بعد قرأة رسائل القديس بولس يمكننا نجد موقفين لبولس الرسول عن المرأة في رسائله موقف إيجابي وموقف سلبي.
الموقف السلبي يظهر في رسائله لأهل كورنثوس. وعلينا معرفة الخلفية التي كانت موجودة في كورنثوس والتي دفعت بولس لكتابة هذه الرسالة. بجانب أن مدينة كورنثوس كانت من أكثر البلاد تجردا من الأخلاق بوجود التيارات المختلفة عن الجسد فكان يوجد تيار يترك العنان لشهواته بحجة أن النهم الروح وليس الجسد لأن الجسد شرير. والبعض الآخر الذي ينبذ الجسد ويذله وينكرون الشهوات والغرائز في الجسد.
وذهب البعض لأبعد من هذا وقالوا من يريد يكون مسيحيا حقيقيا لابد أن يجرد نفسه من الأشياء الجسدية، ولابد الإمتناع عن الزواج. فحاول القديس بولس توضيح أن الزواج أفضل من السقوط في الخطيئة.
نجد نظرة وفكر آخر اثر على فكر بولس في كتابته إلى أهل كورنثوس وهو موضوع إنتظار وترقب مجيء المسيح الثاني حالاً وفي اللحظة. لذلك يقول البعض كتب بولس هذه الرسالة بمثابة قانون طوارئ. أي زمن مؤقت وليس لوقت دائم. فكان يركز على أن يطرح الإنسان كل شيء جانبا حتى النشاط البشري إستعادا للمجي الثاني. لو أن بولس كان يفكر أنه سوف يعيش والمؤمنين في وضع دائم لما كتب ما كتبه بهذا الأسلوب.
الموقف الإيجابي فيما يخص المرأة يظرعند قراءة رسالة القديس بولس لأهل رومية و غلاطية.
وعندما نقرأ رسالة بولس الرسول لأهل أفسس ونقارنها برسالته إلى أهل أفسس نجد إختلاف الأسلوب واضح بين الرسالتين فيما يخص المرأة، وهذا يرجع لإدراك بولس وهو في أفسس أن الأوضاع البشرية سوف تستمر وليست الحياة البشرية في حالة طوارئ بسبب إنتظار المجيء الثاني. ولهذا السبب بدأ القديس بولس يعطي الزواج والمرأة قيمة. وأعطى الزواج أثمن وأعظم العلامات حيث أعطى نموذج المسيح والكنيسة وإرتباطهما معا.
إن التيارات الموجودة في البلاد حينذاك لعبت دورا هاما في تأثيرها على القديس بولس. فكان موجود تياران تيار خارجي وتيار داخلي.
التيار الخارجي كان التيار الغنوصي، الذي كان موجود في أفسس وكان يعتقد بنقاء الروح وأن الجسد شرير، والإهتمام يجب فقط يكون بالروح ويجب إحتقار الجسد، فقال ما يفعله الفرد بجسده لا يهم فلا يحدث شيء إن انغمس المرء في شهوات الجسد واشباعه.والإنسان يتخلص بروحه وليس بجسده. وحاولت المسيحية محاربة هذا التعليم بالتركيز على قيمة الجسد أيضا الذي أخذه المسيح ليكون واحد من البشر.
التيار الداخلي هو تيار داخل الكنيسة يقول حرف مفهوم النعمة فقالوا "نعمة الله واسعة فنعمة الله تمحو الأثم، وقالوا كما أزددنا في الخطيئة فسوف نعطي النعمة الفرصة لتقوم بعملها".
كل هذه المعلومات التي وضعتها أمام القراء ليعرف سبب وجود بعض الاختلاف برسائل القديس بولس حول موضوع المرأة. وتلخيصا أقول أن الإختلافات إما ترجع لتأثرة بالثقافة اليهودية واليونانية أو بالأحداث الجارية في كل بلد وجهه رسالته إليها. فرسائل القديس بولس لم تكن بعيدة عن الواقع ولم تكن نظرية، بل رسائله كانت رعوية تلمس مشاكل موجودة داخل الكنيسة.
و ما يخص المرأة في تعليم بولس الذي يثير لبس عن العديد من المسيحيين حتى اليوم بخصوص منع المرأة من القراءة في الكنيسة، وعليها أن ترتدي غطاء على رأسها، والذي ذهب بعض القادة لأبعد من ذلك بعدم مشاركة المرأة في بعض الطقوس نذكر أن رسائل القديس بولس يجب تفهم في إطار دارسي صحيح لفهم الخلفيات والدوافع التي دفعت القديس بولس لكتابة رسائله، وهذه الأمور الرعوية التي تخص الأمور الرعوية في هذا العصر فعلى القادة تطبيق ليس فقط تعاليم القديس بولس بل أيضا كل الكتاب المقدس بطريق صحيحة مدرسة وليست بطريقة عشوائية تسيئ لتعليمنا المسيحية الجميلة. وعلينا أن نتذكر دائما أن القديس بولس رأي المسيحية بل العهد الجديد كله هو رأي المسيحية. فعلينا أن نضع مثال تعالم السيد المسيح مع المرأة فأذكر مثال تعامله مع المرأة الزانية والمرأة الخاطئة وغيرها من النساء التي يذكرهم العهد الجيد وتم التعامل معهم بكل إحترام وتقدير بالرغم من حالتهم التي كانوا بحكم الشريعة مدانون ومنبذون.
أختم هذا المقال الصغير عن القديس بولس وعلاقة مع المرأة موضحا أن عقلية القديس بولس حدث فيها تطور، مثل كل إنسان يتعلم من الحياة ويكتشف جديد، وهذا التطور يظهر في تعليمه، فتعليم القديس بولس لا تحتوي على إختلافات بل تحتوى على تطور وتدريج بالأخص فيما يخص المرأة.