المسيحي على مثال يسوع، مدعو لأن يختار المكان الأخير

من منا لا يجاهد في سبيل الحصول على المراكز الاولى؟ من منا لا يجاهد في سبيل الحصول على درجات عالية في الدراسة؟ كثيرة هي المواقف التي اردنا أن نكون نحن في البداية ونتباهى لكوننا في المركز الأول، ولكن في كثير من الأحيان، يكون الافتخار لأن الآخرين يأتون بعدنا… ولكن، إلى أي حد علينا كمسيحيين أن نتعامل وفق هذا المنطق، ان نكون في المقدمة؟؟!!.

Share this Entry

       يسوع يحذرنا من ان نحاول اختيار الاماكن الأولى، ومراكز الصدارة (مر9: 33-37 و مر 43:10) ومحاولتنا للوصول إليها وكأنها مبتغانا الوحيد الذي يجب التضحية بكل شيء، حتى القريب، من أجل أن نكون الاوائل وفي المقدمة… كمسحيين، علينا ان يفكّر كلٌّ منّا، كيف يكون الأخير، حباً بالآخرين… من علمنا هذا المنطق، هو يسوع، ويسوع دائماً انطلاقاته تختلف عن انطلاقاتنا، طرقه غير طرقنا وسبله غير سبلنا… فلكي تكون الأول وفي الصدارة، عليك ان تختار المكان الأخير… يسوع علمنا أن نختار المقاعد الاخيرة (لوقا 14: 7 – 11).

ولماذا عليك ان تكون الأخير، في المرتبة الأخيرة؟

       خلال قرائتنا لنص الوصايا العشر المذكورتين في ( خروج 20: 2-17 وتثنية 5: 6-21) واللتين تتكلمان عن العهد الذي قطعه الله مع الإنسان، ليكونا في وحدة واحدة، عهداً مقدساً أبدياً، يحاول كل من طرفيه المحافظة عليه والتفاني من اجل تحقيقه… نص العهد هذا، يحكي لنا عن جانبين، لوحين، اللوح الاول يدعو فيه الإنسان ليهتم بعلاقته بالله، ليهتم بالله نفسه، ان يحافظ على الله ليكون الله كما هو، ليكون الله متجلياً في حياته دائماً… اما اللوح الثاني، فيدعو في الإنسان ليعتني باخيه الإنسان، يحافظ على حياته فلا يسفك دمه، يحافظ على حياته في علاقته بشريك حياته، يحافظ على حياته في سمعته وكرامته…

       إذا، اعتناء بالله، واعتناء بالآخر القريب… ولكننا لا نرى أي وصية تتكلم عن اعتناء الإنسان بنفسه… لأن المؤمن لا يهتم بنفسه، ولا يعتني بها، لأن هناك من يعتني به، الله والقريب… فعلى المؤمن الحقيقي أن يهتم بالله أولاً (المركز الاول) ويهتم بالإنسان ثانياً (المركز الثاني) ومن ثم ياتي هو في (المركز الاخير)… لا تهتم بنفسك، فهناك من يهتم بك لأنك أفضل بكثير من العصافير الكثيرة التي يرزقها الرب طعامها في اوانه، وانت أفضل من عشب الحقل الجميل الذي يلبسه الله اجمل حُلّة (متى 6: 25-33)…

       إذاً، ليس على المسيحي أن يكون في المركز الاول، بل ان يكون في المركز الأخير، وان يدع الله ياخذ مكانه الحقيقي في المركز الأول ومن ثم يعطي الفرصة للقريب ليكون في المركز الثاني، ومن ثم، وبفرح وحب، ينال بجدارة، المركز الثالث والاخير الذي يجعله يكون أبناً حقيقياً لله، ووارثا للملكوت…

       هذا ما فعله يسوع، لم يشأ ان يكون الأول، خاصة وإن الفرصة كانت سانحة ليسوع أن يكون الاول، فهو صنع الكثير من الآيات التي كان من الممكن ان يستثمرها ليكون الاول، وخاصة في تجارب الشيطان له في البرية… ولكن يسوع، يختار المركز الاخير، يختار الصليب، فهو يدع الله ياخذ مكانه الاول عندما قال وعمل: احبب الرب إلهك من كل قلبك وكل عقلك وكل قوتك… وهو يدع الإنسان ياخذ مكانه الثاني في حياته عندما شفاه من خطاياه وامراضه وعلمه الشريعة الحقيقية، وضحّى بذاته من أجله…. فكان في المركز الاخير: طريق الصليب والتعيير والجلد والرفس والبصق والموت على صليب العار وبين لصّين..

       فهل ستختار المركز الاخير حباً بالله والقريب؟… تذكر، انت لست مدعو لتكون الاول، ولست مدعو لان تهتم بنفسك فقط، بل عليك ان تهتم بالله وبالقريب، عند ذاك تكون عن يمين الله، تماماً مثل يسوع، فبعد ان عاش حقيقة الانسان، كان جواب الله: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت، له اسمعوا، لن ادع قدوسي يرى فساداً، فأقامه الله واجلسه عن يمينه…

       تذكر، لمسيحي دائماً هو من يعرف ان مرزه دائما هو: الثالث…

Share this Entry

الأخت دولّي شعيا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير