البطريرك الراعي يصلّي في كاتدرائية سيدة لبنان في سيدني أستراليا

“متى جاء ابن الانسان في مجده”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

1- تحتفل الكنيسة في هذا الاحد الاخير من تشرين الاول بختام زمن الصليب والسنة الطقسية، فتتأمل بمجيء المسيح الثاني بالمجد ليدين الاحياء والاموات في نهاية العالم، وتحيي عيده ملكاً على السماء والارض. انه ملك المحبة التي جسّدها وبلغ بها الى ذروتها فمات فداءً عن خطايا العالم اجمع، وقام لتقديسنا. ترك المحبة وصية لجميع المؤمنين به، وأشركنا بملوكيته، بواسطة المعمودية والميرون، لكي نكون شهداء للمحبة. وسيديننا عليها في اليوم الأخير عندما يأتي بمجده.

2- يسعدنا ان نحتفل معاً بهذه الليتورجيا الإلهية، التي نبدأ بها زيارتنا الراعوية الى ابرشيتنا المارونية في اوستراليا، بدعوة كريمة من سيادة اخينا المطران انطوان- شربل طربيه، في كاتدرائية سيدة لبنان في مدينة سيدني. ونقوم بها مع سيادة اخينا المطران بولس الصياح نائبنا البطريركي العام مع قدس الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية الاربعة اللبنانية والمريمية والانطونية والمرسلين اللبنانيين والرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات، ومع وفد من المؤسسة المارونية للانتشار والمؤسسة البطريركية العالمية للإنماء الشامل، ومن الاعلاميين والاعلاميات، ممثلي وسائل الاتصال اللبنانية. اننا نشكر سيادة راعي الابرشية المطران انطوان شربل طربيه على هذه الدعوة وكل الذين نظموها معه، ونحيي الكهنة والرهبان والراهبات وجميع المؤمنين والمؤمنات. ويطيب لنا ان نحيي السادة المطارنة رؤساء الكنائس الشرقية، وسعادة القنصل العام للبنان السيد جورج بيطار غانم، وسائر الوجوه الكريمة الحاضرة معنا.

3- في ضوء كلام الرب يسوع في انجيل اليوم نتأمل بغاية وجودنا على هذه الارض، وهي الشهادة لمحبة المسيح، التي تظهر وتتجسّد في مساعدة الجائع والعطشان والغريب والعريان والمريض والسجين، مادياً وروحياً وثقافياً واقتصادياً. وقد سمّى الرب يسوع هؤلاء المحتاجين “اخوته الصغار” (متى 31:25-46). ويؤكّد لنا انه سيديننا، في يومنا الاخير، على هذه المحبة، وان خلاصنا الأبدي والهلاك منوط بعيش هذه المحبة الإجتماعية. كل هؤلاء “الاخوة الصغار”، نلتقيهم في بيوتنا وعائلاتنا وفي المجتمع والكنيسة والدولة. فكل انسان، كبيراً كان ام صغيراً، يوجد كل يوم في حاجة مادية او معنوية او روحية او اقتصادية او ثقافية، في مختلف قطاعات الحياة. وهكذا تنفتح امامنا كل يوم ومكان مجالات الشهادة لمحبة الله، على مثال محبة المسيح. نصلي اليوم لكي يسكب الله في قلوبنا هذه المحبة بعطية الروح القدس.

4- المسيح الملك هو ملك المحبة والسلام. وقد اشركنا في ملوكيته بالمعمودية والميرون. اننا نحن المسيحيين شعب المحبة والسلام. هذه هي هويتنا ورسالتنا في اي مجتمع بشري او بلد كنا. وانتم، ايها الاخوة والاخوات، الآتون من لبنان ومن مختلف بلدان الشرق الاوسط،تشهدون في هذا المجتمع الاوسترالي المضياف للمحبة الاجتماعية بكل وجوهها. يشهد لها ويجسدها الاساقفة والكهنة والرهبان والراهبات في العمل الروحي والراعوي والاجتماعي في الرعايا والاديار، وفي المدارس ومراكز خدمة الاطفال والمسنين وسواها من المؤسسات الثقافية والاستشفائية. ونعرب لكم جميعاً عن شكرنا وتقديرنا لأعمال المحبة التي تقومون بها في بلداتكم اللبنانية والمشرقية، من خلال مساعدة الاهل والاقرباء، وبناء الكنائس والقاعات الراعوية والاندية، وانشاء مشاريع انمائية توفّر فرص العمل لأبناء اوطاننا الاصلية، لكي يصمدوا فيها ويحافظوا على تراث الآباء والاجداد، ويواصلوا رسالتهم في بلدانهم المشرقية بنشر حضارة المحبة والسلام .

