تابع الأب الأقدس يقول: أولاً الكنيسة هي جامعة لأنها البيت الذي يُعلن فيه الإيمان بكامله، وحيثُ يُقدّم الخلاص الذي حمله المسيح للجميع. فالكنيسة تجعلنا نلتقي برحمة الله التي تحولنا لأن المسيح حاضر فيها وهو الذي يعطيها الإيمان الحقيقي وملئ الحياة الأسراريّة وخدمة الكهنوت. في الكنيسة يجد كل واحد ما يلزمه ليؤمن ويعيش كمسيحي ويصبح قديسًا ويسير في كل مكان وزمان. تمامًا كما في حياة العائلة، في العائلة يُعطى لكل منا ما يسمح له بالنمو والنضوج. لا يمكننا أن ننمو وحدنا ولا يمكننا أن نسير وحدنا وننعزل عن الآخرين، لأن المسيرة والنمو يتمّان في جماعة وفي عائلة!
أضاف البابا فرنسيس يقول: في الكنيسة يمكننا أن نسمع كلمة الله ونتأكد أنها الرسالة التي أعطاناها الرب، في الكنيسة يمكننا أن نلتقي بالرب في الأسرار التي تُشكل النوافذ المفتوحة التي من خلالها يُعطى لنا نور الله، والسواقي التي نستقي منها حياة الله. في الكنيسة نتعلم عيش الشركة والمحبة التي تأتينا من الله. لذا فليسأل كلٌّ منا نفسه اليوم: كيف أعيش في الكنيسة؟ كيف أقبل العطايا التي تقدمها لي لأنمو وأنضج كمسيحي؟ هل أشارك في حياة الجماعة أم أنغلق على مشاكلي؟
ثانيًا، تابع الحبر الأعظم يقول، الكنيسة جامعة لأنها شاملة، فهي منتشرة في العالم وتعلن الإنجيل لكل رجل وامرأة. الكنيسة ليست مجموعة من النخبة ولا تخصُّ البعض فقط وإنما هي مُرسلة للجنس البشري بأسره. الكنيسة الواحدة هي حاضرة أيضًا في أصغر أجزائها، لذا يمكن لكل منا أن يقول الكنيسة الجامعة حاضرة في رعيّتي لأنها جزء من الكنيسة الجامعة ولها ملء عطايا المسيح: الإيمان والأسرار والكهنوت وهي في شركة مع الأسقف ومع الأب الأقدس ومنفتحة على الجميع دون تمييز. فالكنيسة تعانق العديد من الشعوب الذين يعلنون الإيمان عينه ويتغذون من الافخارستيا عينها. علينا أن نشعر بهذه الشركة مع الكنيسة ومع جميع الجماعات الكاثوليكيّة في العالم كبيرة كانت أم صغيرة! علينا أن نشعر أيضًا برسالتنا ونفتح أبوابنا ونخرج لإعلان الإنجيل. لنسأل أنفسنا إذا: ماذا أفعل لأنقل للآخرين فرح اللقاء بالرب وفرح الانتماء للكنيسة؟ لأن إعلان الإيمان والشهادة له ليس مسؤولية البعض فقط بل يخصني أنا أيضًا ويخص كل واحد منا!
ختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول: الكنيسة جامعة لأنها “بيت التناغم” حيث يجتمع معًا الوحدة والتنوع، إنها كالسينفونيّة التي تعزفها آلات متعدّدة، وحيث كل آلة موسيقيّة تحافظ على صوتها وميزتها ولكنها تنسجم مع باقي الآلات في الأداء والتناغم. الكنيسة هي كالأوركسترا المتنوعة: جميعنا مختلفون ولكل منا ميزاته وصفاته وهنا يكمن جمال الكنيسة: كلٌّ يحمل ميزته وما وهبه الله إياه ليغني الآخرين. لنسأل أنفسنا هل نعيش التناغم في جماعاتنا؟ هل نقبل الآخر ونقبل التنوع؟ حياة الكنيسة هي تنوع! لنصلي إذا إلى الروح القدس صانع هذه الوحدة والتناغم في التنوع ليجمعنا في هذه الكنيسة الجامعة والشاملة.
وفي كلمته للناطقين باللغة العربيّة قال الأب الأقدس: لسنة خلت وفي العاشر من تشرين الأول أكتوبر عام 2012 وبعد زيارته الرسوليّة إلى لبنان وتسليمه الإرشاد الرسولي: “الكنيسة في الشرق الأوسط شركة وشهادة” أدخل البابا بندكتس السادس عشر اللغة العربية في المقابلة العامة بحسب رغبة آباء السينودس ليعبّر لجميع مسيحي الشرق الأوسط عن قرب الكنيسة الجامعة من أبنائها الشرقيين! واليوم وفي حديثنا عن “جامعيّة الكنيسة” أطلب منكم أن تصلّوا من أجل السلام في الشرق الأوسط: في سوريا والعراق، في مصر ولبنان والأراضي المقدسة حيث ولد أمير السلام، يسوع المسيح! صلوا لكي يصل نور المسيح إلى كل قلب وكل مكان حتى أقاصي الأرض.