وجه الحبر الأعظم لضيوفه كلمة استهلها مرحبا بهم ومعربا عن سروره الكبير لاستقبالهم في الفاتيكان خاصا بالذكر رئيس المجلس البابوي المذكور الكاردينال جان لوي توران. قال البابا: إن الكنيسة الكاثوليكية تدرك قيمة تعزيز الصداقة والاحترام بين رجال ونساء ينتمون إلى مختلف التقاليد الدينية. ونتفهم أهمية هذه القيمة، لأن العالم بات أصغر حجما بمعنى ما، ولكون ظاهرة الهجرة تزيد من الاتصال المباشر بين أشخاص وجماعات تمثل تقاليد ثقافية ودينية مختلفة.
إن هذا الواقع ـ تابع البابا ـ يحاكي ضميرنا كمسيحيين ويشكل في الآن معا تحديا بالنسبة لفهم الإيمان وحياة الكنائس المحلية والرعايا والعديد من المؤمنين. بعدها توقف البابا عند الموضوع الذي تم اختياره لهذه الجمعية العامة لافتا إلى ما جاء في الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل” الذي شدد على ضرورة أن يتميز الحوار مع مؤمني الديانات غير المسيحية بالانفتاح على الحقيقة والمحبة، وذلك على الرغم من العراقيل والصعاب، لاسيما التطرف من الجانبين. ولفت الحبر الأعظم إلى وجود طريق واحدة تؤدي إلى تخطي كل هذه المشاكل ألا وهي طريق الحوار واللقاء في إطار الصداقة والاحترام.
مضى الحبر الأعظم إلى القول: الحوار لا يعني التخلي عن هويتنا الخاصة عندما نلتقي مع الآخر، ولا يعني تقديم تنازلات فيما يتعلق بالإيمان والمبادئ الخلقية المسيحية، بل على العكس، إن الانفتاح الحقيقي يتطلب الترسخ في قناعاتنا والحفاظ على هوية واضحة المعالم تكون منفتحة على فهم دوافع الطرف الآخر والبناء على أساس علاقات إنسانية تستند إلى الاحترام والقناعة بأن من هو مختلف عنا يقدم فرصة للنمو في إطار الأخوة والشهادة. هذا ثم شدد البابا على ضرورة الشهادة لإيماننا بفرح وبساطة لافتا إلى ضرورة الابتعاد عما من شأنه أن يؤسس لأخوة مزيفة، ومن هذا المنطلق لا بد أن نجتهد، كتلاميذ للمسيح، كي نتغلب على الخوف ونكون مستعدين على أن نخطو الخطوة الأولى وعلى عدم الاستسلام أمام الصعوبات وانعدام التفاهم.
إن الحوار البناء بين أشخاص ينتمون إلى تقاليد دينية مختلفة ـ تابع البابا قائلا “يهدف أيضا إلى تخطي خوف من نوع آخر، الموجود بشكل متزايد ـ وللأسف ـ في المجتمعات المعلمنة: الخوف تجاه التقاليد الدينية المختلفة وتجاه البعد الديني بحد ذاته. إذ يُنظر إلى الدين كشيء لا فائدة منه أو خطير أحيانا. كما يُطلب من المسيحيين أحيانا التخلي عن قناعاتهم الدينية والخلقية أثناء ممارستهم لمهنهم. كما تسود فكرة أن التعايش ممكن فقط إذا ما تم إخفاء الانتماء الديني.
تساءل البابا: كيف يمكننا والحالة هذه أن نبني مجتمعا يكون بيتا مشتركا أصيلا، من خلال تحييد كل ما يشكل جزءا أساسيا من كيان الإنسان؟ وأكد الحبر الأعظم أن المستقبل يكمن في التعايش الذي يحترم التنوع مشددا على ضمان الحق الأساسي في الحرية الدينية بكل أبعادها. وختم كلمته معربا عن ثقته بأن هذه هي الدرب الواجب اتّباعها من أجل بناء السلام في العالم. هذا ثم توجه البابا بالشكر إلى المجلس البابوي للحوار بين الأديان على الخدمة القيمة التي يقدمها للكنيسة ومنح أعضاءه كافة بركاته الرسولية.