هناكَ الكثير من الأشخاص ، وخاصّة غير الناضجين ، يتصوّرون بأنّ الحبّ والإعجاب سيّان . ويُصهرون الحبّ والإعجاب (الغرام) في بودقة واحدة بإعتبار أنّهم ، بلقاءِهم بالفتاة في أيّ مكان وفي أيّ زمان ، وفي أيّ ظرف ٍ ، يعتبرونه أمرًا متساويًا ؛ وأنهم يجب عليهم أن يكونوا مُعتَبرين أمام الجميع ، وبأنهم على حقّ دائمًا ، ويشتكون بأنّ الجميع لا يفهمونهم . وبهذا ، وعندما لا يجدونَ يد العون فإنّهم يغضبون ويقومون بأمور ٍ مضادّة للأشخاص الذين هم أكبر منهم ، ويصابون بــ" الدمدمة " الدائمة ، والعصبيّة ، والنفور ، وينقطع الحوار بين الأجيال الصغيرة والكبيرة ، ويؤول إلى الصمت المطبق . وهنا ، سيقوم هذا الجيل الصغير بخلق أجواء ٍ رومانسيّة خاصّة به ، يعكسُ الصورة التي هو يريدها على العالم وعلى المجتمع وعلى الآخر كما يحلو له ! فتتحوّل حقيقة الحبّ الأصليّة إلى " لعب ومرح " وضحكٌ على الذقون ، وإلى الرياء والكذب على الآخر . كيف نعرفُ بأنّ العلاقة بين اثنين هي علاقة " إعجاب وغرام " لا علاقة حبّ أصيلة ؟! لديّ مسطرة ومقياسٌ لهذا الأمر : أعرف ذلك الأمر ، بأنّ الوجه الآخر للحبّ الأصيل ليس هو الإرتياح والسكينة والأستقرار ، بل " الألم " . وهنا ، المُعجَب والمُغرَم لا يستطيعُ قبول الألم والمنغّصات ، فهو ينفر بسرعة . يقترب بسرعة كـ"شعلة " ويحترق ، ويُحرق الآخر بالكلمات الرنّانة المتطايرة من لسانه ، ولكن عاجلا أم آجلا ً سيُحرق العلاقة الوهميّة التي جمعتهما . أستطيع تشبيه الإعجاب أو الغرام بعود الثقابْ ، فهو يبدأ بقدحة نار كبيرة ، ثمّ تدريجيّا تنتهي وتصبحُ رمادًا .

مشكلة الإعجاب أنه " ذوبان وإنصهار " وعدم قبول للإختلاف . إختلاف الآخر هدفٌ سام ٍ لكلّ علاقة حقيقيّة ، وعلامة نضوج ٍ كبير

المعجَب أو المُغرَم ، متقلقلٌ لا قرار ثابت له ، ولا إرادة حرّة . والأخيرة (أي الحريّة) ، بالنسبة له هي " تسيّب وإباحيّة " وليست حريّة ناضجة . إنها حريّة تُدغدغ أكثر ممّا هي تغذّي . حريّة صبيانيّة لا عقلانيّة . فصاحب الإعجاب يسيرُ بنصف عين لا بعينين . الحبّ الحقيقيّ حبٌّ عقلانيّ يتبع العقل والقلب والمخيّلة . لكنّ صاحب الإعجاب والغرام ، غريزيّ مُسيطِر ، متعجرِف ، لا يتبعُ العقل بل يتبعُ العاطفة السلبيّة الهوجاء " المخربطة " ، مخيّلته جامحة بعيدة عن منطق البناء الأصيل على الصخر . كيف يمكنُ أن يكون الحبّ والأعجاب : اختلاف ووحدة ؟

لا يمكنني هنا ، أن أتكلّم عن هذا الموضوع ، دون اللجوء إلى ما قاله البابا الفخريّ بنديكتوس السادس عشر في رسالته الرائعة "الله محبّة " حول الحبّ ، والإعجاب والغرام . ودون أيضا التطرّق إلى الكتاب المقدّس وخاصّة سفر نشيد الأناشيد حول حبّ العشق الأصيل الذي يبذل ذاته ، ويضحّي بنفسه من أجل الآخر بعكس المُعجب والمُغرم ، فهو لا يضحّي بذاته من أجل الآخر ، بل يسحق الآخر من أجل أن يرضي ذاته وغروره فقط .

«غرام» (Eros) و«محبة» (Agapè) – اختلافٌ ووحدة

يقول البابا بنديكتوس السادس عشر :

كانت اليونان القديمة قد أعطت الحبّ المتبادل بين رجل وامرأة ، الحبّ الذي لا يولد من الفكر والإرادة ، بل نوعًا ما ، يُفرض على الكائن البشريّ ، أعطته اسم غرام (إيروس) . إن العهدَ القديمَ باليونانيّة يستعمل كلمة غرام مرّتين فقط ، فيما العهد الجديد لا يستعملها أبداً: من الكلمات اليونانية الثلاث المتعلّقة بالحبّ – إيروس (غرام) وفيليا (حبُّ صداقة) وأغابي (محبّة) . إن إهمال كلمة غرام - إيروس ، والنظرة الجديدة الى الحبِّ المعبَّر عنه من خلال كلمة محبّة - أغابّي . إنما يدلاّن بدون شك إلى شيء جوهريّ في جِدّة المسيحيّة في ما يتعلّق بالضبط بفهم الحب . ويتساءل البابا : هل المسيحيّة حطّمت فعلاً الغرام؟

يتبعْ

البابا فرنسيس يمنح جميل شعيب وسام القديس غريغوريوس الكبير

قلّد السفير البابوي في كندا المونسنيور لويدجي بوناتزي بحضور مطران كندا للروم الكاثوليك ابراهيم مخايل ابراهيم السيد جميل شعيب، رئيس مجلس ادارة “مارشيه ادونيس”، وسام القديس غريغوريوس الكبير، الذي منحه اياه قداسة البابا فرنسيس « تقديراً لعطاءاته الاجتماعية والانسانية ودعمه المتواصل للكنيسة الكاثوليكية »، كما جاء في البراءة البابوية الصادرة عن حاضرة الفاتيكان.