة بل يخدمها، والمجمع يؤكد على ضرورة وجود هكذا تنوع. تحدث الحبر الأعظم عن أن البطاركة ورؤساء الأساقفة الشرقيين أطلعوه صباحًا على أوضاع مختلف الكنائس الشرقية وأشار بشكل خاص إلى الروح المتجددة التي أحيت هذه الكنائس بعد سقوط الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية، بالإضافة إلى المثابرة التي تميّز الجماعات المسيحية المقيمة في الشرق الأوسط واصفًا إياها “بالقطيع الصغير” والتي تعيش غالبا في بيئة تتميز بالعدائية والصراعات والاضطهادات الخفية أيضًا.
وفي خضم حديثه أكد فرنسيس أن أعمال الجمعية تطرقت الى مشاكل عدة تختص بالحياة الداخلية للكنائس الشرقية والى عدد المؤمنين المتزايد في بلاد الانتشار، وأكد على أنه يجب بذل كل الجهود كي يتم تطبيق ما نص عليه المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، وتيسير الرعاية الرعوية في كل الأراضي التي تتمركز فيها الجماعات الشرقية وفي الوقت عينه تعزيز الشراكة والأخوة مع الجماعات التي تتبع التقويم اللاتيني.
أكمل البابا فرنسيس مشيرًا الى أن أفكاره تتجه بخاصة إلى الأرض المباركة حيث عاش المسيح ومات وقام من الموت. وأكد أن شعلة الإيمان لم تنطفئ في تلك الأرض فهذا الإيمان هو “نور الشرق” الذي أضاء الكنيسة الجامعة مذ أن أشرق عليها نور المسيح. كذلك قال أن كل كاثوليكي مدين بشكل أو بآخر للكنائس في تلك المنطقة وأردف أنه بإمكاننا أن نتعلم من الجماعات المقيمة في تلك الأراضي كيفية عيش الروح المسكونية والحوار بين الأديان، فالسياق الجغرافي والتاريخي والثقافي الذي عاشوه لقرون، جعلهم شركاء مع العديد من الطوائف المسيحية الأخرى والأديان الأخرى.
أخيرًا وليس آخرًا، أعرب البابا فرنسيس عن قلقه تجاه الظروف الصعبة التي يمر بها المسيحيون في العديد من مناطق الشرق الأوسط، وهي تأتي نتيجة الصراعات ذاكرًا سوريا والعراق ومصر ومناطق أخرى في الأراضي المقدسة. وقال: “إننا نطلق اليوم نداء مع رعاة الكنائس الشرقية، كيما يُحترم حق الجميع في عيش حياة كريمة وممارسة إيمانهم بحرية.” وأضاف: “لا يسعنا أن نفكر بشرق أوسط خال من الحضور المسيحي.”
وفي الختام أكد الحبر الأعظم أن أفكاره تضم بنوع خاص مدينة القدس، التي وُلدنا فيها روحيا ومنح ضيوفه وجميع الكنائس الشرقية بركاته الرسولية.