1. حيّى الآباءُ مشاركة أصحاب الغبطة البطاركة الشرقيّين في المؤتمر بشأن الحضور المسيحي في بلدان الشَّرق الأوسط الذي عُقد في واشنطن من 9 إلى 11 أيلول الفائت، وما رافقه من لقاءاتٍ رسمية. وقدَّروا جولتهم إلى الولايات المتَّحدة الأميركية وبعضِ بلدان أخرى، لِما لهذه الجولة من أهمية في هذا الوقت الذي تمرّ فيه المنطقة في جوّ ظلاميٍّ يطعَنُ في الصميم، إذا ما تُرك له المجال، تاريخًا طويلاً من الوجود المسيحي الأصيل، والعيشَ المشترك مع جماعات تاريخيّة أخرى في هذا الشَّرق. وهم يناشدون المرجعيات الإسلامية الرسمية اتِّخاذَ موقفٍ واضحٍ وصريح من هذه الظاهرة الإرهابيّة اللّادينية، والقيامَ بحملةِ توعية في المجتمع وتنشئةَ الأجيال الطالعة على مفاهيم الدين وقيمه، حرصًا منها على العيش معًا، الذي كرّسه تاريخٌ طويل من العلاقات الإسلامية المسيحية.
2. رحّب الآباءُ بالقمّةِ الروحية التي عُقدت في دار الفتوى، صباحَ الخميس الموافق 25 أيلول المنصرم، وبالمواقف الجريئة التي اتَّخذتها من الأوضاع الراهنة في لبنان، ومن جرائم الإعتداء والتهجير التي ارتكبتها وترتكبُها بعض التنظيمات الإرهابية، باسم الإسلام، بحقّ المسيحيين وبعض الأقليات الدينية والإتنية في العراق وسوريا، وبالقرار الذي اتَّخذته القمّة “بتشكيل وفد إسلامي – مسيحي مشترك، لعرض الأخطار المترتبة على قضية انتهاك حقوق المسيحيين العرب وتهجيرهم، أمام المرجعيات الدينية والمراجع السياسية العربية، وضرورة التصدي لها بفاعلية، صوناً للعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين”. وفي المناسبة يقدّم الآباء إلى إخوانهم المسلمين في لبنان والعالم، تهانيَهم بعيدِ الأضحى المبارك، سائلين الله أن يعيدَه عليهم وعلى الجميع بالخير والبركات.
3. يعلن الآباء تضامنهم مع ذوي العسكريِّين المخطوفين، ويتفهّمون مشاعرَهم ومطالبَهم، وهم إذ يحيّون حكمة المسؤولين في التعاطي مع المسألة، يدعونهم إلى أخذ هذه المشاعر والمطالب بالحسبان. وفي الوقت عينه يُثنون على الجيش والقوى الأمنية في تعاطيهم الدقيق والحازم مع هذا الموضوع. ويناشدون الجميع دعم المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية، لأنّ في صونها منعة للوطن، ودرءاً للمخاطر التي تحيق بنا من كلّ جانب.
4. يعربُ الآباء عن توجّسهم من التطورات والتحركات التي تشهدها مدينة طرابلس، والتسريبات الإعلامية المضخَّمة عن إطلال رأس التطرف في هذه المدينة العزيزة من لبنان، يترافق ذلك مع بروز شعارات، هنا وهناك، تمس بتاريخ التعايش العريق في هذه المدينة. ويُثنون على ما قامت وتقوم به المرجعيات الروحية والمدنية لحفظ هذه المدينة في حضارتها التاريخية.
5. توقّف الآباء عند الدعوة إلى جلسة تشريعية تحت تسمية “تشريع الضرورة”. وهم يعتبرون أن الضرورة الشرعية والوحيدة والملحّة في هذه المرحلة، والتي يوجبها الدستور، هي انتخاب رئيس للجمهورية، وما عدا ذلك يعتبر مخالفة صريحة للدستور، وإدخالاً لعادات تتنافى والمبادئ الدستورية في دولة ديمقراطية. فيناشدون نوّابَ الأمة، ويحذّرونهم تكرارًا من مغبة إدارة الظَّهر لموجِبات الدستور، ويدعونهم مجدّدًا للتقيد بالمواد الدستورية وتطبيقها، بدل السعي أمام كلّ استحقاق إلى الالتفاف على مضامينها الصريحة.
6. يقلقُ الآباءَ ظاهرتان خطيرتان تستدعيان توقفاً عميقاً وموقفاً صريحاً، هما الإتّجار بالبشر بواسطة الدعارة، والإتّجار بالمخدّرات. وهما ظاهرتان ما استحكمتا بمجتمع إلاّ وقوضتاه من الداخل. وهم يستهجنون بالتحديد إستغلال وضع النازحين وسائر المهجَّرين والفقراء، عبر إكراهِ عددٍ من النساء على بيعِ أجسادهنَّ تحت أشكالٍ مختلفة، ومنها ما يَمَسُّ بقُدسيّة العائلة وأصولها. إن الآباءَ يناشدون الدولة، بحكم مسؤوليتها عن الأخلاق العامّة، أن تسارع إلى تطبيق القوانين المرعية، وفرض حصانة أخلاقية تقي مجتمعنا كارثة بهذا الحجم.
7. في مستهلِّ هذا الشَّهر، وقداسةُ البابا فرنسيس يدعو للصلاة من أجل نجاح أعمال جمعية سينودس الأساقفة الخاصّة بالعائلة، يدعو الآباءُ أبناءهم إلى إكرامِ “سيدة الورديّة” المخصَّص لها شهر تشرين الأوّل، وإحياءِ الإحتفالات الدينية بتقوى وإيمان عميق، ومضاعفةِ الصلاة إلى الله، بشفاعة العائلة المقدّسة، كي يحفظَ عائلاتنا في هُويّتها ورسالتها، ويحمي لبنان والمنطقة من الحروب الإرهابية، ويعيدَ اليها والى قلوب أبنائها، المحبة والإلفة والسلام .
المصدر: موقع البطريركية المارونية