أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لقد سلّطنا الضوءَ في التعاليمِ السابقةِ على الطبيعةِ الروحيّةِ للكنيسةِ أي أنّها جسدُ المسيحِ المبنيِّ في الروحِ القدس. ولكن عندما نتحدّثُ عن الكنيسةِ يتّجهُ الفكرُ مباشرةً إلى جماعاتنا ورعايانا وأبرشياتنا والشخصيّات التي تقودها وتسوسها. هذا هو واقعُ الكنيسةِ المنظور. عندما نتحدّثُ عن واقعِ الكنيسةِ المنظور، لا ينبغي علينا فقط أنْ نفكّرَ بالبابا والأساقفةِ والكهنةِ والأشخاصِ المكرَّسين، لأنَّ واقعَ الكنيسةِ المنظورَ مُؤَلَّفٌ من العديدِ من الإخوةِ والأخواتِ المُعَمَّدينَ في العالمِ والذينَ يؤمنونَ ويَرجونَ ويحبّونَ؛ وكي نفهمَ العلاقةَ الموجودة في الكنيسةِ بين واقعِها المنظورِ وذاكَ الروحيّ، علينا أنْ ننظرَ إلى المسيحِ الذي تُشَكِّلُ الكنيسةُ جسدَهُ وتولدُ منهُ بفعلِ حبٍّ لامتناهٍ. في الواقع، نقرُّ، بقوة سرّ التجسد، أنّ للمسيح طبيعةٌ بشريّةٌ وطبيعةٌ إلهيّةٌ مُتّحدتَين بالشخص عينه بشكلٍ رائعٍ غيرَ قابلٍ للإنحلال. وهكذا هو الأمر بالنسبة للكنيسة أيضًا. فكما، في المسيح، تُجاري الطبيعةُ البشريّةُ تلك الإلهية بشكل كامل، وتضعُ نفسها في خدمتها من أجلِ إتمامِ الخلاصِ، هكذا أيضًا في الكنيسة، وكما استعانَ يسوعُ بِبَشَريَّتِهِ لِيُعلِنَ ويُحَقِّقَ التدبيرَ الإلهيَّ للفداءِ والخلاصِ، هكذا أيضًا يجبُ أنْ يكونَ الأمرُ بالنسبةِ للكنيسةِ. فمن خلالِ واقعِها المنظورِ – الأسرار وشهادتها – الكنيسةُ مدعوَّةٌ يوميًّا للإقترابِ من كلِّ إنسانٍ بدءًا من الفقيرِ والمتألِّمِ والمُهمَّشِ مُواصِلَةً هكذا تقديمَ نظرةَ يسوعَ الشفوقةِ والرحومةِ.
***
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية.