Beatification of Mons. Oscar Arnulfo Romero in San Salvador

ANSA

ست أفكار حول معنى تطويب الكاردينال أوسكار روميرو

مقابلة مع وكيل دعوة تطويب الكاردينال أوسكار روميرو

Share this Entry

ننقل لكم مختصرا من مقابلة تلفزيونيّة أجرتها محطةKATO الكاثوليكيّة مع نيافة الكاردينال Vicenzo Paglia وكيل دعوة تطويب الشهيد الكاردينال أوسكار روميرو[1]. حيث تكلّم الكاردينال عن مزايا هذا الطوباوي العظيم، وسأضعها في ست نقاط.

  1. شاب وكاهن

 تميّز أوسكار روميرو، بإيمان قويّ محبّ للمسيح، وذلك بفضل تربيته الأسرية، فعائلته كان عائلة مسيحيّة محافظة ومؤمنة. تأثر أوسكار في حياة كاهن تقيّ، فوجد في الشاب اليافع، مؤهلات تسمح له بأن يكون كاهناً للمسيح، فلبى أوسكار النداء تاركاً الدنيا وكل ما فيها، فسيم كاهناً على مذبح الرب[2]. ولشدّة ذكائه وتضلعه في العلوم اللاهوتيّة، أرسل الى روما من أجل متابعة دراساته العليا في اللاهوت،  فكان ميالاً الى اللاهوت الروحيّ، ولاسيّما  أنه كان معجبا أشد الإعجاب بتعاليم القديس يوحنا الصليب، على غرار البابا القديس يوحنا بولس الثاني.

  1. روحانية الكاردينال روميرو

وصف الكاردينال Vicenzo، روميرو، بالإنسان المتواضع والعادي والذي يشبه أترابه، إذ  لم يكن متفلسفاً أو مدّعيًّا في علم اللاهوت، فكان يحب العيش في الخفاء وميال الى حياة التقشف مثقف يطالع الكتب بشكل دائم، فعاش إيمانه الكاثولكيّ بشكل عادي. وعندما اختير أسقفا مساعدا (سنة 1970) في أبرشية سان سفادور وبعدها رئيس أساقفة السلفادور سنة 1977، فعمل طيلة تعينه زائراً متنقلاً في أبرشياته يزور الناس في بلداتهم وشوارعهم وحقولهم ومصانعهم، مما نال محبة واحترام وتقدير الجميع. ومن الحركات التي كان مقرّباً منها جماعة Opus Dei عمل الله وغيرها من الحركات الكاثوليكيّة. كان هم الكاردينال روميرو، أن  يجسّد تعاليم الكنيسة في بلده السلفادور، المنبثقة من تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني، لاسيّما في المسائل المتعلّقة بقضايا إجتماعية حادّة، كظاهرة الفقر والغنى المتسفحل= اللاعدالة الإجتماعيّة، [التي استغلتها الحركات السياسية والدينية] لهذا كان المجمع الفاتيكاني الثاني نجمه، وديناميكيّة رؤيته ومقاربته للأمور وطريقة تحرّكه والملهم الثاني بعد الإنجيل.

  1. الحدث المفصلي في حياة روميرو

أثّر مقتل الكاهن اليسوعي رويتريو على أيدي فرقة الموت التابعة للحكومة العسكرية، أثراً كبيراً في حياة الكاردينال روميرو. أما السبب الكامن في مقتل الكاهن اليسوعي روتريو والذي كان أستاذاً في جامعيًّا، فقد ترك التعليم من أجل التفرّغ الى رسالة التبشير وسط أبناء رعيته الفقراء والمزارعين العزّل، لهذا كان يسمع إعترافاتهم ويحتفل بالقداديس ويعمّد الأولاد ويشاركهم حياتهم المتواضعة… وهذا الأمر لم يرق للدولة الحاكمة، التي اعتبرت الكاهن اليسوعيّ، كاهناً خطيرا يشكّل ضرراً على أمن الدولة، فكان القرار بتصفيته وهذا ما حدث. والمعروف أن الشهيد روتيريو الصديق المقرّب من الكاردينال روميرو، وفي ليلة اغتيال روتيريو، أمضى روميرو الليل كلّه جاثيًّا قرب جثمان الكاهن الشهيد، يصلي مع جماعة المؤمنين، مفكرا ومتأملاًّ في معنى حدث الإغتيال. وكأن بالكاردينال، يقرر أن يحلّ مكان هذا الصديق الشهيد مكملاً رسالته الرعويّة، وهذه المرة ليس فقط على صعيد الرعية بل على صعيد الكنيسة بأكملها، رسالة عنوانها محبّة الفقراء والمهمشين والمضطهدين والزود عن حقوقهم وأيضاً محبّة الأعداء ودعوتهم الى التوبة والإنخراط في المصالحة، فهذا التحوّل الجذريّ طبع أسقفيّة روميرو التي دامت ثلاث سنوات، لكنّها كان مصحوبة بالإضطهادات والمآسي.

  1. المواقف العدائية

إن موقف الكاردينال روميرو، تجاه مسألة الفقراء في السلفادور، جعلت منه خصماً لدودا لدى الحكومة العسكرية والمؤيدين للنظام الحاكم داخل وخارج الكنيسة. فبحسب الكاردينال Vicenzo Paglia، أن عدد الشكاوى التي رفعت بحق الكاردينال روميرو الى  الدوائر الفاتيكانيّة، كانت بآلاف، تتهمه بالشيوعية والماركسيّة وأنه من دعاة لاهوت التحرير إلخ. وعندما تولى القديس يوحنا بولس الثاني السدّة البطرسية، ظنّ بأن الكادرينال روميرو شيوعيّ الأهواء، لكنّه بعدما تأكّد ودقق في صحة الأخبار، عرف أن هذا الإنسان بريء من كل التهم التي وجهت إليه، لهذا نال دعماً مباشراً من قبل البابا القديس. وبعد مقتل روميرو، زار البابا السلفادور، فكانت وجهته ضريح الطوباوي روميرو، مع العلم أن زيارة الضريح لم تكن مدرجة في برنامج البابا، فخالف الأعراف متوجها الى الكاتدرائيّة، وعند وصوله كانت الأبواب مقفلة، فانتظر قداسته زهاء 15 دقيقة ليفتحوا له باب الكنيسة، وعندما دخل صلى بحرارة أمام ضريح الشهيد، طالبا من الرب إستمطار نعمة هذا الشهيد على الكنيسة، ولاسيّما على السلفادور[3].

  1. إبطاء الدعوى

بالإضافة الى التهم التي وجهت بحق الكاردينال الشهيد، اتهم أيضاً بالهرطقة أو بالإنسان المهرط، أضف ألى أن العديد من الأساقفة كانوا لا يؤيدون إطلاقا فكر الكادرينال روميرو، لا بل كانوا ضده. فإن كل تلك المعطيات ساهمت بشكل قويّ في إبطاء دعوة التطويب[4]. لكنّ بعد فحص محتويات تعاليم روميرو من قبل مج
مع العقيدة والإيمان، والذي يعد أعلى مرجعية روحية في الكنيسة، اعتُبِر روميرو أنه بريء من كل تلك الإتهامات المغرضة، لهذا فقد أعيد فتح ملف دعوة التطويب وهذه المرة الى العلن، سالكاً الطريق دون أية عراقيل متعمّدة.

  1. رمزّية قتل الكاردينال روميرو

اعتبر الكاردينال Vicenzo Paglia ، أن مقتل الشهيد الكاردينال روميرو، يدل على حقيقة إيمان هذا الطوباوي العظيم، الذي قتل بسبب إيمانه بالمسيح وليس من أجل قضية سياسيّة واهية. لم يُقتل الكاردينال روميرو في ساحة المدينة أو في غرفته الخاصة، بل قُتِل أثناء إحتفاله بالقداس، أي وسط الكنيسة المجتمعة حول الأسقف، حول المسيح الحاضر في الإفخارستيا وفي الجماعة الحاضرة التي تشترك مع كنيسة السماء وكنيسة الأرض في عرس الحمل الإلهي، فقد أرادت الحكومة، أن تسكت صوت الفقراء  في بلد السلفادور، لهذا أرسلت مجرمين الى الكنيسة لقتل الكاردينال روميرو دون أي رادع أخلاقي وأدبي، فدخل القاتل الى الكنيسة مصوباً بندقيته الى قلب الكاردينال أثناء إحتفال هذا الأخير بالقداس الإلهي، فقتل روميرو بدم بارد، فهوى أمام المؤمنين مضرجا بدم الشهادة.

يبقى تطويب الكاردينال أوسكار روميرو، حدثاً نبويًّا بامتياز، لأنه يعلّم الكنيسة ولاسيّما من يهتمون في الشأن العام وقضايا الناس، أهمية اللجوء الى تعليم الكنيسة الإجتماعيّة، لأنّه يشكلّ مادة خيّرة في تحقيق إنماء الشعوب والحدّ من مشكلات العصر أولها وأخطرها، الفقر. فإذا كنّا نرى ونسمع بين الحين والآخر، خطف مطارنة وكهنة ورهبان ومسيحيين وأبرياء، وتهديدات ووعيد بالجملة والمفرّق وعوز وبطالة وفساد إداري ومالي ومؤسساتي، دلالات واضحة تدلنا على التالي: أن الشر يريد قتل الكنيسة في الشرق عبر إسكات صوتها الى الأبد، لهذا نردد مع الطوباوي روميرو التالي : “لا أؤمن بالموت من دون بعث، فإذا قتلوني، فسأبعث من جديد في الشعب السلفادوري” لا بل في كل شعوب العالم، لأن القديسين شفعاء لنا…

 

 

 


[1] – مقابلة خاصة أجريت  في 3 شباط من سنة 2015، يوم أعلان حدث التطويب.

[2] – سيامته كانت بتاريخ 4 نيسان 1942

[3] – “كانت الحكومة العسكرية قد حمّلت حينها مسؤولية الإغتيال للثوار اليساريين ولكن تبين بعدها أن المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق فرقة الموت التابة للسلطات والموكلة  بتصفية المعارضين، وكان تم وضع المخابرات المركزيّة الأمريكيّة كذلك في دائرة الإتهام، وبسبب قانون العفو لم تتم معاقبة أحد على مقتل روميرو” (راجع ويكبيديا) راجع أيضاً موقع الأمم المتحدة www.un.org،والتي تضع مقتله في خانة ضحايا جرائم الحرب. 

[4] – اضطهد في حياته وحتى في مماته.

Share this Entry

الخوري جان بول الخوري

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير