“إيطاليا هي قلب الكاثوليك وهي تملك حضارة السلام لذا أطلب من الشعب الإيطالي أن يساعد سوريا على حلّ الأزمة”. إنه نداء امرأة تحبّ أرضها حبًا شديدًا وتتألّم لرؤية بلدها يعاني الدمار منذ سنتين ونصف السنة. إنها امرأة عازمة، مهندسة ونائب في البرلمان السوري، إسمها ماريا سعادة وستقابل البابا فرنسيس يوم السبت مع بطريرك الروم الملكيين غريغوريوس لحّام. لطالما تلّقت الانتقاد على عهد بشار الأسد ولكن هذا لم يمنعها اليوم من الاعتراف بأنّ “الضمانة الوحيدة للشعب السوري وحماية الدولة هي بفتح خطوطًا ديبلوماسية مع دمشق”.
منذ بداية الأزمة، فهمت سعاده أنّ الإعلام كان بعيدًا كلّ البعد عن الواقع وذلك منذ أن رأت بأم عينها ما حصل في شوارع البلاد من جهل وفقر ودمار. سوريا البلد المعروف بتعايش الشعوب واحترام أديان بعضها البعض. إنما من يواصل تأجيج نيران الأزمة السورية؟ إنّ سعاده لا تشكّ أبدًا في أنّه يوجد أطراف خفية وراء ذلك وتشير بأصابع الاتهام إلى لاعبي الشطرنج من حيث أهمية البلاد على الصعيد الجيوسياسي. أولاً، ترى أنّه “توجد مسألة داخلية في البلاد” إنما يتمّ التلاعب بها لمصلحة بعض البلدان من منطقة الشرق الأوسط وأعضاء المجتمع الدولي الذين ينوون إسقاط النظام السوري.
ثمّ تستاء ماريا سعاده عندما تتحدّث عن أردوغان لتتهمّ تركيا بحكومة تملك “وجهًا مزدوجًا” فهي من ناحية تدعم الجماعات الإسلامية المتطرّفة وتمدّهم بالأسلحة ومن ناحية أخرى تظهر وجهها الجميل للغرب وأوروبا لتبيّن أنها دولة متحضّرة. وتتابع لتتحدّث عن فرنسا التي لطالما عُرفت بعلاقاتها المتينة مع سوريا منذ عقود تقف اليوم على الحياد ولا تشهد للحق وكذلك الولايات المتحدة التي تملك مصلحة في تعزيز التحالف مع اسرائيل وتغيير الأنظمة في المنطقة المعادية لها.
إنّ هذا المشهد الساخر من المصالح السياسية والمالية يكشف حقيقة محزنة فتطرّقت إلى موضوع المسيحيين الذين يلقون أقوى أساليب العنف ويُجبرون على مغادرة بلادهم. إنّ شبح الإرهاب يطارد سوريا اليوم من هجمات على المدارس والكنائس وخطف الكهنة والقتل الوحشي حتى للأطفال. وبرأيها لا يمكن إيقاف هذا العمل الإرهابي إلاّ من خلال ممارسة الضغط على البلدان التي تموّل الإرهاب في سوريا وتدعمه.
ولفتت سعاده على أولئك الذين يدعون بحق للسلام واعتبرت اللقاء الذي جمع البابا فرنسيس بالرئيس الروسي بوتين لفتة رمزية مهمة وهو يحمل في طيّاته ثقافة السلام إلى جميع أنحاء العالم.