عندما سئلت الأم تريزا عن سر إعجابها بالقديس فرنسيس، أجابت الراهبة التي كانت قد أمضت 35 عاما من الرعاية للفقراء الذين يموتون في الأحياء الفقيرة في كلكوتا :
” أحب فرنسيس …. في حبه للخالق و الخليقة … في قربه حتى من الحيوانات : تلك الإبداعات البسيطة من جمال الله… و لكن أعتقد أن صلب تأثري بهذا القديس يكمن بأن فرنسيس حاول عيش فقر المسيح بشكل وثيق” .
هي الروح الفرنسيسية :
سرها أنها وجدت طريق الحب، وأدركت بأنوار الروح العلاقة الجوهرية بين المحبة و الفقر فألهبت و ألهمت قلوباً كثيرة و عظيمة من قديسي الأمس البعيد الى قديسي الأمس القريب. فهل نسمح أن تخاطب قلوبنا المختنقة بروح العصر الإستهلاكية و تحررها لنتحوّل الى قديسي اليوم الحاضر ؟؟؟
ما هو درب قداستك أنت؟
بعد المناولة اليومية، وبعد الإتحاد العميق بين النفس و خالقها كانت تقوم الأم تريزا بتلاوة “صلاة السلام” التي كتبها فرنسيس الأسيزي.
بين الأم الطوباوية و القديس الساروفيمي علاقة محبة وطيدة تتخطى مئات السنين التي تفصل بينهما بحسب زمن الأرض ، ففي ساعة الحب تتوحد الأزمنة و تمحى المسافات…
وفي مدرسة “السيدة فاقة” أي الفقر بحسب فرنسيس، الإثنان يمتهنان النهج ذاته. فتجرّد ابن الله العلي، و ملء عطائه في التجسد و الصليب و الإفخارستيا… إستوقف القلبين:
تشرّبا الروح السماوي الذي “يعرف كلّ شيء حتى أعماق الله” ففهما:
أن الذات الإلهية هي ذات معطاء. و إن كلّ أقنوم من الثالوث الأقدس، لا ينطوي على ذاته بأنانية. إنما الأمر كحركة دائمة فيها “يفرّغ” الآب ذاته في الإبن و الإبن يعيد هذه الذات للآب في دينامية محبة لا تتوقف في الروح القدس، روح كليهما….
الأقانيم الثلاثة لا تحتكر “الملء الإلهي” و بهذا ” الفقر” تخلق الحياة …
نعم ، بين كالكوتا و أسيزي، فهم “الفقيران” أن لا حياة من دون ذاك العطاء الذي يشبه بذل الذات الإلهية حيث تنتفي الأنانية ويسود الحب الأسمى.