إذن ، بعيدًا عن الأفكار الفلسفيّة واللاهوتيّة الصعبة ، سأحاولُ في هذه السلسلة الصغيرة ، أن أعطي بعضا من تأمّلات ، وإن حَوَتْ على لاهوت ، لكنّه ليس بتلك الصعوبة الكبيرة .

الله ، رغبة . ورغبةٌ شموليّة قصوى إلى أبعد الحدود . وعندما نقولُ " رغبة " ، مؤكّد أننا لا نلمّح إلى رغبة عابرة ، أو الرغبة الجنسيّة . وتختلف أيضا الرغبة عن اللذّة ، فالأخيرة ؛ هي كعود الثقاب ، يشتعلُ للحظات ٍ ثمّ ينطفيء . واستطيعُ تشبيهها بــ  " الإعجاب والهيام " بفتاة ! هو  مثل عود الكبريت ، يحترقُ فجأة للحظات ، ثمّ يخمدْ . ليس الله " عودَ كبريت " ! بل هو " رغبةٌ شاملة " أي : رغبة الإنسان القصوى والنهائيّة والحقيقيّة ، حتى وإن لم ، في أحيان كثيرة ، يذكر ويهتمّ الإنسان بالله .. هي في أن يرغب بالله ، لإنه هو ، الله ، الرغبة والسعادة الدائمتين للإنسان ، فبدون "الرغبة الشموليّة " هذه ، يفتقرُ الإنسان ، ويستقرّ في " اللامعنى " وفي النقصّ المطلق.

الله ، هو رغبة شموليّة , لإنه " يسبقنا " في كلّ شيء . إذن ، وفي هذه الحالة ، إنّ الله هو " البدء – البداية – المبدإ " لكلّ شيء ، فهو الرغبةُ المطلقة ، التي تحتوي الإنسان .

بما أنّ الحياة ليست مجرّد بيولوجيّة ، بل " خبرة "؛ فالخبرة تتكلّم عن الله إنطلاقا من " الواقع " ، وليس من خلال البراهين والنظريّات الرياضيّة العلميّة . نحنُ لا نكتفي بالعقل وحده ، الذي وإنْ استحوذ الإنسان بصورة كاملة يصابُ بالجمود والشلل الروحيّ ، ويضيع في متاهات رياضيّة تضجّ بالألاعيب الفلسفيّة الفكريّة الإختباريّة ، وأحيانا تصلُ إلى " إنكار الله " والإلحاد . . كلا ، نحنُ نبحثُ عن " خبرة الله

أفضلُ مقياس ٍ لنا في معرفتنا سرّ الحياة الحقيقيّة ، هو في " الخبرة " . أن نعيش الواقع اليوميّ ، بصراعاته ومآسيه وتقلّباته ، بحلوه ومرّه . هو أن نضعَ أنفسنا داخل العلاقة مع الآخر . وبديهيّ أن نقول ، أن خبرة مثل هذه لا يمكنُ برهانها بالرياضيّات والعلوم ، في إمكاننا فقط أن نعترفَ بوجودها ، وأن نصغي لكلّ هؤلاء الذين عاشوها ويعيشونها . هذا واقعٌ وكفى كما يقولونْ

فعلينا إذن ، أن نضعَ ، في علاقاتنا ، " الوجود المفتوح " ، لا " الوجود المغلق " . أي : إنّ المكان المفضّل لطرح مسألة العلاقة مع الله هي وجود الإنسان ، أيّ إمكانيّة للّقاء مع الله ، لا يمكنُ أن تكون سوى داخل " أنسنة " الإنسان، داخل حقيقته الواقعيّة .. فالإيمان ، مثل الباراشوت ، لا يمكنُ أن ينقذ الإنسان إلاّ إذا كان مفتوحًا

علينا هنا ، أن نقولَ أمرًا مهمّا : المسيحيّة ـ أو الإيمان المسيحيّ .. إقلاعٌ من الداخل وليس من الخارج . هناكَ فرقٌ بين الصعود على السلّم ، والصعود بالطائرة . الصعود على السلّم ، هو صعودٌ من الأرض إلى مكان عال ٍ ، لكنّنا لا زلنا مكاننا ملتصقين بالأرض ، بينما الصعود بالطائرة ، هو إقلاعٌ من الداخل للعلى

نقولُ كنقطة إنطلاق ، إنّ ولادة الإنسان ، وكشف يسوع للبنوّة الحقيقيّة ؛ هي " إقلاعٌ " من العمق . هناكَ " خبرة حياة ووجود " وليس الموضوع مجرّد أفكار ونظريّات ، ولا مفترضات ، فلا مجال للفرضيّات في كشف يسوع للآب

يتبعْ : مشكلة الإنسان ، هي أن لا يشعر بوجود الله

نيجيريا: حصيلة ضحايا بوكو حرام الى ارتفاع!

في بيان أخير صدر عن الأوضاع الراهنة في نيجيريا جراء هجمات جماعة بوكو حرام خلال الشهرين الأخيرين جاء ان أكثر من 185 كنيسة تعرضت للإحتراق و190000 شخص مهدد بالنزوح وذلك بحسب ما ذكرته وكالة فيدس الفاتيكانية.