5- لقد قضينا طيلة نهار امس، وهو الاول من زيارتنا الراعوية، بلقاءات شملت اولاً لقاء مطوّلاً مع السادة المطارنة والآباء ورؤساء الكنائس الشرقية، ومع اصحاب السماحة والفضيلة ممثلي الطوائف الاسلامية. وتباحثنا معاً في شؤوننا المشتركة في اوستراليا ولبنان وسوريا والعراق ومصر والاراضي المقدسة، وصلينا معاً من اجل السلام والاستقرار فيها،  واصدرنا بياناً مشتركاً بهذا الشأن. ثم تلت هذا اللقاء لقاءات اخرى متتالية مع سبعة وثلاثين وفداً من بلداتنا اللبنانية والاحزاب. فاطلعنا على احوالهم، واثنينا على الروابط والجمعيات التي انشأوها للربط فيما بينهم وبين بلداتهم وقراهم في لبنان، وشكرناهم على ما يقومون به من اعمال محبة وانماء.

6. اما الصوت الواحد والموحّد من جميع الذين التقيناهم فكان المطالبة بوحدة اللبنانيين، وصيانة العيش المشترك، وانتخاب رئيس للجمهورية، واشراك المنتشرين اللبنانيين في الانتخابات اللبنانية على انواعها. فاللبنانيون في بلدان الانتشار اكثر بأضعاف واضعاف من اللبنانيين المقيمين في الوطن الأم. فدعوناهم – وندعوكم بدورنا- لتسجيل وقوعاتهم الشخصية، الولادة والزواج في بعثاتنا القنصلية اللبنانية للمحافظة على جنسيتهم اللبنانية بالتعاون مع سيادة راعي الابرشية والكهنة ومكاتب المؤسسة المارونية للانتشار، والتجمّع المسيحي الاوسترالي اللبناني والرابطة المارونية. وكم اعرب هؤلاء اللبنانيون عن ألمهم وخجلهم لعدم انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، ولإقفال القصر الجمهوري وفراغ سدّة الرئاسة منذ خمسة
اشهر مكتملة! كما اعربوا عن خيبة املهم من نواب الأمة لعجزهم عن تأمين النصاب في المجلس النيابي وانتخاب رئيس جديد للبلاد، لكونهم ينتهكون الدستور، ويعطلون انتظام عمل مجلس النواب والحكومة وسائر المؤسسات. وهم بعدم انتخاب الرئيس يشلّون البلاد، فالرأس هو مصدر حركة الجسم كلّه، ورئيس البلاد هو الذي يضفي الشرعية والحيوية لجميع المؤسسات. وكم حمّلونا من مسؤولية، في خط البطريركية المارونية، للعمل على الوحدة الوطنية، والسعي مع ذوي الارادة الحسنة، في الداخل والخارج، لكي يقوم النواب اللبنانيون بواجبهم الاول والأساسي وهو انتخاب رئيس للجمهورية، كمدخل لا بديل عنه الى انتظام جميع شؤون البلاد الدستورية والادارية والاقتصادية.

7- وآلم الجميع الاعتداء على الجيش اللبناني في طرابلس، في هذه الايام، وأسفوا لوقوع  شهداء وجرحى في صفوفه. وها نحن اليوم نعرب كلنا عن دعمنا الكامل للمؤسسة العسكرية وسائر القوى الامنية في لبنان، ونصلي من اجل نصرتها وحمايتها ونجاحها في حفظ الامن والاستقرار في الوطن الحبيب. ونصلي من اجل السلام في سوريا والعراق وسائر بلدان الشرق الاوسط. ونذكر في صلاتنا جميع الاخوة النازحين الذي طُردوا من بيوتهم واراضيهم، ونطالب المجتمع الدولي بمساعدتهم في كامل حاجاتهم، وبعودتهم الى بيوتهم ومدنهم وبلداتهم بكل كرامة، مع صيانة جميع حقوقهم المدنية والامنية بحكم المواطنة. وفي هذه المناسبة ونحن في اوستراليا العزيزة نودّ التعبير عن شكرنا لموقف اوستراليا ومساعدتها، ومساعدتكم انتم ايضًا  للاخوة النازحين.

8. هذه الصلاة نرفعها معكم، ايها الاخوة والاخوات، الى الله،  بشفاعة امنا مريم العذراء سيدة لبنان وابينا القديس مارون، ملتمسين النعمة الإلهية التي تقدسنا وتجعلنا جميعًا شهوداً للمحبة، وبناةً للسلام، لمجد الله الواحد والثالوث، الآب والابن والروح القدس الآن والى الابد، آمين.

***         ***         ***

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Redacción zenit

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير