بعد صدور الرسالة الحبرية العامة يوم الخميس الماضي، ما زالت ردود الفعل حيالها تتوالى، خاصة بالنسبة إلى من اعتبرها مليئة بالمفاجآت. فقد نشر موقع letemps.ch الإلكتروني مقالاً للكاتب ميشال دانتي اعتبر فيه أنّ الأب الأقدس قلب بعض المفاهيم لدى ذكره الأب اليسوعي تيلار دي شاردان والصوفي علي القواص.
فالأب تيلار دي شاردان معروف بنظريته المسمّاة “مجال نو” أو مجال العقل، وهو نوع من الضمير الشامل المشترك المتبلور حالياً في شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى فكرة نقطة أوميغا وفكرة المسيح الكونيّ. لكنّ اللافت أنّ نظرياته أثارت حفيظة الكنيسة الكاثوليكية منذ أكثر من 60 سنة، إلى أن اتّخذ البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني مواقف أكثر إيجابية من بعض أفكار تيلار دي شاردان، فيما أشاد البابا بندكتس السادس عشر بأفكار أخرى. والآن، ها إنّ البابا فرنسيس يحذو حذو سلفَيه ذاكراً دي شاردان في القسم 83 من رسالته الحبريّة. “إنّ نهاية درب الكون موجودة في كمال الله والذي نبلغه عبر المسيح القائم من بين الأموات، أي محور النضج الكوني”.
والأمر نفسه يتكرّر لدى ذكر الأب الأقدس عالِماً مسلماً وهو الصوفي علي القواص، بهدف دعم فكرته حيال الحضور الكلّي للعلم الروحاني في حياتنا اليومية، في القسم 233 من الرسالة الحبرية. فالقواص شدّد على ضرورة عدم فصل المخلوقات عن اختبار الله الداخلي، وعلى وجود “سرّ” في كل حركة وصوت في العالم، سواء كان الهواء، أو الأشجار المنحنية أو المياه الجارية والذباب الذي يطنّ أو حتى الأبواب التي تصرّ والعصافير التي تزقزق والمريض الذي يتنهّد… وهذا ما عبّر عنه الأب الأقدس بجملته: “إنّ الكون يُظهر نفسه عبر الرب الذي يملأه، إذ هناك علم روحاني في ورقة الشجرة وفي الطريق وفي الندى، كما في وجه الفقير”.