لا تكذب على نفسك!

في مقدمة إنجيل يوحنا نجد كلمات أساسية تشكل أرضية هامة لفهم فكر الإنجيلي، ومن خلالها تجعلنا نلج إلى معانٍ روحية عميقة. تتردد في هذه المقدمة كلمات ترتبط بـ “نور”، “حياة”، “رؤية”، “حق”، “مجد”. هذه الروابط ليست اعتيادية في حياتنا اليومية. ما قصد الإنجيلي؟

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الحياة الحقة بالنسبة للإنجيلي هي حياة منوّرة، هي وجود مستنير بحضور الله الذي هو “نور لا ظلام فيه”. وهذا النور هو “حق”. فالنور بطبعه لا يمكن أن يكون كاذبًا، إذا لم يكن النور نورًا، فهو ظلام، لا محالة. لا يمكن تزوير النور… ومن يزور النور هو “لوكسيفر”، هو شيطان وخدعه معروفة.

هذا الترابط بين النور والحق يدفعنا للتعمق ببعض التعابير التي تميز إنجيل يوحنا. فنحن معتادون أن تكون علاقتنا بالحق علاقة معرفة. نعرف الحق أو لا نعرفه. أما الإنجيل، فينظر إلى الحق من منطلق أوسع من منطلق المعرفة. الحق واقع يعاش، واقع يتم السكن فيه! يتحدث يسوع عن “فعل الحق” وعن “الكيان في الحق”.

ما معنى كل ذلك؟

المعنى بسيط للفهم ومتطلب للعيش!

أمام حقيقة يسوع ومصداقيته، كل إنسان يحتاج أن يقوم بخيار بين الوجود الحق والوجود الكاذب. الكذب والرياء والمرائية لا تأتي من الله بل من “أبي الكذب”، كما يسمي يسوع الشيطان.

ولعل ما يكتبه فيدور دوستويفسكي في رواية “الإخوة كارامازوف” عن مفاعيل الكذب ما يفيد في تفسير ما نستعرضه. ففي الرواية، يتحدث الستارس زوسيما منبهًا والد الإخوة عن ضرورة ألا يعيش وجودًا كاذبًا فيقول: “وفوق كل شيء، يجب ألا تكذب على نفسك. فمن يكذب على نفسه ويصغي إلى كذبه، يصل إلى درجة لا يعود يعرف أن يميز الحقيقة، لا في ذاته ولا حوله، ويتوصل إلى فقدان احترام ذاته والآخرين. وبما أنه لا يعود يحترم أحدًا، يتوقف عن المحبة”.

مسيرة الإيمان ليست مجرد مسيرة أخلاقية، ولكنها لا تتم بدون البعد الأخلاقي. التعرف على يسوع في واقع حياتنا اليومي يمر من خلال عيشنا في الحق. هذا ما يعلمنا تلميذ الرب الحبيب، يوحنا البشير.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير